كتبت مقالة بسيطة في يوم الطفل في 1/6/2011 ولكن عند اطلاعي إلى عمق معانات الطفل العراقي, فلم انشرها وبدأت بدراسة معظم ما هو منشور على الانترنيت وخاصة الحديثة منها عن هذه المعاناة. وقررت الكتابة عن الموضوع والذي يحتاج إلى أكثر من مقالة, وأبدأها بأطفال الشوارع.
أضحت ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر التي تثير قلق المجتمعات، خصوصا أمام تناميها و ازدياد عدد أطفال الشوارع يوما بعد يوم.
أنها قضية اجتماعية واقتصادية وأمنية خطيرة. أولاد وبنات يتسكعون وفى الطرقات ينامون, إشكالهم متعبة أحوالهم مزرية وثيابهم رثة اتخذوا من الشوارع مسكننا لهم. ومن بقايا الطعام قوتاً يسد رمقهم. ليس لديهم ما يندمون عليه بعد أن فقدوا كل شئ. مما يجعلهم عرضة للاستغلال من قٍبل المجرمين والمحتالين في أنواع مختلفة من الجرائم. بدءاً باحتراف التسول والسرقة وانتهاء بالمخدرات والدعارة. مما قد ينبئ عن ظاهرة اجتماعية خطيرة جدا.
إن تعريف أطفال الشوارع حسب منظمة اليونيسيف ينقسمون إلى صنفين: أطفال عاملين في الشوارع طول ساعات النهار ثم يعودون إلى أسرهم للمبيت، وأطفال تتقطع صلاتهم مع ذويهم ويكون الشارع مصدراً للدخل والبقاء.
أما منظمة الصحة العالمية فتصنف أطفال الشوارع إلى أربعة أقسام:
الأطفال الذين يعيشون في الشوارع.
الأطفال الذين تركوا أهلهم وسكنوا في الشوارع أو الفنادق أو دور الإيواء أو الأماكن المهجورة.
أطفال الملاجئ أو دور الأيتام المعرضون لخطر إن يصبحوا بلا مأوى.
الأطفال الذين تكون علاقاتهم بأسرهم ضعيفة أو واهية وتضطرهم الظروف إلى قضاء ليال خارج المنزل.
ومن الأسماء التي تطلق على أطفال الشوارع, الأطفال الهامشيين أو المهمشين، أطفال بلا أسر، المشردين الصغار، الجانحين، أطفال بلا مأوى، الأطفال المخذولين، أطفال العراء, وأطفال المزابل, و فيما بعضهم يصفهم بالقنابل الموقوتة التي تجوب شوارع المدينة ويمكن إن تنفجر في شكل جرائم وتخلق ظواهر سلبية من الصعب القضاء عليها لسنوات طويلة.
إن ظاهرة أطفال الشوارع ليست جديدة، وإنما كانت موجودة في ظل النظام البائد وهي إحدى نتائج الحروب التي خاضها النظام السابق أبان الثمانينات والتسعينيات والحصار الاقتصادي الجائر وكان النظام السابق في البداية يتكتم على الظاهرة، ويرفض الاعتراف بالحقائق المتجسدة واقعياً في نزعة دعائية في محاولة للفلفة تداعيات سياساته وحروبه ونتائجها المدمرة، خشية من تحميله مسؤولية ما حدث ويحدث، إلا انه اضطر إلى الاعتراف في السنوات الأخيرة بظاهرة أطفال الشوارع، بعدما لم يعد بالإمكان إخفاؤها وإطلالتها برأسها لكل عين يومياً، إضافة إلى انه جرى توظيفها سياسياً، وإلقاء مسؤولية نشوئها على الحصار وحده.
وبعد السقوط زادت إعمال العنف المسلحة وفقدان الأمن نتيجة للإرهاب والطائفية والقتل على الهوية وبقايا النظام السابق, والتي خلفت عددا كبيرا من الأيتام والأرامل، فكانت هذه الأمور سببا رئيسيا لارتفاع نسبة الأطفال العاملين بعد إن فقدوا معيلهم من جانب، والضعف الاقتصادي للأسر أدى بها لدفع أطفالها لممارسة المهن لتوفير المعيشة، وبالتالي ترك التعليم في المدارس, ولم نلمس أية إجراءات رادعة للحد منها من قبل السلطات المسئولة، مثلما لم تتحرك منظمات المجتمع المدني بالشكل المطلوب للتصدي لها، مع أنها بدأت تأخذ أبعاداً إجرامية خطيرة.
وهناك دراسات بينت إن العراق كان عام 1999 يحتل المرتبة الرابعة على صعيد الوطن العربي في شيوع الجريمة، فقد أرتفع عدد الجرائم التي ارتكبها الإحداث، وخاصة الطلاب، من 1404 جريمة عام 1995 لتصبح 1669 جريمة عام 1998و1826جريمة عام 1999.
