توضيح: تسمية الجندي العراقي بابو خليل: (عندما كان يلتقي الفلسطينيون بالجنود العراقيين بعد انتهاء الحرب، كانوا يصفوهم (بابو خليل) اي الجندي المقاتل الذي دافع عن مدينة الخليل واصفين اياهم بالشجاعة والبطولة).. لذى اقتضى التوضيح..............
كانت الساعة تشير الى الخامسة عصرا من ذاك المساء الحار الجاف من شهر تموز، حينما استقليت القطار المتوجه الى نينوى شمال العراق، مرتديا البدلة العسكرية المهترية وفي جيبي ٤٠٠٠ دينار عراقي اي ما يعادل في حينها دولارين ونصف$، ولم يتبقى في علبة سجائري سوى بضع سجائر، حائرا في امري!!
هل اشتري شيئ للاكل ام شراء علبة سجائر قد تغنيني عن الطعام!!
وبين هذه الافكار المشتتة التي جعلتني تائه في غياهب المذلة التي عاشها الجندي العراقي للاسف خلال تلك الحرب القذرة، دقت صافرة القطار وتحرك ببطئ وهتافات الكثير من الاهالي داخل المحطة تودع احبتها وابنائها من الجنود المتجهين الى ثكناتهم العسكرية.
بعد مرور القطار بعدة صحاري لمدن عراقية خالية من اي خضار يذكر او عشب نمتع نظرنا الى ان نصل وجهتنا مجهولة مستقبل وجهتها، لتزيد من تعاسة نفسيتنا المتعبة اصلا، مر ساعي المشاريب والاطعمة فطلبت منه علبة سجائر وعلبة كوكا كولا مع سندويش الفلافل الباردة، وهنا كانت الصدمة لدى تمرير يدي باحد جيوب بنطالي العسكري لاتفاجئ باختفاء محفظة النقود خاصتي ولاحرج امام الساعي والجالسين قربي فصرفت النظر عن شراء اي شيئ لابقى في حيرة من امري: متى تم سرقتي ولم اشعر بالامر؟
ولكن تذكرت حين صعودي لهذا القطار المزعج والقذر كان جموع الجنود عند ابواب المقطورات والعربات مزدحم جدا.
مرت ستة ساعات منذ انطلاق قطار الشئم هذا ناظرا الى ساعتي اليدوية القديمة والتي تشير وبحسب حسب التوقيت المحلي تبقى قرابة احد عشر ساعة للوصول الى وجهتنا العسكرية.
ومع مرور الوقت البطيئ والذي احسست بساعاته الطويلة، احسست بالجوع القاتل خاصة مع الاكثار من التدخين وخلاء معدتي من اي مأكل ليصيبني صداع رهيب جراء الجوع، لا اعلم ما العمل؟!!
جائع مع علبة سجائر فارغة و قارورة ماء فارغة ودرجة حرارة تعدت السبع وثلاثين درجة مؤوية ومع كل هذا وذاك محفظة نقودي مسروقة فلم اعلم ما العمل والى متى ساتحمل الجوع والعطش.
الان الساعة تشير الى الواحدة بعد منتصف الليل حيث اطفئت اغلب الاضواء للاستراحة مع هدوء نسبي رهيب وافكار جنونية تاخذني هنا وهناك ناهيك عن التعب والقهر والجوع والعطش، هنا لملمت قواي المتبقية ورحت اجول هنا وهناك بين تلك العربات المهترية والتي صرير عجلاتها الحديدية تشق ذهني واذاني في راس يحمل من الخيبة الكثير الكثير، ومع كل هذه الاوهام والفكر المدجج بالسلبية، لاحظت كيس ورقي ممتلئ بالخبز و زمزمية ماء (قارورة عسكرية لحفظ الماء فيها)، بالقرب من احد الجنود الذي كان راحلا في نوم عميق جدا فصوت شخيره كان يصل لمسافة عدة عربات...........
يتبع.