الإنتحار جريمة لا تغفر

الإنتحار هو قتل النفس التي خلقها الله، والأسباب التي تدفع المنتحر إلى هذا العمل كثيرة منها ، الإكتئاب أو الفشل في العمل او الدراسة أو بسبب الإضطرابات النفسية أو بسبب الظلم والإضطهاد المستمر وغيرها من الأسباب لهذا يلجأ الإنسان إلى التفكير في إنهاء حياته بنفسه، ووسائل الإنتحار كثيرة كالأسلحة النارية أو عقاقير طبية أو عن طريق الشنق أو طعن الجسد بآلة حادة أو القفز من أماكن مرتفعة أو بطرق أخرى.

الإنتحار خطيئة لأن المنتحر يكسر الوصية الخامسة من وصايا الله العشرة التي تقول ( لا تقتل ) إنها خطيئة مميتة لا تغفر لأن المنتحر لن تبقى له فرصة للتوبة وطلب المغفرة لتلك الجريمة ولما يحمل من خطايا. لهذا نقول، المنتحر يفقد الرجاء بالله بإنهاء حياته بتلك الطريقة البشعة. وإنهاء حياة الإنسان هي من سلطة الله وحده، تقول الآية:

الله الذي خلق الإنسان بيده نفس كل حي ، وأرواح البشر أجمعين. " أي 10-12 ".

إذاً لا يستطيع الإنسان أن يتصرف في حياته ولا يوجد أي تبرير لقتل النفس مهما كانت الأسباب. ففي عالم الكتاب المقدس نجد شخصيات بارزة وجدت لها حجج لتنتحر، فملك سكيم " أبيمالك " جُرِحُ أثناء الحصار، فأمر حامل سلاحه بالإجهاز عليه ( راجع قض 54:4 ). أمر الآخر بقتله هو إنتحار أيضاً لأنه هو الذي أمر بإنهاء حياته. كذلك شاول الملك سقط جريحاً في أرض المعركة بسبب السهام التي وجهت صوبه من قبل أعدائهِ فأمر حامل سلاحه أيضاً لكي يقتلهُ بسيفهِ لكي لا يسقط بأيدي الفلسطينيين الغلف. فعندما إمتنع الحارس من تنفيذ أمره سَقط هو وبإرادته على سيفه وإنتحر ( 1 صم 31: 4-5 ).

كذلك نطالع قصة زمري قائد نصف فرقة المركبات في عهد الملك إيلة بن بعشا الذي إختال إيلة الملك، فتوجه القائد عُمري وكل الجيش من جبثون وحاصروا ترصة التي لجأ إليها زمري إلى أن سقطت. فلما رأى زمري أن المدينة سقطت، دخل قصر الملك وأشعل فيه وفي نفسه النار، فمات. " 1 مل 16: 8 و 1-18 ). وفَضّلَ رازيس الرجل التقي في عهد المكابيين ان يقتلَ نفسهُ على أن يقبض عليهِ جند نكانور ( راجع 2 مك 14: 41-46 ) أما في سفر طوبيا فنطالع قصة سارة التي خجلت من موت سبعة أزواج لها على التوالي، ففكرت يوماً ان تشنق نفسها " طو 10:3".

وأخيراً رأى أحيتوفل أن إبشالوم لم يعمل بمشورته، فشنق نفسهُ ( 2 صم 23:17 ).

اربع من هذه الحالات كانت في وقت الحرب ولا تعبّر رواية طوبيا إلا عن قصد. أما حالة أحيتوفل، فهي وحدها إنتحار عن يأس. واليأس من الحياة يدفع بعض الناس إلى هذه الجريمة. لكن كل إنتحار مهما كانت أسبابه ومبررراته لا يحتوي على تقييمات أخلاقية، فسارة بنت طوبيا عدلت عن مشروع انتحارها لسبب واحد وهو، لكي لا تنزل الغم بأبيها. أما رازيس فينظر إليها نظرة تفهّم، فاختار أن يموت بكرامة ولا يصير في أيدي المجرمين إحتراماً لحياتهِ.

كما عرف الدين اليهودي في أدبياته فعلاً مشهوراً وهو، مثل الغيورين السبعمئة الذين حاصرهم الرومانيون في مسادة ففضلوا أن يقتل بعضهم بعضاً ليموتوا أحراراً بدل أن يكونوا عبيداً للعدو.

أما العهد الجديد فلم يدوِن قصص عن الإنتحار إلا إنتحار يهوذا الإسخريوطي ويبدو أن متى البشير تذكر نص ( 2 صم 17 ) حين وصف موت يهوذا بالشنق، فهذه الكلمة نادرة الإستعمال.

هناك من يطلب إنهاء حياته من الطبيب بقطع جهاز التنفس الإصطناعي منه ليموت، فهذا العمل في نظر المسيحية هو إنتحاراً. والطبيب الذي يشجع مثل هذا العمل فيطلب من أهل المريض لكي ينهي حياة قريبهم فإنهم معاً يشاركون في هذه الجريمة التي تسمى ب " الموت الرحيم " بل هي جريمة قتل وليس موتاً طبيعياً، يتقاطع هذا العمل مع نصوص الإنجيل المقدس ورأي قادة الكنيسة. قال أحد الأساقفة الذي كان طبيباً لمدة 25 سنة، بعض الأطباء يعطون المريض كميات مضاعفة من المروفين التي تسبب في تثبيط في تنفسه، وحين يهبط التنفس يموت الإنسان. والغاية هنا إنهاء حياة المريض عن قصد.

الإنتحار في عيني الرب هو شر، والله يحيى الذين يحبهم، وهذا المبدأ الثابت الذي تلقاه إسرائيل على جبل سيناء، ولن يعيد البحث فيه لكن بعض الأفراد أو الجماعات لا تتحمل الآلام أو المصاعب فتلجأ إلى إنهاء نسمة الحياة التي أعطيت لها من خالقها. المؤمن لا يفكر بالإنتحار بسبب الفشل في الحروب أو بسبب شدة الإضطهاد أو لشدة المرض، بل يسلم أمره لله لأن جسده هو سكنى الروح القدس، إذاً له رجاء في الله الساكن فيه وهو سيحرره من كل فكر سيء يدفعه إلى جريمة الإنتحار، وإن قتل من قبل المجرمين فإنه سينال أكليل الشهادة ليتعمد العماد الثاني بدمه فينتقل من آلام هذا الدهر إلى الخلود والحياة الأبدية مع الله.

توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"

مشاركاتكم (0)