عشتارتيفي كوم- رووداو/
أعرب المرصد الآشوري لحقوق الإنسان، عن قلقه العميق واستنكاره الشديد إزاء التعديلات التي أجرتها وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة على المناهج التعليمية للمرحلة الثانوية، مشيراً إلى أنها تمثل انتهاكاً صارخاً للتراث السوري المتنوع وتُرسّخ لمفاهيم إقصائية تُهدد مستقبل التعايش السلمي في سوريا.
وجاء في بيان للمرصد، يوم الأربعاء (1 كانون الثاني 2024): "نعرب عن قلقنا العميق واستنكارنا الشديد إزاء التعديلات التي أجرتها وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة على المناهج التعليمية للمرحلة الثانوية (من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي)، والتي تحمل توقيع وزير التربية والتعليم نذير محمد القادري".
ويرى المرصد، بحسب البيان، أن "هذه التعديلات تمثل انتهاكاً صارخاً للتراث السوري المتنوع وتُرسّخ لمفاهيم إقصائية تُهدد مستقبل التعايش السلمي في سوريا".
وبين، أن هذه التعديلات الخطيرة التي جاءت في 12 صفحة تتضمن ما يلي:
حذف الإشارات إلى الآلهة القديمة: يُمثل هذا الإجراء محواً لجزء هام من تاريخ سوريا الحضاري، الذي يمتد لآلاف السنين ويشمل حضارات متنوعة ساهمت في بناء الحضارة الإنسانية. إن تجاهل هذه الجذور التاريخية يُفقد الأجيال القادمة فهمًا شاملًا لتاريخ بلادهم وهويتهم.
حذف شخصيات تاريخية سورية بارزة كزنوبيا ملكة تدمر: إن تهميش شخصيات وطنية لعبت دورًا هامًا في تاريخ سوريا، كالملكة زنوبيا، يُعدُّ إنكارًا لتاريخ سوريا المشترك وتراثها الغني.
حذف "الدفاع عن الوطن" من أسباب الشهادة: يُثير هذا التعديل تساؤلات جدية حول المفاهيم الوطنية التي تسعى الوزارة لترسيخها في أذهان الطلاب. إن الدفاع عن الوطن قيمة سامية يجب تعزيزها في نفوس الأجيال الشابة.
إضافة "اليهود والنصارى" إلى شرح معنى "المغضوب عليهم، الضالين" في سورة الفاتحة: يُعتبر هذا الإجراء تحريضًا صريحًا على الكراهية الدينية ونشرًا لخطاب التمييز والإقصاء. يُخالف هذا التفسير مبادئ التسامح الديني والعيش المشترك التي لطالما تميز بها المجتمع السوري.
وأكد المرصد، أن "هذه التعديلات تتنافى مع أبسط مبادئ المواطنة المتساوية وحقوق الإنسان، وتُخالف التصريحات المعلنة من قبل القائمين على السلطة اليوم والتي تُشدد على أن سوريا ستكون لكل السوريين".
واعتبر، أن "هذه التصرفات تُساهم في تعميق الانقسامات المجتمعية وتُزيد من مخاوف وقلق السوريين على مستقبل بلادهم، خاصة في ظل وجود ممارسات تُشير إلى غياب الخبرة والكفاءة في إدارة شؤون الدولة".
وطالب المرصد الآشوري لحقوق الإنسان، وفق البيان، بـ"التراجع الفوري عن هذه التعديلات المُجحفة"، داعيا وزارة التربية في الحكومة السورية المؤقتة إلى "سحب هذه التعديلات وإعادة النظر في المناهج التعليمية بشكل شامل، بمشاركة ممثلين عن جميع مكونات المجتمع السوري".
كما طالب المرصد، بـ"إعادة صياغة المناهج التعليمية على أسس وطنية جامعة، بحيث تُبنى المناهج على أسس تعزز الهوية الوطنية الجامعة والتسامح الديني والعيش المشترك، وتُرسّخ قيم المواطنة المتساوية وحقوق الإنسان".
وشدد، على أن "مستقبل سوريا يعتمد على بناء دولة ديمقراطية مدنية تحترم حقوق جميع مواطنيها وتُحافظ على تراثها المتنوع"، مبينا أن "هذه التعديلات الأخيرة في المناهج التعليمية تمثل خطرًا حقيقيًا على هذا المستقبل، وتستدعي وقفة جادة من جميع القوى الوطنية الحريصة على مصلحة سوريا".
وكانت وزارة التربية والتعليم في الحكومة الانتقالية السورية الجديدة، أعلنت اليوم الأربعاء، عن تعديلات على المناهج، أثارت جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا.
ونشرت الوكالة السورية للأنباء (سانا) وصفحة وزارة التعليم على فيسبوك نسخة من التعديلات عبر فيسبوك، بموجب تعميم بتوقيع نذير القادري وزير التربية والتعليم، وشملت عدة مواد من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي.
