سوريا تمر بمرحلة مفصلية مع التغيرات السياسية طرأت بعد سقوط نظام بشار الأسد - المصدر: أ ف ب.
عشتارتيفي كوم- الحرة/
قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مظلوم عبدي، إن لقواته قنوات تواصل مع "هيئة تحرير الشام"، لكن الطرفين لم يصلا بعد إلى مرحلة التفاوض المباشر.
وخلال مقابلة خاصة مع "الحرة" قال عبدي إن "أي مشروع لأسلمة سوريا، يهدد التنوع الثقافي والديني لهوية لبلاد".
يرى عبدي أن سوريا تمر بمرحلة مفصلية مع التغيرات السياسية والعسكرية التي طرأت بعد سقوط نظام بشار الأسد، ويؤكد أن المستقبل يعتمد على بناء سوريا ديمقراطية تستند إلى أسس العدالة والمساواة بين جميع المكونات والأديان.
ويحث على ضرورة أن تتكاتف القوى السورية لتجنب أخطاء الماضي التي قد تؤدي إلى صراعات جديدة وإطالة أمد الفوضى، ويشير إلى أن الشعب السوري الذي عانى طويلا، يستحق أن يحقق تطلعاته التي بدأ الثورة من أجلها.
ويعتبر عبدي "قسد" الضمان لمنع عودة التطرف وتثبيت حقوق جميع السوريين تحت إطار واحد يضمنه دستور تشارك في صياغته كافة مكونات الشعب السوري.
ويؤكد أن قواته تواصل دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأنها نعمل بشكل مستمر على محاربة الإرهاب ومنع عودة تنظيم "داعش"، الذي لا يزال يمثل خطرا، خاصة مع استغلاله للفراغ الأمني الناجم عن سقوط النظام.
ويعرب قائد "قسد" عن التمسك بالحلول السلمية، ويؤكد فتح قنوات للتواصل مع "هيئة تحرير الشام" لتجنب الصدام والتصعيد.
ويتهم عبدي "الجيش الوطني السوري" بالتبعية لتركيا ويقول: "قراراته تُدار بشكل مباشر من تركيا، ولهذا فإننا نتصدى لهجماته التي تحدث تحت غطاء المسيرات التركية. كما نعمل على تعزيز خطوطنا الدفاعية لمنع أي اختراق أو هجوم على مواقعنا".
تصعيد مستمر
يشير عبدي إلى أنه ورغم التصعيد المستمر من قبل أنقرة ووكلائها، إلا أن العمل متواصل في مناطق الإدارة الذاتية على تعزيز حالة السلم والأمان، وتقديم الخدمات الأساسية للسكان، بما في ذلك الصحة والتعليم، مع التركيز على حماية المنطقة من الفوضى.
ويرى أن الحديث عن الخرائط والحدود في سوريا غير مناسب في ظل المرحلة الحالية، مؤكدا التركيز على تعزيز مبادئ اللامركزية وضمان حقوق جميع المكونات في إطار دستوري عادل يضمن التمثيل المتساوي لكافة السوريين.
ورغم سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على محافظة دير الزور بالكامل مطلع ديسمبر الحالي بعد انسحاب جيش النظام السوري السابق والمليشيات الموالية لإيران منها، إلا أن "قسد" سرعان ما انسحبت منها، قبل أن تنسحب من مدينة منبج في محافظة حلب.
ويوضح قائد سوريا الديمقراطية أسباب ذلك: "الانسحابات كانت تستند إلى اعتبارات تكتيكية وأمنية. على سبيل المثال، في دير الزور، كان التدخل بسبب الفراغ الأمني وخطر توسع داعش. أما في منبج، فقد جاء الانسحاب بناءً على اتفاق لوقف إطلاق النار بمشاركة التحالف الدولي، ورغم ذلك لم يُنفذ الاتفاق بشكل كامل. نحن ملتزمون بضمان الاستقرار بعد كل تحرك عسكري".
