صدرت جميع هذه الكتب عن أناس مقتنعين بأنه دعاهم لتكوين شعب يحتل مكاناً في التاريخ بتشريعه ومبادئه في الحياة الفردية والجماعية وهي كلها تشد على ما صنع الله بهذا الشعب وإليه وتروي نداءات الله وردود فعل البشر من تسابيح وشكر وتساؤلات كان هذا الشعب الذي دعاه الله شعب إسرائيل أولاً وقد ظهر في التاريخ في حوالي سنة 1200 قبل المسيح ودخل كجميع الشعوب المجاورة في التقلبات التي هزت الشرق الأدنى حتى مطلع العصر المسيحي كانت ديانته تجعل منه شعباً فريداً فان إسرائيل لم يكن يعرف إلا إلهاً واحداً لا يرى ويفوق كل شيء وهو الرب وكان يعبر عن صلته بالله بلفظ حقوقي هو العهد وكان يخضع وجوده كله لهذا العهد وللشريعة الناتجة عنه فازداد نمط حياته تعارضاً مع نمط حياة سائر الأمم فكل القسم العبري من الكتاب المقدس يتعلق بهذا العهد كما عاشه اسرائيل وفكر فيه حتى القرن الثاني قبل المسيح وبعد أن دمرت أورشليم في السنة 70 ، 135 بعد المسيح استمر الشعب اليهودي في جماعة يهودية عاشت في أغلب الأحيان أحداثها المضطربة والمأسوية غالباً في أرض المنفى وجميع النزعات التي تحرك هذه الجماعة مؤسسة على الكتاب المقدس وعلى الشريعة خاصة وهي تكرمه على أنه كلمة الرب واليهود يقرأونه ويبنون عليه ممارستهم في اطار تقاليد متاصلة في حياة اسرائيل القديم وضعت بعد دمار الأمة وكونت المشنة والتلمود والمدراش .
وفي القرن الأول للمسيح تشتت اليهود ونشأت الجماعة المسيحية وانفصلت شيئاً فشيئاً عن الدين اليهودي في نظر المسيحيين تم تاريخ شعب الله في يسوع الناصري ففيه جمع الله مختلف الشعوب لتكوين شعب يحكمه عهد جديد وهذا العهد عهد نهائي يجعل من العهد الذي حكم اسرائيل مرحلة ضرورية ولكن لا بد من تجاوزها فوصفه المسيحيون بالعهد القديم وأطلقوا هذا الأسم على الكتب الصادرة عن إسرائيل وأطلقوا اسم العهد الجديد على الكتب التي تتكلم على يسوع ورسالته أما تلاميذ يسوع وخلفائهم المباشرون الذين دونوا كتب العهد الجديد فكانوا يرون في يسوع تحقيق آمال إسرائيل وما كان ينتظره سائر الناس على الشكل المتخذ داخل هذا الشعب فاستعملوا عفواً لغة الكتب المقدسة بكل أبعادها التاريخية وخبرتها الدينية التي توافرت طوال القرون والجماعة المسسيحية التي جاءت بعدهم رأت في العهد القديم كلمة الله كما تراها في بشرى الانجيل ولكن العهد القديم يتخذ معنى جديداً ويصبح كتاباً جديداً عندما يقرأ في ضوء الايمان بالمسيح يسوع وفي هذا الكتاب حيث يدوي صدى كلمة الله إلى الأقدمين وكلامهم إلى الله يبحث المؤمنون عن معنى حياتهم ويكتشفون الطرق المؤدية إلى الله والذين ينتمون إلى الكتاب المقدس منقسمون ومع ذلك لا يزال هذا الكتاب يدعو الناس في كل مكان وكل زمان إلى الالتحاق بشعب الذين يلتمسون وجه الله في خطوات الآباء والانبياء ويسوع وتلاميذه فالكتاب المقدس هو كتاب شعب الله ولكنه كتاب شعب لم يكتمل بعد