وفي المرة الأولى التي نشرت فيها وزارة التعليم التعديلات عبر فيسبوك، كانت تحتوي على الصفحة الأولى من القرار قبل أن تختفي تلك الصفحة من منشور وزارة التعليم لاحقاً وكذلك منشور وكالة الأنباء السورية.
وجاء في مقدمة تلك الصفحة أنه بناء على مقتضيات المصلحة العامة، قرر وزير التربية والتعليم ما يأتي: "تحذف الدروس والعبارات والصور التي تمجد النظام البائد وبعض الملاحظات الأخرى وفق الآتي:
1- اعتماد علم الثورة بدلاً من العلم القديم أينما وجد. 2- اعتماد عبارة "الحكم العثماني" بدلاً من عبارة "الاحتلال العثماني" أينما وجدت. 3- حذف مادة التربية "الوطنية كاملة".
وواجه التعميم انتقادات واسعة على صفحات متابعين سوريين على مواقع التواصل، وتعددت الانتقادات حول حذف نظرية التطور من كتاب العلوم، واعتباره خطوة إلى الوراء، وكذلك حذف كلمة "قانون" واستبدالها بـ"الشرع، أو شرع الله".
بالإضافة لحذف الفقرات المتعلقة بالنشيد الوطني السوري، واعتبر متابعون أن هناك سعياً من أصوات في الإدارة السورية الجديدة لطمس ذكر "شهداء السادس من أيار 1916"، إرضاءً لتركيا، ورأى أغلب المتابعين أن هذه الحكومة لا تملك الصلاحية لتعديل المناهج بوصفها "حكومة تصريف أعمال".
ومن هذه التعديلات، حذف وحدة "أصل التطور والحياة" من كتاب العلوم في الصف الثالث الثانوي، وحذف فقرة تتناول تطور الدماغ بـ"الكامل" من أحد الدروس.
كما قضى التعميم بحذف عدة إشارات للآلهة وأسمائها في الميثيولوجيا القديمة من كتب التاريخ التي كان يتم تدريسها في صفوف مختلفة في المناهج السورية المعتمدة حتى سقوط حكم بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
وحذف جملة "إعدام قادة الحركة الوطنية في السادس من أيار 1916" من كتاب التاريخ في الصف الثالث الثانوي الأدبي، التي تشير إلى ما يُعرف بـ"شهداء السادس من أيار"، الذين أعدم جمال باشا، المعروف بـ"السفاح"، عدداً منهم في أواخر العهد العثماني بساحة المرجة في دمشق.
بالإضافة إلى حذف كل ما يشير إلى بشار الأسد، أو زوجته أسماء، أو "الحركة التصحيحية" التي قادها والده حافظ الأسد في 1970، وأشار التعميم إلى استبدال اسم "حرب تشرين التحريرية" ضد إسرائيل بـ"حرب 1973".
كما استبدل مفهوم "الشهادة" من "في سبيل الوطن" إلى "في سبيل الله" في كتب التربية الإسلامية في كل الصفوف، وعبارة "يحكمه قانون العدل" بـ"يحكمه شرع الله"، و"مبدأ الأخوة الإيمانية" بدلاً من "الأخوة الإنسانية"، في كتاب الصف التاسع.
ونص التعميم على حذف صور منحوتات وتماثيل من كتب اللغة الإنجليزية، في عددٍ من الصفوف، وحذف "الفكر الفلسفي الصيني" من كتاب الفلسفة في الصف الأول الثانوي، ودروس وصفحات كاملة من مقررات الفلسفة في منهاج الثانوي الأدبي في سوريا.
كما نص على حذف الفقرات المتعلقة بالنشيد الوطني السوري "حماة الديار عليكم سلام" من كتب اللغة العربية، رغم أن النشيد لم يتم الإعلان عن إلغائه رسمياً، بالإضافة لحذف كل ما يمجد ما وصفه التعميم بـ"جيش النظام البائد أو المخلوع".
وفي تعميمين لاحقين أصدرهما وزير التربية والتعليم في الحكومة الانتقالية السورية الجديدة، تم الإعلان عن إلغاء مادة التربية الوطنية من المناهج والامتحانات لهذا العام: "نظراً لما تحتويه من معلومات مغلوطة تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد المخلوع وترسيخ قواعد حزبه".
وتعويض درجاتها بمادة "التربية الدينية" الإسلامية أو المسيحية: "أي أنه ستُعاد مادة التربية الدينية إلى المجموع العام وتدخل في مجموع الشهادة الثانوية العامة بفروعها"، حيث كان يتم سابقاً طي هذه الدرجات من مجموع امتحانات الثانوية العامة، قبل التقدم للمفاضلة الجامعية في سوريا.