أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      معرض ميسي يفتح أبوابه.. فماذا يمكن أن تشاهد؟!      تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري      رئاسة إقليم كوردستان: نجاح الانتخابات يعتمد على مشاركة جميع الأحزاب والكيانات السياسية فيها      العراق.. أكثر من 27 ألف إصابة بالحصبة و43 وفاة بالمرض      خطوة عراقية أخرى باتجاه وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب      فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو
| مشاهدات : 1106 | مشاركات: 0 | 2021-12-04 07:59:10 |

الخاسرُ لا يُؤتمن

لويس اقليمس

 

 

في الأمانة الوطنية، لا مجال للتنازلات برهانات خاسرة تحملُها وجوهٌ سياسية خائبة وأفرادٌ دخلاء فاقدو الخبرة في حسن الإدارة وفي تسيير شؤون العباد وصون المال العام وتخطيط اقتصاد البلاد. فمَن جرّبَ حظّه لسنواتٍ خائبات وارتقى المشهد السياسي، والعراق خيرُ مثالٍ لهذه المشاهد الفاشلة، لا يُمكن ائتمانُه ثالثةً ورابعةً أو كلّما ومَتَما حلمَ بهذه على هواه فاقد الرؤية والروية. وهذه رؤية المرجعية الدينية منذ سنوات عندما قالتها بملء الفم. فكيف باللبيب أن يفهم غيرها ويفرض ما لا تستوجبه هذه المرجعية التي قالت كلمتها الفصل في وقت سابق ومازالت على موقفها الذي لم يتزحزح قيد أنملة إلاّ في تقريب وجهات النظر المذهبية وبما يكفل ضمان عدم فقدان السلطة الطائفية التي يروّجُ لها الكثيرون، إلاّ العقلاء منهم من الذين يرون في خيارَي السلطة الحاكمة والمعارضة القوية أفضلَ سبيلٍ للحكم الرشيد وتسيير دفة الحكم مثلما تستوجبه أصولُ الديمقراطية التي قبلتها منظومة الحكم الجديدة بما فيها من عيوبٍ فواحش ومن كبائر فساد في كلّ شيء وأيّ شيء! فالخاسرُ لا يمكن ائتمانُه أكثر ممّا حصل!

قراءة سريعة للواقع السياسي بعد انتخابات العاشر من تشرين 2021، تدلّنا على حدّة الانقسامات في صفوف البيت الشيعي الحاكم منذ السقوط الخائب في نيسان 2003. وإن دلّ هذا على شيء، فإنّما يشيرُ إلى هزالة الإدارة وفقدان الجدارة ورداءة الخيارات في تقرير الصالح الوطني وتغليب المصالح الطائفية والفئوية والشخصية والحزبية على مصلحة الوطن والشعب. ناهيك عن العنصر الولائي للجارة الشرقية في توجهات أغلب الأحزاب الشيعية الإسلامية التي تتبجح بهذه السمة في العلن. بل ويعلنها البعض عشقًا أزليًا ومشاريع تضحيات لقادة هذا البلد الجار الذي لم يخفي يومًا أطماعَه في عراق الرافدين، بلد الحضارات والتعددية الفسيفسائية دينًا ومكوّنات وأعراقًا. وأمام المقاربة الشائكة بين ما سبق حصولُه في انتخابات 2010 حيث الاستنجاد الماكر بمخرج الكتلة الأكبر التي استنبطتها المحكمة الاتحادية المنحازة وغير الحيادية حينها من أجل عدم ضياع الحكم الشيعي وتجاوز ما قد يلحق ذلك من خسارة أو من تصادم بين معسكري الخاسر والفائز، تجد المنظومة السياسية نفسها أمام ذات المشهد الذي لا تُحسدُ عليه. فالصراع بين معسكري القوتين الشيعيتين في أشدّها اليوم ولا يبدو هناك من مخارج سوى بعودة حليمة على عادتها القديمة، أي بتكرار ذات المبدأ التوافقي في تشكيل الحكومة القادمة، لا قدّرَ الله! وهذا يعني من جملة ما يعنيه تقاسم السلطة وتوزيع المكاسب بأي ثمن وإبقاء الشعب العراقي لسنوات أربع قادمات، أسيرَ الصراع الأيديولوجي المرتبط بشكل المنظومة السياسية الفاسدة والفاشلة التي أسّسَ لها اللّصّ الكبير والحاكم المدني سيّء الصيت "بريمر"، عرّاب أميركا وممثل مجرم الحرب على العراق "بوش الابن" في إدارة حكم العراق.

