كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا وصحتنا النفسية؟

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث غيّرت طريقة تواصلنا واستهلاكنا للمعلومات. ومع وجود ما يقارب 5 مليارات مستخدم حول العالم ومتوسط استخدام يومي يتجاوز الساعتين، فإن منصات مثل "إنستجرام"، و"فيسبوك"، و"تيك توك"، لها تأثير عميق على صحتنا النفسية وحياتنا الاجتماعية.

وبينما توفر هذه الوسائل فرصاً للتواصل في كل الأوقات والتعبير عن الذات، إلا أن تأثيرها على الصحة النفسية مُعقد ويحمل العديد من الجوانب الإيجابية والسلبية.

التواصل وبناء المجتمعات

يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تعزز الشعور بالانتماء والدعم، خاصة لأولئك الذين يشعرون بالعزلة في حياتهم الواقعية.

كما تتيح الوصول إلى مجتمعات تدعم الهويات المختلفة، وتوفر مصادر للمساعدة النفسية، وتشجع على طلب الدعم. ويجد الكثير من الشباب أيضاً القبول والتفهم عبر الإنترنت، وهو ما قد يفتقدونه في محيطهم القريب.

وتعد وسائل التواصل أيضاً مصدراً غنياً للمعلومات ومساحة للتعبير الإبداعي، مما يساعد المستخدمين على تخطي أوقاتهم الصعبة والشعور بأنهم ليسوا وحدهم.

الجانب المظلم: قلق واكتئاب

وعلى الرغم من هذه الفوائد، تشير العديد من الدراسات إلى وجود علاقة قوية بين الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وزيادة مخاطر القلق، والاكتئاب، والشعور بالوحدة، وانخفاض تقدير الذات.

الأسباب وراء التأثيرات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي:

المقارنة الاجتماعية: غالباً ما تعرض المنصات صوراً مثالية للحياة، ما يدفع المستخدمين إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين بشكل سلبي، ويؤدي إلى الشعور بالنقص أو الحسد.
الخوف من فقدان الفرص (FOMO): رؤية الآخرين يشاركون في مناسبات، أو يعيشون حياة تبدو أكثر سعادة يمكن أن يزيد من القلق والرغبة المستمرة في متابعة الأخبار.
التنمر الإلكتروني: تعد وسائل التواصل بيئة خصبة للتحرش والتنمر، حيث أبلغ ما يقارب نصف مستخدمي الإنترنت عن تعرضهم لشكل من أشكال الإساءة الإلكترونية، والتي قد تترك آثاراً نفسية عميقة.
السلوكيات الإدمانية: نظام المكافآت الفورية من الإعجابات والتعليقات يمكن أن يجعل وسائل التواصل إدماناً، ما يؤدي إلى قضاء وقت طويل أمام الشاشات وصعوبة الانفصال عنها.
اضطرابات النوم: التصفح الليلي والتعرض للضوء الأزرق يؤثران سلباً على جودة النوم، مما ينعكس على المزاج والتركيز.

التأثير على الحياة اليومية والعلاقات

الاستخدام المفرط لوسائل التواصل قد يقلل من التفاعل الواقعي، وهو أمر أساسي للصحة النفسية. ومع الوقت، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الشعور بالعزلة والوحدة رغم البقاء "متصلين" طوال الوقت.

"يؤثر التصفح المستمر لوسائل التواصل الاجتماعي سلباً على الإنتاجية والتركيز، بسبب تشتيت الانتباه عن العمل أو الدراسة."

Perplexity

كما تتأثر الإنتاجية والتركيز، حيث يتسبب التصفح المستمر في تشتيت الانتباه عن العمل أو الدراسة أو حتى الاستمتاع باللحظات الخاصة.

الفئات الأكثر عرضة للخطر

تعد فئة الشباب أكثر عرضة للتأثر السلبي بوسائل التواصل الاجتماعي، إذ أظهرت الدراسات وجود ارتباط قوي بين الاستخدام المكثف وظهور أعراض الاكتئاب والقلق لدى المراهقين.

كما أن الضغط للحفاظ على صورة معينة والخوف من الرفض أو السخرية يمكن أن يكون مرهقاً. أما من يعانون من مشاكل نفسية مسبقة، فقد يؤدي الاستخدام المفرط إلى تفاقم الأعراض.

نصائح للاستخدام الصحي

رغم المخاطر، ليست وسائل التواصل الاجتماعي ضارة بطبيعتها، بينما ينصح الخبراء بالاعتدال والوعي عند استخدامها.

أبرز النصائح لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي:

تحديد وقت محدد للاستخدام وأخذ فترات راحة منتظمة.
متابعة محتوى إيجابي وداعم.
ممارسة أنشطة واقعية وتوطيد العلاقات الحقيقية.
طلب المساعدة عند الشعور بالحزن أو القلق المستمر بسبب وسائل التواصل.

وفي الختام، يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تصبح أداة قوية تثري حياتنا أو تؤثر سلباً على صحتنا النفسية. ويعتمد التأثير في النهاية على طريقة وأسباب ومدة الاستخدام. من خلال الوعي بالمخاطر والفوائد، يمكننا اتخاذ قرارات مدروسة تحمي صحتنا النفسية وتسمح لنا بالاستمتاع بمزايا التواصل الرقمي.

مشاركاتكم (0)