الجزء الأول....
الروح القدس برئ من إدعائتكم....
هذا الكرسي اليوم و على غير المُعتاد أَصبح شاغراً ينتظر أن يَحل الروح القدس ليُعلِنَ عن إختيار أَحدهم الذي لابد و أن يكون سَعيد الحظ حتى يُجلِسَه على هذا الكرسي و يُغدِق عليه الوَزنات و النِعَم و البَركات بما تَحمله من الهِبات والعطايا لأن الشاغر كرسي مَلَكي مُهيب حَوله الرَاكعين يُرَتِلوّن النِفاق و الرِياء طَقسا مقدسًا، كرسي يَفيض بالمؤمنين و المُنظمات، غَني بالإِيمان و الأَموال. كرسي يَمنَح مقامًا رفيعًا و تَقَدُمًا في الصفوف قِيامًا و قُعودًا إنه كرسي مُتخَم بالسلطة و الجَبروت.... لذلك يستحق هذا الكرسي الشاغر أن يُستَخدم لأَجله الروح القدس وفق أهواء و رغبات البعض أكرر أهواء و رغبات البعض من أصحاب الغِبطة والسيادة..
و حتى يحين موعد حلول الروح القدس و الذي سوف يطول أَوانه بالتأكيد...فإن الشعب المؤمن سوف يبقى مُتَرَقِبا و بِشَغف كبير نتيجة الإِختيار ليبدأ بشوق كبير مراسيم التصفيق و التَهليّل و تقبيل الأيادي بمنتهى الخضوع لأن هذا ما يتقنه و يُبدِعُ فيه...و كل هذا لأنه مُقتَنع تمامًا أن هذا هو دوره فقط و أنه ليس مؤهلا لأن يشارك على الأقل في تقديم الرأي و المشورة أن لا قرار له في المُنَصب لأن الروح القدس لا يمكن أَن يحل عليه و هو المُتَجَرِد من الحِكمة و المَعرَفة و منزوع الخبرة الحياتية و الإدارية لأنه مؤمن فقط ...و من الإيمان أن يكون قطيعًا من الخراف بنظرات شاردة بلهاء و فكوك تَجتَرُ العَلف في حضيرة مالكهم ينتظرون بصمت أَن يروا الراعي الجَهبَذ الشجاع الجديد يحمل عصاه ليخرج بهم الى المَرعى و هم بكل الطاعة يُمَأمِؤون...فالمأمأ من الإيمان.... للقطيع
بينما هناك....... بعيدا عن هذا القطيع المؤمن المُمأمئ و خلف الأبواب الموصدة فهناك بالتأكيد من يُخطط بكل الإيمان و الخشوع لأن يُوَجِه حلول الروح القدس نحو من يراه حَليفا مُطيعًا له و هذا ما يجعله لأن يكون مُسَتَحقاً لأن يملئ الكرسي الشاغر و يكون مستحقاً لأن يَنال أولا بَركة المُتَحَكميّن بحلول الروح القدس التي تحل بَركته لمن يشاؤون...و تفيض عليه بعد حين.... و ثانيًا لأن يسمع مأمأة القطيع ترتيلا و نفاقًا بما يسعده و يبهجه ...
لكن و كما يبدو و بعد أَن تَبَيّن أن البعض أكرر أن البعض مِن َالذين تم اختيارهم سابقا و إستنادا على أفعالهم فإنه ليس فيهم حتى قليلا من الروح القدس. فكيف إختارهم الروح...!! و هنا يصبح واردا جدًا أن يتسائل الشعب المؤمن بمأمأة إيمانية خجولة خافتة، أهناك سيناريوهات تُكتَب خلف الكواليس قبل رفع الستارة عن مسرحية سيئة الإخراج أو هناك مزاد علني لإحلال الروح القدس أو أن هناك إتفاقات تُعقَد في الظُلمة لتَقاسم فيض بركات الروح القدس.. بخفاء...!!
