القيادة الأميركية بالإندو-باسيفيك تحذر من اندلاع نزاع بالمحيط الهادئ وغزو الصين لتايوان

المجموعة القتالية لحاملة الطائرات الأميركية USS Abraham Lincoln ومجموعة حاملة الطائرات الإيطالية Cavour تبحران في تشكيل في منطقة عمليات الأسطول السابع الأميركي، 8 أغسطس 2024 - www.defense.gov

عشتارتيفي كوم- الشرق/

قال قائد القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ (الإندوباسيفيك) الأدميرال صامويل ج. بابارو الخميس، إن "العدوانية غير المسبوقة"، للصين تُشكل "تهديداً خطيراً" على الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها، وأضاف أن هناك مؤشرات على "اندلاع نزاع غرب المحيط الهادئ وغزو الصين لتايوان".

وجاءت تصريحات بابارو خلال جلسة للكونجرس بشأن احتمالات اندلاع حرب في تايوان ومخاطرها وآثارها، واستعداد الولايات المتحدة لها.

وقال بابارو إن الجيش الصيني أظهر في عام 2024، "قدرات متزايدة"، من خلال ارتفاع الضغط العسكري على تايوان بنسبة 300%، معتبراً أن "تصرفات الصين المتزايدة العدوانية بالقرب من تايوان ليست مجرد تدريبات، بل هي بروفات وتمارين تحضيرية".

وأضاف: "في محاولة الجيش الصيني ترهيب شعب تايوان واستعراض قدراته القسرية، فإن هذه الأفعال تأتي بنتائج عكسية، إذ تجذب اهتماماً عالمياً متزايداً، وتُسرّع من استعدادات الدفاع التايوانية".

وأشار بابارو إلى أن الصين تنتج قدرات جوّية، وصاروخية، وبحرية، وفضائية بوتيرة أسرع من الولايات المتحدة، لكنه أكد ثقته في "قدرة الولايات المتحدة وجاهزيتها للردع"، مع ضرورة تغيير المسار.

وتابع: "مبادرة الردع في المحيط الهادئ (Pacific Deterrence Initiative) يجب أن تُواجِه التهديد الصيني من خلال الاستثمار في الجاهزية والقدرات الأساسية، وإذا ما تم تمويلها كما ينبغي، فإنها ستُحقق الهدف من إنشائها، وستُحدث تحوّلاً كبيراً في موقف الردع لدينا".

تأثير الصين على شبكة تحالفات أميركا

ورأى قائد قيادة الإندو باسيفيك الأميركية أن اندلاع حرب في تايوان قد يؤدي إلى انكماش بنسبة 25% في الناتج المحلي الإجمالي لآسيا، وتأثير ارتدادي يتسبب في انخفاض بنسبة 10 إلى 12% في الناتج المحلي للولايات المتحدة، مع ارتفاع معدلات البطالة بمقدار 7 إلى 10%، واحتمال حدوث 500 ألف وفاة إضافية، بسبب "الركود أو الانهيارات النفسية والاقتصادية".

واعتبر أن هذا "يُبرز ببساطة أهمية الاستقرار الإقليمي على الاقتصاد العالمي وتأثيره المباشر على حياة البشر".

وقال بابارو: "ترتبط هذه المسألة أيضاً بحرية الملاحة الدولية، والاعتماد العالمي على أشباه الموصلات (semiconductors)، وعلى المدى الطويل، فإن مركز الثقل الاستراتيجي للولايات المتحدة هو شبكة تحالفاتنا وشراكاتنا، والتي تشمل 350 مليون شخص ضمن مجموع الحلفاء، و130 مليون ياباني، و130 مليون فلبيني، و25 مليون أسترالي، إلى جانب 500 مليون أوروبي، وشركاء حول العالم.

وأضاف بابارو: "هشاشة هذه الشبكة تعني أن بعض الدول قد تستسلم وتخضع لاستغلال الصين في طريقها نحو فرض قواعدها على النظام العالمي وجني ثمار ذلك. وقد تخضع بعض الدول في المنطقة فعلاً، لكن هناك دولاً أخرى لن تفعل ذلك أبداً بسبب التوترات التاريخية. وفي هذه الحالة، تبرز قضية الانتشار النووي، خاصة أن هناك دولاً تمتلك أسلحة نووية ومرتبطة بمعاهدات تحالف مع الولايات المتحدة، وقد لا يتوفر وقتاً كافياً للتنبيه عند الإطلاق. وهذه مسألة تمس مصلحة حيوية للولايات المتحدة".

استعداد وخيارات للرد

واعتبر بابارو أن "وجود نزاع بشأن تايوان، التي تُعد مركز ثقل للحداثة العالمية، سيُنتج معظم العواقب. كما أن الكثير من هذه العواقب ستحدث بغض النظر عن نتيجة النزاع، سواءً نجحت الصين في توجيه الضربة القاتلة، أو فشلت، أو انتهى النزاع دون حسم. ولذلك مهمتي هي العمل على امتلاك قوة جاهزة والاستعداد للقتال إن لزم الأمر، وتقديم خيارات للرئيس الأميركي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة. أنا لا أقرر بشأن أهمية هذه المسألة، بل أشرح لماذا هي مهمة".

