رأس الحكمة مخافة الله كما تعلمنا ، فالحكمة تنير البصيرة وكما قالها أفلاطون (اعرِف نفسك) ،وإذا عرفنا أنفسنا وأعطيناها حقّ قدرها تجنبّنا الكثير من المشاكل والصعاب فنعرف وزننا ومقدار معلوماتنا العامة وسِعة مداركنا ، فكل فرد منا راضِ عن نفسه في أغلب الأحيان ويعرف مقداره ويحترمها ، ولتحقيق ذلك وجب عليه إحترام الآخرين ، وبذلك يجزلُ الإحترام لنفسه ، وعرفنا بأن سليمان الحكيم وَفَدت إلى مملكته الكثير من الناس لتتعلم شيئاً من حِكَمهِ التي وهبها له الله ، فبيننا نحن البشر فروق فردية ،لا يمكن أن نتساوى في القامة والحكمة والدراية ، ولهذا وجب علينا إحترام أراء الآخرين ومعتقداتهم ومقدساتهم وميولهم ،لكي يتم إحترام ما يخصنا بنفس القيمة ونفس الميزان .
ولكن إذا إعتبرنا أنفسنا على صواب على طول الخط والآخرين على ظلال فتلك مصيبة المصائب ،لأنك تعطي لنفسك ومقامك أكبر من حجمك ، أي أنك لا تعرف نفسك حق قدرها وقد يصدمك الواقع عندما تفيق من سباتك وترى حقيقتك وجهلك بحقائق الأمور .
فالتواضع هو قمة الثقافة ، والمتواضع محبوب من الناس والله معاً ، واما المتكبر فمنبوذ ومكروه، وهذا يجعله شديد المراس ومن الصعوبة بمكان التعامل معه لأنه يجادل ويجادل رغبة بالإنتصار في النقاش مهما كان موضوعه ويدلوا بدلوهِ في كل الشؤون والإختصاصات ، وهنا الطامة الكبرى .
ومما تقدّم نستخلص الحكمة والموّعظة ونراجع أنفسنا ونتعلم البساطة والتواضع والتزود بالمعلومات العامة ما أمكننا إلى ذلك سبيلاً فتتوسع مداركنا وتزداد ثقتنا بأنفسنا ، وإذا كان لنا إلمام في مجال من مجالات المعرفة ، وجبّ علينا إيصالها
بالطرق المناسبة لتعمّ الفائدة وينتشر الخير ( فخير الناس من نفع الناس ) ،وكلنا دون إستثناء لنا دراية وعلم ببعض جوانب المعرفة قد لا تكون متوفرة عند الكثيرين ولهذا وجب إيصالها فيكون لنا أجراُ وثواباً عند الله ، وأن نكون في جانب العطاء لكل الناس ، وأن يكون عطاؤنا دون مقابل ، وهنا نكون مرتاحي الضمير وأنقياء السريرة ، و قد عرفنا أنفسنا كأفراد نافعين في بحر الإنسانية الذي لا ينضب ، وكما قال المسيح له المجد : طوبى للرحماء فإنهم يرحمون ، وقديماً قيل : ( رحم الله أمرؤٍ عرف قدر نفسه) ،
والله من وراء القصد .