ويتحدث عبدي عن مطالبهم التي تتمثل في بناء "سوريا ديمقراطية لا مركزية تضمن حقوق كل المكونات في إطار دولة واحدة، يتم فيها مشاركة السلطات بين المجالس المحلية في المحافظات والمركز" على حد قوله.
ويشير إلى السعي لحماية حقوق الجميع، ورفض المشاريع التي تسعى إلى تقسيم سوريا أو إقصاء أي مكون.
وبشأن الدستور قال عبدي: "من الضروري صياغة دستور ديمقراطي يضمن حقوق جميع المكونات، ويحترم التنوع الثقافي والديني، ويعزز دور المرأة والمساواة، بعيدا عن أي تمييز".
السلاح بيد الدولة!
ويرى عبدي أن تصريحات "هيئة تحرير الشام" بشأن حصر السلاح بيد الدولة، تعكس طموحات وليس قرارات، لكنه قال: "نحن ملتزمون بالعمل المشترك مع جميع الأطراف السورية لتطوير منظومة دفاعية موحدة تحمي البلاد وتمنع عودة التنظيمات المتطرفة".
ويؤكد أن "قسد" لم تصل بعد إلى مرحلة التفاوض المباشر مع "هيئة تحرير الشام"، لكنه يعتبر الأولوية الآن هي خلق بيئة آمنة للسوريين تُمهد لمرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات حرة ودستور عادل.
وخلال حديثه عما إذا حصلت قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية على ضمانات أميركية للحفاظ على حقوق الكرد في سوريا والابقاء على الإدارة الذاتية وتوفير الدعم الدولي لها، قال عبدي "لدينا تواصل مستمر مع الأصدقاء الأميركيين، الذين يدعمون جهودنا في وقف التصعيد وضمان حقوق جميع المكونات السورية، بما في ذلك حقوق الكرد في إطار دولة موحدة".
وعن مخاوف الكرد من أسلمة سوريا، يعتبر عبدي أن تبني أي مشروع لأسلمة سوريا، يهدد التنوع الثقافي والديني الذي يُشكل هوية البلاد، ويؤكد أن التنوع هو الذي أعطى سوريا قوتها وتميزها على مدار التاريخ.
ولا يخفي قائد "قسد" مخاوفه من "الأطماع" التركية على مناطق الإدارة الذاتية.
قال عبدي: "تركيا تمارس ضغوطا عسكرية وسياسية على مناطق الإدارة الذاتية، وسيطرت على عدة مناطق سورية. هذه الأطماع تهدد الاستقرار في سوريا، ونحن نعمل مع الشركاء الدوليين لحماية شعبنا ومنطقتنا".
"مخاوف حقيقية"
ولعل من أبرز المواقع الحساسة التي تخشى "قسد" والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من وصول تنظيم "داعش" والفصائل السورية "الجهادية" إليها، هي مخيمات اللاجئين والنازحين التي تحتضن عائلات مسلحي وقيادات التنظيم في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، ومنها مخيم الهول الى جانب السجون التي تحتجز قادة ومسلحي "داعش".
قال عبدي إن "هناك مخاوف حقيقية من استهداف الفصائل لهذه المخيمات والسجون، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى اندماج التنظيمات الإرهابية مع بعضها البعض، مما يشكل خطرا على المنطقة بأكملها".
ويكشف عن تنسيق الإدارة الذاتية مع المجتمع الدولي لإعادة العائلات الأجنبية إلى بلدانها الأصلية، لكنه لا يخفي مواجهتهم تحديات كبيرة مع الدول التي ترفض استقبال مواطنيها، مؤكدا في الوقت نفسه استمرار اجراءات تأمين السجون، لضمان بقاء قادة داعش داخلها إلى حين محاكمتهم.
يختتم عبدي حديثه لموقع "الحرة" بالتأكيد على مواصلة العمل لتوحيد الصف الكردي، مجددا مناشدته لجميع الأطراف الكردية للاتفاق والتلاحم من أجل حماية الحقوق وضمان مستقبل مشرق للكرد في سوريا.