( طوبى لأطهار القلوب، فإنهم يشاهدون الله )
الله يدعو كل إنسان إلى امتلاك قلب نقي ومحب للبشر. وكل مسيحي مؤمن يدعوه الله إلى هذا المشروع المهم الذي كان يدعو إليه كل الذين سبقونا في الإيمان. الإنسان إذاً مدعو إلى تطهير جسده الذي هو عطية من الله، فعليه أن يحافظ على تطهيره لأنه سكنى الروح القدس. جسد كل إنسان مؤمن هو جزء من جسد الكنيسة المقدسة عروس المسيح الطاهر. فالمطلوب منا هو أن نشع جمال القداسة، لأنه مكتوب: كونوا قديسينَ لأني أنا قدوس. " 1 بط 16:1". فأفعالنا ينبغي أن ترتكز على قاعدة المحبة والعطاء لأنها جمال الحياة المسيحية، بل حياة كل إنسان مطلوب منها النضال في سبيل الطهارة وبكل قوة وعناد وتواضع، متمسكين بكلمة الحياة " فل 15:2". وهذا ما يطلق عليه الكتاب " سلاح النعمة ".
من مظاهر الطهارة هو الالتزام بالحشمة والرزانة لكي نقدم طبيعياً لنظر الآخرين احترام الذات، وعندما يغيب معنى الحشمة في حياة الإنسان فإن نزعة الشهوة تصبح مجردة ورخيصة من كل شعاع روحي ليبتعد من الطهارة المطلوبة من كل من يريد السير إلى الكمال الروحي.
شباب اليوم السائرين خلف صيحات المودة وإعلانات الإنترنيت والوسائل الحديثة الكثيرة عليهم أن يستيقظوا ويخجلوا من كل ما يقودهم إلى ممارسة الأعمال التي تبعدهم عن الطهارة. زينة المرء ليست بالثياب الفاخرة والحلي الغالية، إنما هي بالأخلاق، لهذا أوحى الرسول بطرس النساء المؤمنات في عصرهِ، فقال لهنَ : لا تكن زينهن زينة ظاهرة ... بل الخفي من قلب الإنسان. أي زينة بريئة من الفساد لنفس وادعة مطمئنة، ذلك هو الثمين عند الله. " 1 بط 3: 4..".
أما دوستويفسكي فعبّرَ عن الحشمة بأنها زينة الطهارة. قال: أن العالم سيخلص بالجمال. إلا أنه أضاف وقال: ليس في العالم سوى كائن واحد جميل على وجه الإطلاق، والذي ظهوره هو أعجوبة للجمال.
الطهارة هي ما يتيح لجمال المسيحي الإلهي أن يظهر ويشع على وجه شاب أو شابة مسيحية. والحشمة هي شهادة رائعة للعالم.
كتب الرسول بولس قائلاً : كل شيء ظاهر للإطهار . " طي 15:1". يجب أن تفوق طهارة المؤمنين في العالم على ما في العالم، لهذا قيل: أن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم. " 1 يو 4:4".
ومن التطويبات التي أطلقها يسوع للعالم هي لأنقياء القلوب، قال : طوبى لأطهار القلوب، فأنهم يشاهدون الله . " مت 8:5".
حقاً الإنسان الطاهر عيوناً برى فيها الله وهو ما يزال في هذا العالم. عيون تكشف كل جميل وتفرز كل قبيح. وكل ما هو حق، وما هو باطل. معاً هو حياة وما هو موت.
في الختام نقول: سيكون للطاهر عيوناً مثل عيون سيدنا وفادينا، ومثل عيون أمنا مريم. علينا إذاً أن نُغرَم بجمال المسيحية، الذي ينبغي أن تطلبه الخلائق من الله مصدر كل جمال والذي يكشف روعة الجمال لذوي العيون النقية، والقلوب الطاهرة. ومن ثمة لا تتوقف الطهارة من بعد على قول " لا للخلائق" بل مع قول ( نعم ) لها. نعم، بصفتها خلائق الله التي كانت وما تزال حسنة جداً، ولكن لكي يتسنى لنا أن نقول ( نعم ) يجب أن نجتاز بالصليب وذلك لأن نظرتنا بعد الخطيئة اضطربت وتشوهت. فقد هاجت الشهوة فينا. والجنس لم يعد هادئاً، بل صار قوة غامضة ومهددة تجرّنا رغم إرادتنا ضد إرادة وشرائع الله ، فعلينا أن نصد كل تيار للعدو الذي يريد أن يشوِه طهارتنا.
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"