عشتار تيفي كوم - بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الجمعة 20 كانون الأول 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القديس مار اغناطيوس الأنطاكي، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
عاون غبطتَه صاحبُ السيادة مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، بحضور ومشاركة صاحب السيادة مار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول راعوية الشبيبة، والخوراسقف مارون كيوان رئيس المحكمة البدائية في أبرشية بيروت البطريركية والنائب العام لأبرشية صيدا المارونية، والمونسنيور عبدو أبو كسم مدير المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان والنائب الخاص لمطران صيدا للموارنة، والآباء الخوارنة والكهنة في الدائرة البطريركية وفي أبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميون، والراهبات الأفراميات، وطلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية – الشرفة، وبعض المؤمنين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن عيد القديس مار اغناطيوس الأنطاكي، مستهلاً كلامه بالقول: "سمعنا من رسالة مار بولس إلى تلميذه تيموثاوس، كم كان هذا الرسول مشتاقاً أن يلتقي بتلميذه، حتّى أنّ عيناه كانتا تدمعان عندما يتذكّره. وهذا ما يحثّنا نحن، أيّها الأعزّاء المبارَكون بالرب، أن نفكّر بالرباط، رباط المحبّة الذي يربطنا فيما بيننا، نحن المدعوّين أن نتبع الرب يسوع في رسالتنا، إن كانت رسالة الأسقف، أو الكهنة الأفاضل، أو الرهبان والراهبات، أو الطلاب الإكليريكيين".
ونوّه غبطته إلى أنّ "المثلَّث الرحمات البابا مار بنديكتوس السادس عشر، في تعليمه المسيحي في شهر آذار 2007، تكلّم عن القديس الشهيد مار اغناطيوس الأنطاكي، معتبراً أنّه لا أحد من آباء الكنيسة صوّر اتّحاده مع المسيح والحياة في المسيح مشتاقاً حتّى لاتّباعه إلى الموت أكثر من مار اغناطيوس الأنطاكي. وها نحن نفتخر ونعتزّ بهذا الأب من آباء الكنيسة الذي جمع التعليم بالفعل، بالاستشهاد، وهو الذي كتب أنّه جميلٌ الموت وأنا ذاهبٌ إلى يسوع المسيح، أفضل من أن أملك كلّ الأقطار على الأرض، وذلك بحسب رسالته إلى أهل روما".
وتناول غبطته سيرة "مار اغناطيوس الأسقف أو البطريرك الثالث على أنطاكية بعد مار بطرس وأفوديوس، وقد خدم كنيسة أنطاكية من عام 70 إلى وفاته عام 107، وبالتأكيد تعرّف على بعض الرسل وتلاميذ الرب يسوع. من هنا نسمّيه أحد الآباء الرسوليين. هذا القديس الشهيد كتب سبع رسائل وهو على الطريق للاستشهاد. في رسالته إلى أهل روما، يقول للمؤمنين: لا تتدخّلوا ولا تمنعوني من أن أستشهد. تصوّروا هذا الأسقف لا يخاف من الموت، بل يتبع الرب يسوع حتّى الاستشهاد، ويسأل المؤمنين ألا يتوسّطوا له كيلا يستشهد، هو الذي كتب: أنا حنطة المسيح، ليطحنني الوحوش بأنيابهم كي أصبح خبزاً نقياً للمسيح".
وأشار غبطته إلى أنّ "تعليم مار اغناطيوس عن الإفخارستيا رائع جداً، إذ يتذكّر كلمات مار يوحنّا الإنجيلي عن خبز الحياة الذي ذكره يسوع. وقد كتب أيضاً أنّه يفضّل الموت على العيش، وطلب دائماً أن يتّحد الجميع مع الأسقف. وهنا نجد أحد آباء الكنيسة يتكلّم بشكل واضح عمّا نسمّيه لاهوت الكنيسة. الأسقف متّحد مع الكهنة والشمامسة والمؤمنين كحبال القيثارة الواحدة، وهكذا يشكّلون نغماً موسيقياً يمجّد الله. تصوّروا في أواخر القرن الأول وأوائل الثاني، يكلّمنا أحد آباء الكنيسة بهذا اللاهوت الكنسي وكأننا نتعلّمه اليوم".
ولفت غبطته على أنّ "مار اغناطيوس كان أباً وأسقفاً وشهيداً، وفي رسالتين من رسائله، إن كان إلى أهل روما وإلى أهل مغنيزيا، ومغنيزيا مدينة قريبة من إزمير اليوم، يسأل المؤمنين قائلاً: صلّوا من أجل كنيسة سوريا. تصوّروا منذ ذلك الوقت، المسيحيون في منطقتنا يتعذّبون، لذا يطلب منهم ويرجوهم أن يصلّوا من أجل كنيسة سوريا. وهذا الأمر ذكرناه عدّة مرّات في كلماتنا عندما يُطلَب منّا أن ندلي ببعض الأحاديث عن الآلام والعذابات والصعوبات التي يحتملها المسيحيون في الشرق. من ذلك الحين، يطلب القديس الشهيد الصلاة من أجل كنيسة سوريا، وعندما نقول سوريا لا نعني اليوم الجغرافية السياسية المعروفة بسوريا، بل نعني كنيسة الشرق كلّها، بمعنى أنّ أنطاكية كانت أيضاً المسؤول الكنسي عمّا يُسمَّى أبرشية الشرق التي كانت تمتدّ إلى أفغانستان وحتّى أبعد".
ووجّه غبطته الشكر الجزيل للجميع "على حضوركم ومشاركتكم في هذا القداس الاحتفالي، ونسألكم أن تتذكّروا أنّنا مدعوون كي نعيش الوحدة، ليس بالقول، بل بالحياة الحقيقية، حياة التناغم الكنسي والاحترام المتبادَل، ولا سيّما المحبّة التي تجمعنا. وهنا نودّ أن نشير إلى أنّ اغناطيوس الأنطاكي هو أوّل من وصف كنيسة المسيح بالكنيسة الجامعة، الكاثوليكية تعني باليونانية الجامعة، وهو أوّل أب في الكنيسة يذكر أنّ كنيسة المسيح هي الكنيسة الجامعة التي تجمع دائماً بوحدة المحبّة".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة هذا القديس العظيم مار اغناطيوس، كي يبارككم أجمعين، ويحفظ كنائسنا متّحدة دوماً بالمحبّة، ويحلّ أمنه وسلامه في بلادنا المعذَّبة".
وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الختامية بذخيرة القديس مار اغناطيوس الأنطاكي المحفوظة في الكنيسة. ثمّ تقدّم الجميع، فنالوا بركة هذا القديس الشهيد العظيم.
وبعد القداس، تقبّل غبطته تهاني الحاضرين بهذه المناسبة المباركة، فتمنّى له الجميع النجاح والتوفيق في متابعة رعايته للكنيسة في هذه الظروف الصعبة والعصيبة وفي خضمّ التحدّيات الكبيرة، سائلين الرب يسوع، راعي الرعاة، بشفاعة القديس اغناطيوس، أن يمتّعه بالصحّة والعافية، ويعضده في كلّ ما يقوم به، لما فيه خير الكنيسة في كلّ مكان.