ورأى قائد قيادة الإندو باسيفيك الأميركية أن ما "تحتاجه الولايات المتحدة حالياً من أجل ردع هذا النزاع قبل وقوعه هو القدرات الفضائية والمضادة للفضاء، حتى تستطيع أن ترى، وتفهم، وتتخذ القرار، وتتصرف، وتُقيّم، وتتعلّم بسرعة أكبر من الصين. ونحتاج أيضاً إلى تعزيز قدرتنا على إعماء العدو، وخداعه، وتدمير قدرته على الرؤية والاستشعار".

وتابع: "هناك حاجة كذلك إلى القدرة على تنفيذ هجمات بعيدة المدى دقيقة التأثير، والتي تُشكّل الركيزة الأساسية لقدرات القوة المشتركة في ضرب مراكز الثقل لدى العدو، سواء من حيث المنصات التي يستخدمها أو سلسلة الإمداد التي تدعمه. وكل ذلك يعتمد على بنية تحتية حيوية منتشرة عبر المسرح العملياتي".

الحفاظ على التفوق الجوي

ورداً على سؤال إذا ما باتت الصين قادرة على حرمان الولايات المتحدة من التفوق الجوي بالمنطقة، قال الأدميرال صامويل ج. بابارو: "أُعطيهم تقييماً عالياً في قدرتهم على القيام بذلك. لكن، لدينا نحن أيضاً إمكانات. تعرفون، التفوق الجوي الكامل يعني السيطرة الكاملة على الأجواء، وهو أمر لن يتمتع به أي طرف".

وأضاف: "مهمتي هي منافسة الخصم على التفوق الجوي، لحماية القوات المتمركزة في سلسلة الجزر الأولى، مثل القوة الاستكشافية البحرية الثالثة (III MEF)، وأيضاً لتوفير نوافذ من التفوق الجوي، حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا العملياتية. وبالنسبة لحاملة الطائرات كارل فينسون التي غادرت المنطقة، لدينا أيضاً حاملة جورج واشنطن التي ستُغادر قريباً من يوكوسوكا، كما أن نيميتز موجودة في البحر حالياً. وإذا لزم الأمر، فمجموعة الهجوم (Strike Group) وبطارية باتريوت المخصصة لنا في القيادة الإقليمية (INDOPACOM) يمكن أن تعود إلى مسرح الإندو-باسيفيك إذا أصبح ذلك أولوية أعلى".

وشدد بابارو على ضرورة الحفاظ على مستوى عالٍ من الاستعداد والإنذار المبكر، حتى تتمكن الولايات المتحدة من إعادة تلك القوات إذا وقعت أزمة شديدة الإلحاح، وفق تعبيره، لافتاً إلى أن "هناك بالفعل أزمة قائمة في منطقة مسؤولية القيادة المركزية"، وقال: "أنا أُبقي وزير الدفاع والرئيس على إطلاع دائم ويقظة مستمرة بشأن هذه القوات، وقدرتها على الانتشار والتحرك".

تعزيز العمل مع الحلفاء

وتحدثّ قائد قيادة الإندو باسيفيك الأميركية خلال إحاطته بالكونجرس عن  تطور برنامج كوريا الشمالية للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، معتبراً أنه "يُشكل تهديداً مباشراً للولايات المتحدة وحلفائها"، وأشار إلى أن بيونج يانج "تنفذ الآن تعاوناً متزايداً مع روسيا".

وقال: "مع تعمُّق التعاون العسكري بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وتوسّع الأسطول الروسي-الصيني في المحيط الهادئ، نحن نواجه توسعاً في التهديدات. ويُضيف ذلك طبقة إضافية من التعقيد، ما يخلق تحدياً مركباً".

وأضاف بابارو: "تعمل قيادة (إندو-باكوم) على ردع هذه التحديات أمام الاستقرار الإقليمي، وفي حالات المنافسة والأزمات، مع الحفاظ على القدرة على التفوّق إذا لزم الأمر، لكن هذه الهوامش بدأت تتآكل. وفي عام 2024، أجرينا 120 مناورة عسكرية مشتركة، من بينها 20 مناورة رئيسية، وشاركت فيها القوات الأميركية المشتركة، إضافة إلى الحلفاء والشركاء. ونواصل تعزيز علاقاتنا مع اليابان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، والفلبين، والهند، وتايوان، ودول الآسيان، ودول جزر المحيط الهادئ، بل وحتى الشركاء الأوروبيون ينشطون في هذا المسرح".

وتابع: "من أولوياتنا الأساسية أن نكون مهيمنين في الفضاء، وفي بيئة المعلومات، وذلك عبر تسخير القدرات التي تمكننا من مواجهة منظومة القيادة والسيطرة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والاستهداف لدى الخصوم. وسيمكننا ذلك من تحقيق تفوق غير خطي على الأعداء المحتملين".

ورأى الأدميرال الأميركي أنه "للحفاظ على هذا التفوق وتعزيزه، فإن قيادة (إندو-باكوم) تحتاج الولايات المتحدة إلى استثمارات إضافية ومستدامة في الأسلحة بعيدة المدى القابلة للبقاء، والدفاع الجوي والصاروخي المتكامل،  ودعم الإمداد والتموين القوي، مع التركيز على الأنظمة الذاتية والمرتكزة على الذكاء الاصطناعي.