عشتارتيفي كوم- رووداو/
انهيار أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات يدق ناقوس الخطر لدى الدول المنتجة، وفي مقدمتها العراق، الذي يعتمد بشكل رئيسي على عائدات النفط في موازنته العامة.
فقد انخفض سعر خام برنت، قبل ظهر الأربعاء، إلى 58 دولاراً للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 55 دولاراً. ويُعزى هذا الانهيار إلى فرض الرسوم الكمركية المعاكسة من قِبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
دخلت هذه الرسوم حيّز التنفيذ صباح الأربعاء عند الساعة 7:00 بتوقيت أربيل، غير أن تأثيرها السلبي الكبير على الأسواق دفع الرئيس الأميركي إلى التراجع عنها في الليلة نفسها، باستثناء الرسوم المفروضة على الصين.
هذا التراجع أدى إلى انعكاس إيجابي في الأسواق، إذ ارتفع سعر خام برنت عند الإغلاق مساء الأربعاء إلى 66 دولاراً، كما ارتفع سعر خام غرب تكساس إلى 63 دولاراً.
لكن، صباح الخميس، ومع افتتاح الأسواق الآسيوية، عادت أسعار النفط إلى الانخفاض. فتم تداول خام برنت عند الساعة 10:00 بتوقيت أربيل بسعر 65 دولاراً و10 سنتات، بينما سُجّل خام غرب تكساس عند 62 دولاراً و4 سنتات.
الهبوط المستمر في أسعار النفط يُشكل تحدياً حقيقياً للدول المنتجة، وعلى رأسها العراق. إذ يُباع النفط العراقي الخفيف عادة بسعر أقل بـ5 دولارات من خام برنت، بينما يُباع النفط الثقيل (البصرة) بسعر يقل بـ7 دولارات.
ووفقاً لهذه المعدلات، فإن انخفاض دولار واحد في سعر النفط يؤدي إلى تراجع الإيرادات العراقية بمقدار 3.5 مليون دولار يومياً، ما يعادل 105 ملايين شهرياً، أو نحو 1.26 مليار دولار سنوياً.
وقد وضعت الحكومة العراقية موازنتها على أساس سعر 70 دولاراً للبرميل. وإذا استقر سعر خام برنت عند حدود 65 دولاراً، فهذا يعني أن سعر بيع النفط العراقي سيكون بحدود 60 دولاراً، أي أقل بـ10 دولارات من المعتمد في الموازنة.
وهو ما يُترجم إلى عجز مالي يُقدّر بـ12.6 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل نحو 16.4 تريليون دينار عراقي.
ولا يقتصر الضغط على الحرب التجارية فقط، بل إن قرار مجموعة أوبك+ في اجتماعها السابق بزيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً بدءاً من أيار، أسهم أيضاً في خفض الأسعار.
هذا الواقع دفع بنك "غولدمان ساكس" الأميركي إلى تعديل توقعاته بسرعة، مرجّحاً أن يبلغ متوسط سعر خام برنت حتى نهاية هذا العام 62 دولاراً، وخام غرب تكساس 58 دولاراً. كما توقع أن ينخفضا إلى 55 و51 دولاراً على التوالي بحلول نهاية عام 2026.
إذا تحققت هذه التوقعات، فإن سعر النفط العراقي قد ينخفض إلى 50 دولاراً، أي أقل بـ20 دولاراً من السعر المُعتمد في الموازنة، ما سيؤدي إلى تضاعف العجز السنوي إلى 25.2 مليار دولار، أو ما يعادل نحو 33 تريليون دينار عراقي.
في هذا السياق، قال مدير شركة "قمر إنيرجي" وخبير شؤون الطاقة، روبن ميلز، لشبكة رووداو الإعلامية: "سياسة الرسوم الكمركية الأميركية أربكت سوق النفط".
ميلز توقع أن تستمر أسعار النفط في التراجع إلى ما دون المستويات الحالية ما لم تتخذ دول أوبك+ قراراً عاجلاً لتقليص المعروض في السوق.
وأضاف أن سعر خام برنت قد ينخفض من 65 دولاراً حالياً إلى نحو 60 دولاراً بحلول نهاية العام.