بعد السقوط تحول أطفال الشوارع إلى ضحية سهلة لمافيا المخدرات وفريسة للدعارة والاغتصاب ولتجارة الأعضاء البشرية.
عن تقرير اليونيسيف في 89 مايو, 2011 عن أطفال العراق كشفت فيه عن وجود مليون طفل عراقي تقريبا تحت خط الفقر كما تقدر حجم عمالة الأطفال في العراق بنحو 800 إلف طفل.
و قدرت في عام 2008 نسبة العمالة بين الأطفال بـ 11% من الأيدي العاملة". حيث ينتشرون في المدن عند تقاطعات المرور والإشارات الضوئية والكراجات، والساحات العامة، وفي الشوارع، والأسواق، والمحلات التجارية ويمارسون مهنا خطيرة مثل الإعمال التي تستخدم فيها الآلات الحادة كالمنشار الكهربائي أو اليدوي إلى جانب إعمال الحمالة المجهدة والبناء، و بعضهم يجمع أعقاب السجاير و يمتهن التسول والبعض الآخر يبيع حاجيات مختلفة كالحلويات و العلكة وقناني الماء، والبعض الآخر يقدم خدماته في غسل السيارات إثناء توقفها عند الإشارات المرورية، وتنظيف الأحذية ، كما يعملون في دفع عربات اليد، وحمل أكياس التسوق، وينقِّبون في مقالب النفايات وسط القاذورات بحثاً عن أشياء من المعادن أو البلاستيك لبيعها ولا ينفكون عن التوسل بسائقي السيارات للشراء منهم، وجل ما يفعلونه هو التسول المبطن تحت غطاء بيع بعض الحاجيات، والغريب إن هذه الظاهرة أصبحت مهنة للكثير من الأطفال. ويمارس بعضهم إعمال نهب وسلب.
وجميع هؤلاء الأطفال والإحداث الذين يزاولون تلك المهن قد انقطعوا عن الدراسة، واغلبهم لا يجيد كتابة اسمه الثلاثي!
نرى إن معظم أطفال الشوارع في العراق يحملون السكاكين والآلات الحادة وهم من مدمني السجائر والخمور والمخدرات، وخصوصا المصنعة محليا والمتوفرة في الأسواق مثل استنشاق مواد الثنر والبنزين والسيكوتين وكذلك أنواع الحبوب المخدرة المختلفة التي تباع في الأسواق الشعبية كستيلازين وارتين، حتى بات منظر الأطفال الذين يضعون قطعة قماش على أنوفهم مليئة بمادة من المواد المذكورة.
وقد تعرض الكثير منهم إلى اعتداءات جنسية. بل وتحول بعض الأطفال إلى مشروع جنسي حقيقي، يمارس الجنس مع الكبار مقابل ثمن يتفق عليه مقدمًا, وتؤدى الممارسات الجنسية إلى تعرض الأطفال للعديد من المخاطر الصحية بما في ذلك الإصابة بالأمراض النفسية والإصابة بمرض الإيدز، والأمراض التناسلية، وحالات الحمل غير الشرعي, و بيع قسم منهم في سوق النخاسة و قسم أخر يتم قتلهم وأخذ الأجزاء المناسبة منهم وخاصة بيع الكليتين ودفنهم .
أن استمرار العنف مسئول عن تزايد أعداد المشردين والمتعاطين للمخدرات من الأطفال, وكطرق سهلة لنسيان مآسيهم.
إن هؤلاء الأشخاص لو تتبع احد طبيعة عملهم لوجد انه يوجد مافية نستطيع إن نسميها وراءهم للعمل في هذا المجال وذلك لو راقبت عملهم لوجدت انه يوجد شخص يقوم بتوزيعهم على إشارات المرور وفي وقت حسب توقيته يقوم بجمعهم وهنا نسميها متاجرة بالمتسولين, ولا يتردد المسلحون في استخدامهم في هجماتهم أو قتلهم في إعمال انتقامية.
إن هؤلاء الأطفال يفهمون الشارع بطريقة مختلفة عن الكبار، فالشارع بالنسبة لهم إما منتج أو عقيم، ودي أو عدائي طوال اليوم.
يخطئ البعض عندما يعتقدون أن عمل الأطفال, أعمال معقولة، أنها تزرع روح المسؤولية في نفوس الأطفال أو تنمي قدراتهم في التعامل مع الناس أو تنمي الشعور بأهمية الكسب.
وأوضح احد التقارير بان هؤلاء الأطفال يعيشون أوضاعا صعبة ويمارسون إعمالا شاقة مثل العمل في البناء والحمالة والحدادة وان 86% منهم يعملون طوال النهار وان 60% منهم يعملون بصورة مستمرة على مدار السنة وان 10% منهم غير متعلمين وان 90% منهم إباؤهم لازالوا على قيد الحياة.
