صحيفة سويسرية: الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط بين التهديد والتراجع الديموغرافي      ناقوس كنيسة الطاهرة الكلدانيّة سيُقرَع في الموصل مجدّدًا      ‎قداسة البطريرك مار افرام الثاني يستقبل سيادة محافظ دمشق الأستاذ ماهر محمد مروان أدلبي      الثقافة السريانية تفتتح مهرجان الفن التشكيلي في عنكاوا      المسيحيون في "جديدة عرطوز " يواجهون مخاوف متجددة تحت النظام السياسي الجديد في دارمسوق (دمشق)      «زرعوا الأمل والرجاء»... خبرة حجّاج عراقيّين في يوبيل الشبيبة      البطريرك ساكو يستقبل السيد فارس عيسى رئيس ممثلية كوردستان في بغداد      فيديو.. مسيحيون آشوريون يحجّون إلى كنيسة مار قيوم في دهوك      جامعة الموصل في العراق تفتتح قسم اللغة السريانية، في خطوة تُعدّ محطة هامة في إحياء التراث الثقافي      غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يقدّم التعازي للفنّانة فيروز وأفراد عائلتها بوفاة ابنها الموسيقار اللبناني زياد الرحباني      أكثر من 2.7 مليون مواطن في إقليم كوردستان ينعمون الآن بالكهرباء على مدار الساعة عبر مشروع رووناكي      ضربة تقضي على النووي.. مخاوف من عودة الحرب بين إيران وإسرائيل      العراق و سوريا والجزائر من بين أعلى "رسوم ترامب" الجمركية      المعلمون في خطر.. خاصية جديدة في "تشات جي بي تي" تشرح الدروس      الأولى من نوعها.. حقنة ثورية تنهي معاناة فقدان السمع نهائيا      نادي قرقوش الرياضي يفوز ببطولة العراق بكرة الطائرة للشابات تحت 20 سنة      شباب إيطاليا يحتشدون في ساحة القديس بطرس لإعلان الإيمان بالسلام      مبابي على خطى رونالدو.. الرقم 10 بداية الأسطورة الجديدة      إقليم كوردستان يعزّز إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر بعقوبات مشدّدة      المسيّرات تعرقل تنفيذ اتفاق بغداد وأربيل بشأن الرواتب وتصدير النفط
| مشاهدات : 380 | مشاركات: 0 | 2025-08-01 06:35:56 |

‏الوظيفة الحكومية.. الحلم الذي أصبح فخاً

محمد النصراوي

 

 

‏‏ليست الوظيفة الحكومية في العراق مجرد فرصة عمل، بل هي وعلى مدى عقود تمثل ذروة الطموح الاجتماعي، وممراً آمناً إلى الاستقرار الشخصي والاحترام المجتمعي، ولأن الدولة هي التي تدفع وهي التي تسيطر على السوق وهي التي ترعى، صار الاقتراب منها - عبر التوظيف - كأنه نجاةٌ فردية من مستقبلٍ غامض لا يملك فيه الفرد حيلةً ولا بديل.

‏لكن وبمرور الوقت تغيرت ملامح الحلم، وباتت الوظيفة لا تضمن الرخاء ولا توفر الطموح، ولا تحقق حتى الأمان الذي طالما تغنى به الناس، فالعراقي اليوم، رغم نيله الوظيفة، قد يبقى لسنواتٍ بلا ترقية، بلا إنتاجٍ فعلي، وربما بلا معنى واضحٍ لوجوده في مؤسسته، أما الدولة، فتبدو كأنها تُطعم موظفيها من جسدها وتُراكم عليهم الديون، لتُسكتهم لا لتبني معهم.

‏جوهر الأزمة، أن الوظيفة لم تعد مرتبطةً بحاجة مؤسسات الدولة بل أصبحت وسيلةً لتفريغ الاحتقان، أو لتمرير رسائل سياسية أو لكسب جمهورٍ انتخابي على حساب الكفاءة والاستدامة، هذا ما حول الجهاز الإداري إلى كيانٍ مترهل، لا ينتج بقدر ما يستهلك ولا يتحرك إلا ببطء، لأن حركته ليست نابعةً من الحاجة بل من العادة.

‏ولأن الجميع يتجه إلى الدولة، قل الإقبال على السوق، وتضاءل الإيمان بالمشاريع الصغيرة وأُصيبت ثقافة المبادرة بشللٍ تدريجي، فكيف لشاب أن يؤمن بريادة الأعمال في ظل بيئةٍ تضع الراتب الحكومي فوق كل فكرة، وتحبط كل محاولةٍ للنجاة خارج حدود التعيين الرسمي؟ هكذا، نشأ جيل يرى في الانتظار فضيلة وفي الراتب ضماناً، وفي غياب المبادرة واقعاً مفروضاً لا فكاك منه.

‏الأخطر من كل ذلك، أن الدولة نفسها لم تعد قادرة على الإيفاء بوعد الوظيفة، ولا على فتح أبواب التعيين بلا حساب، لكنها في الوقت نفسه لا تجرؤ على قول الحقيقة، فتكتفي بتأجيل المواجهة، أو بإطلاق دفعات وهمية، أو بتثبيت العقود القديمة لإسكات شارعٍ يزداد غضباً، ويزداد اعتماداً على ما لم يعد موجوداً أصلاً.

‏في العالم من حولنا، تتحول الوظائف تدريجياً إلى كيانات مرنة، رقمية، تواكب الذكاء الاصطناعي وتدخل عصر ما بعد المكتب، أما في العراق، فنحن نُعالج مشكلات الأمس بمنطق ما قبل الأمس، وننفق مواردنا في إرضاء نظامٍ وظيفي ميتٍ سريرياً، بينما يركض الآخرون خلف المستقبل.

‏لقد آن الأوان لإعادة النظر في كل المنظومة، لا من باب الصدمة بل من باب الإنقاذ، فالوظيفة ليست عدواً لكنها لم تعد الحل الوحيد ولا يجب أن تبقى الحلم الأكبر، الدولة التي تُصر على إنقاذ نفسها عبر مزيد من التوظيف، إنما تدفع ثمن بقائها من مستقبل أبنائها.

‏والمواطن الذي لا يرى من الدولة سوى "درجةٍ وظيفية"، سيبقى مرهوناً بسقف منخفض، لا يملك فيه القدرة على الحلم خارج الورقة الرسمية.

 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4240 ثانية