
يُعدّ هذا الختم دليلاً نادراً على تواصل كتابي بين ملك آشور وملك يهوذا. حقوق الصورة: إلياهو ياناي، مؤسسة مدينة داود
عشتارتيفي كوم- archaeologymag.com/
بقلم داريو رادلي، 22 تشرين الاول أكتوبر 2025
اكتشف علماء الآثار نقشًا آشوريًا استثنائيًا يعود إلى فترة الهيكل الأول في القدس، وهو الأول من نوعه الذي يُعثر عليه في المدينة. تم العثور على هذه القطعة الصغيرة من الفخار، التي يبلغ قطرها 2.5 سنتيمتر فقط والمكتوبة بالخط المسماري الأكادي، بالقرب من حائط البراق "حائط المبكى" في حفريات أجرتها سلطة الآثار الإسرائيلية ومؤسسة مدينة داوود.
يعود النقش إلى حوالي 2700 عام، ويُرجح أنه كان جزءًا من ختم ملكي على وثيقة رسمية أُرسلت من البلاط الملكي الآشوري إلى مملكة يهوذا. يعتقد الباحثون أنه قد يشير إلى تأخر في دفع الجزية، ربما مرتبطًا بفترة توتر أو تمرد كما ورد في الكتاب المقدس عندما ثار الملك حزقيا ضد الحكم الآشوري.
تم استرداد القطعة عبر التنخيل بالماء في حديقة ديفيدسون الأثرية بالقدس لضمان أصالتها. بحسب فريق البحث، فإنها تمثل دليلاً مباشرًا على مراسلات بين آشور—القوة المهيمنة في الشرق الأدنى القديم—ويهوذا، الدولة التابعة سابقًا. تتضمن الوثيقة تاريخًا («أول شهر آب») وتذكر «ضابط المركبات»، أي رسول ملكي كان مهمته تسليم الرسائل الرسمية.
أُخذت الطبقة الترابية التي تحتوي على النقش من ترسبات تعود إلى فترة الهيكل الثاني في قناة الصرف الصحي القديمة بالقدس. يعتقد علماء الآثار أنها نتجت عن انهيار مبنى أقدم يعود إلى فترة الهيكل الأول، بالقرب من أحد أقرب المواقع المعروفة غرب المسجد الأقصى التي تحتوي على بقايا من تلك الحقبة.
كشف التحليل البتروغرافي أن الطين ليس محليًا، بل جاء من حوض دجلة—موطن المدن الآشورية الكبرى نينوى، آشور، ونمرود (Kalḫu)، ما يثبت أن الوثيقة أُنتجت في مركز إداري آشوري وأُرسلت إلى القدس. ويجري حاليًا دراسة كيميائية من قبل هيئة المسح الجيولوجي الإسرائيلية لتحديد أصلها الدقيق.
رغم أن النص غير مكتمل، فقد فسّره العلماء دليلاً على توترات سياسية بين يهوذا والإمبراطورية الآشورية، ربما بسبب تخلف يهوذا عن دفع الجزية. يكشف الاكتشاف مدى نفوذ الآشوريين في أورشليم وآليات التواصل الإمبراطوري في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن السابع قبل الميلاد.
يشهد هذا الاكتشاف على أهمية أورشليم كمركز إداري وسياسي حتى تحت السيطرة الإمبراطورية. فهو دليل على اندماج المدينة في النظام الدولي آنذاك، حيث كانت الرسائل والأختام والوثائق الضريبية تتداول بين أقوى إمبراطورية في العالم وتابعها الغربي.
تم عرض النقش على الجمهور في 23 تشرين الاول أكتوبر خلال مؤتمر "اكتشافات جديدة في أورشليم ومحيطها".