ما اجمل ان يجد الانسان توأمه! ، في زمن قلت فيه الصداقات ، وانعدمت الثقة، وخابت الظنون بالآخرين، ودمر كل شيء، لم يعد الصديق صديقاً، ولا زميلُ العملِ زميلاً، ولا الأخُ اخاً، زمانٌ غير كل شيء، تساقط الجميع كأوراق الشجر في الخريف، وبقينا شجرة خالية من الأوراق والأزهار، لا نملك سوى الأغصان المتهالكة، الأغصان التي شابت وذبلت وإضمحل معظمها، لنصبح أشجاراً دون فائدة، نجتث من فوق الأرض بين حينٍ وآخر، لنكون رماداً، نحترق لنضيء للآخرين، ونبعث في أجسادهم الحرارة، ونطرد عنهم البرد، هكذا نحن مع الآخرين، نقدم كل شيء جميل، ونقابل بخذلانٍ وألم، ونصبح رماداً يتناثر مع كل عاصفة جزءاً، حتى لم تعد منا ذرة ثابتةً بمكانها، ولكن لكلِ خريفٍ نهاية، وأعتدنا ان نتأقلم مع الحاضر، ونزهر في كل ربيعٍ يأتينا، وها قد أتى الربيع، بدءت الجذور تمتد في التربة، والأغصان تنمو شيئاً فشيئاً، والأوراق تظهر في كل مكان منا، وكذلك الأزهار، ومع مرور الزمن سنثمر، حتى ان لم يكن ثمراً، فأوراقنا كافية بإن نجعل الآخرين ينجذبون لنا، ويأتون ليجلسوا تحتنا، فنحن من نظّل عليهم، ذهب زمن الأيام العجاف، الأيام الصعبة التي بها مرار وحرمان وكآبة، أصبحنا أحراراً نعيش الأيام بسعادة وسرور، ومحبة وطيبة تمليء القلب، والمشاعر بدءت بالنمو نحو الإيجابية، تباً للوحدة والعزلة، طردناها كما يطرد المرض من الجسد بالعلاج، لنبدء صفحة جديدة كلها أمل وحلم وبراءة وحب، ورومانسية، شكراً للظروف المناخية التي جعلتنا ننضج ونزهر، وللأيام التي مرت سريعاً وأثبتت لنا بإن كل شيءٍ يسير نحو الصحيح، وللأشخاص الذين ساعدونا وما زالوا يقفون بجانبنا كالظل، حيث مشينا يتحركون معنا، تاركين كل ظروفهم من أجلنا.
مروان صباح الدانوك - بغداد