إن نيويورك تايمز ذكرت في تقرير لها عن معاناة الأطفال المعاقين وإهمال الحكومة لهم و ذكرت بان هناك نحو 3 ألاف طفل انتهى بهم المطاف بعد مقتل ذويهم، إلى ملاجئ الأيتام البائسة التي تديرها مجموعات إعانة أو الحكومة، فيما انتقل آخرون للعيش مع غوائلهم الأكبر والأبعد، لكن هناك ألاف الأطفال ممن لم يتم تعدادهم، يجوبون شوارع بغداد والمدن الأخرى، وينامون في البنايات المقصوفة، ويقتاتون على الازبال، ويبيعون حلوى السمسم والمناديل الورقية للسيارات المارة.
في مقال تحت عنوان أطفال العراق الجديد وتجارة الجنس البغيضة في 10/8/2010
أصدرت الشبكة الموحدة للإعلام الإقليمي حول الشؤون الإنسانية والتي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة تقريرا حول ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال في العراق الجديد.
ويستعرض التقرير حالات متباينة ويلتقي بأطفال يُستغلون جنسيا بعضهم يعمل برضاء أهله وبعضهم يخشى القتل على يد الأب أو الأقارب إذا ما عرفوا بوضعيته وحالته.
كما يشير التقرير لبعض الأطفال والذين يرغمون على بيع أجسامهم لطلاب المتعة الحرام..
وينقل التقرير مقابلة مع زعيم بارز لواحدة من تلك العصابات والتي لا يجد حرجا من التصريح بطبيعة عمله معتبرا إن ما تقدمه عصابته عملا مثل بقية الإعمال.
وفي تقرير أخر يتطرق إلى التعرض الجنسي للأطفال الذين يتراوح أعمارهم 6-7 سنوات فما فوق و حمل الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن من 10-12 سنة و ألان في كثير من المحافظات في العراق توجد أماكن التي تستخدم لممارسة الجنس مع الأطفال.
إن العنف الطائفي حصد أولياء أمور هؤلاء الأطفال, وأصبح 60% من الأطفال الأيتام معيلين لعائلاتهم. ويعامل هؤلاء الأطفال بقسوة و إهمال شديد. أطفال يبحث قسم منهم عن فرصة عمل في سوق العمل المحلي لسد حاجة غوائلهم المعيشية لفقدان المعيل بسبب التشرد والقتل , والذي تولد ضغوط تترك أثرها على نفسية الأطفال الأمر الذي يؤدي إلى تنشئة جيل يعاني من أمراض نفسية التي تلقي بظلالها على نمو المجتمع وحركته في الحياة، وحرم جميع الأطفال في العراق من براءة الطفولة.
نوهت النائبة صفية السهيل إلى ظاهرة عمالة الأطفال في الأسواق التي تعد من اخطر الظواهر التي تعرض الطفل إلى العنف بكافة أنواعه ، وهي منافية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكل قوانين العمل خاصة إن العراق عضو في المنظمة الدولية للعمل والمنظمة العربية للعمل ، وعليه إن يلتزم بتعاليم هاتين المنظمتين.
وتقول الباحثة الاجتماعية أسماء الربيعي إن الأطفال في العراق يعانون من ظروف بائسة وان الحرب الأخيرة تختلف عن سابقاتها حيث انتقل الصراع إلى داخل المدن التي باتت مسرحاً للعمليات العسكرية وما تتركه صور القتل والأجساد والرؤوس المقطعة في مخيلة الطفل من اثأر جسيمة.
ننهي هذا الجزء ببعض مقاطع من شعر أطفال الشوارع للشاعرة المصرية نهى محمود
لما
الدنيا تضيق وتضيق
وتقتل فرحة طفل برئ
يعرف إن الفقر ده حاله
وإن الكون على قد جماله
نقطة في بحر غريق وغميق
يخرج بره البيت للشارع
يسرق .. يشحت
يمكن يقتل
أيوه صحيح
إيه المانع
يطلع مجرم ولا حرامي
يدمن يمرض
يحمل كل الحقد وكرهه لينا وليكم
يعمل إيه
ملقاش حد يضمه لصدره
يسمع منه
يشيل شئ عنه
http://almadapaper.net/news.php?action=view&id=19040
http://www.annabaa.org/nbanews/57/222.htm
http://www.uragency.net/ur/news.php?cat=politic&id=240
http://www.iraqi.ch/forum/index.php?showtopic=7567
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=98296
http://www.agentspro1.com/vb/pro122068.htm
http://sawtalahali.net/news-1026.html
http://www.amanjordan.org/a-news/wmview.php?ArtID=18870
يتبع