خاصة و أن الكثيريين اليوم يعلمون علم اليقيين أن في واحدة من حالات حلول الروح القدس قد تم إِحلالَهُ فيها لفرض الرتبة الأسقفية فرضًا على أَحدهم و أَرغموه على قبولها رغمًا عن إرادته متجاهلين رغبته بإن يستمر راعيا لرعية صغيرة.... بخراف قليلة.. و ربما... أكرر ربما كانت إتفاقًا لإبعاد منافس عن كرسي الأُسقفية كان الشعب يراه الأَحق و الأَجدر و الأَقدر لكنه لا يتوافق مع من يتحكمون بحلول الروح القدس...فأين هو دور الروح القدس في هذا الإرغام و الإبعاد.......
فإن كان الروح القدس يختار من ليس هو فيه أو يرغمون أحدًا على يَحشوا الروح القدس حَشوًا فيه على إعتبار أنه الإختيار.. أو يبعدون أحدًا لأهواء في نفوسهم فإن هذه الأمور بمجملها تبطل تماما دور الروح في القدس في الإختيار أو حتى أنه يوحي لهم بالإختيار و تجعل إدعائهم في محل شك إذ قالوا إن الروح القدس هو من يختار..
بعد أن أصبح ظاهرًا تماما أن ما يحصل هو توافقات بين المُصادرين لقرار الرعية والمُتسلطين على رغبات المؤمنيين و المتحكمين بإدارة الأَمور و أَنهم يَمنحوّن صولجان الأسقفية لمن يشاؤون و يضعون قلنسوة الروح القدس على رأس من يختارون. فإن كان الأمر كذلك بالأدلة والشواهد فلماذا هذا الإصرار على تغليف رغباتهم و إراداتهم بإنها وحي من الروح القدس......هل هو إستهزاء بالمؤمنيين أم إستهزاء بالروح القدس (أستغفر الرب) خاصة و أن الشعب اليوم يَعي جيدا دقائق الأمور المعلن عنها و يقرأ المَخفي ما بين السطور لذلك فالأجدر أَن يَدَعوّا عنهم هذا الإدعاء إحتراما للروح القدس أولاً و إحتراما لسر الكهنوت ثانيًا الذي هو من أسرار الكنيسة، بل هو الأهم فيها فبه تكتمل بقية الأسرار و من دونه لا يقوم سر كنسي...وإحتراما للشعب المسيحي ثالثًا من منطلق تبادل الإحترام خاصة و ان الشعب المسيحي اليوم يعلم تماما و هم يعلمون أَنه يعلم أن الروح القدس إنما يَحِل عن إستحقاق كامل على من يختاره...و هذا إيمان لا يمكن أن يتزعزع قيد أُنملة أو أن يُنتَزع من النفوس لذلك فالشعب المؤمن لا يرجوا و لا يتمنى أن يكون هناك من يتصرف بناءًا على رغبته و مصلحته ليَزرَعَ بذرة الشك في النفوس قد تؤدي إلى إضعاف الإيمان، بل يرجوا و يتمنى أن تكون الرغبة الصادقة في تقوية هذا الإيمان و تجذيره في النفوس.. فلم تعد تنطلي هذه الأقوال من أن الروح القدس هو الذي يقود و ينتخب فإن كان هذا صحيحا لكانت المسيحية تعيش أبهى عصورها شبيهة بكنيسة الرسل التي و رغم قلتها العددية و ضعف إمكانياتها المادية و شدة التهديد عليها لكنها تغلبت على الصعاب و بشرت العالم و اسقطت الإمبراطوريات الوثنية. لأن الروح القدس كان يقودها و يعمل فيها...
احترموا بقايا إيمان شعبنا المسيحي عسى أن يحافظ عليه و لا تهينوا الروح القدس و تدقوا مسمارا جديدا في نعش الإيمان....
يتبع ... الجزء الثاني (كرسي الزمن الصعب ...)
بشار جرجيس حبش
بعيدا عن بغديدا الأربعاء 6 كانون الثاني 2022