ومنه نخلص إلى حقيقة أنّ المنظومة السياسية القائمة وشكل الحكم البرلماني غير الناضج قد شلّا حركة الإصلاح وكبّلا أية مساهمات أو مساعٍ لإحداث التغيير نحو الأفضل في خدمة الوطن والشعب. وهذا السلوك غير الحضاري من جانب الخاسرين يبدو خارج السياقات الأخلاقية السياسية وموجهًا حتمًا ضدّ الطرف الآخر الفائز بأعلى الأصوات واتهامه بالتخوين وعدم الاعتراف بقدرته على تحقيق مشروعه الإصلاحي الوطني الذي ينادي به لكونه سيسحب البساط من تحت أقدام منافسيه الذين لفظتهم قواعدُهم. لقد كان من المفروض منحه هذه الفرصة لمعاينة ما يدّعي تحقيقه لمصلحة البلاد وراحة العباد في ضوء التراجع في كافة مجالات الحياة. فهذه المنظومة عبر السنوات التي تولت فيها حكومات شيعية رئاستها بإيعازْ من خارج الحدود، لم تتوفق في انتشال الشعب والوطن من الواقع المرير والحياة الرزيلة والتذيّل في آخر القوائم الدولية في كلّ شيء وأيّ شيء. أما الحديث عن فشل الحكومات المتعاقبة، فقد تعدّى نقاطًا ومسائل أساسية كثيرة، منها: انعدام الحرص المسؤول في تقديم الخدمات الضرورية والبنى التحتية، والفشل في إدامة وتطوير شبكة الحماية الاجتماعية وفي تأسيس ما يشمل الضمان الاجتماعي والصحي لكلّ مواطن، وغياب التخطيط الصحيح ووضع استراتيجيات مالية واقتصادية صحيحة ومدروسة للإعمار والاستثمار، وشبه خلوّ في إيجاد حل لمشكلة البطالة المتفاقمة وتكدّس جيوش الخريجين، وافتقار الخطط الناجحة بل عدم القدرة الصادقة لفرض الأمن والقانون على الجميع ومنع التجاوز على الدولة من جانب مافيات اللاّدولة، وضعف الجهود باتجاه إعادة اللحمة الوطنية بسبب الفاعل الطائفي شديد الوطأة، وعدم ادخار الوسع بجعل البلاد بتلك القوة المطلوبة لتأخذ موقعها ومكانتها بين شعوب الأرض والدول المتقدمة وكثيرٌ غيرها. فمذ ذاك ولغاية اليوم، مازلنا نعيش ضمن ذوات الدوائر التدويرية التعبانة المفرَغة غير المنتجة وغير الجديرة بالحكم بسبب اعتلاء المناصب بدواعي الشهادات المزوّرة ولأسباب حزبية أو طائفية أو قريبة من زعامات دينية أو سياسية "مقدسة" فاسدة. وكلّما سعت جهات وطنية، في راس السلطة أو في إحدى مؤسساتها أو دوائرها، لإيجاد مخارج للنجاة من المآزق، وما أكثرها، نجد مَن يلجمُها ويضع العراقيل أمام أيّ منحىً للإصلاح والتغيير ورأب الصدع في استخدام كلّ أشكال القهر والتخويف والابتزاز والتهديد والاغتيال والتسقيط بشتى الوسائل.  

 

دستور للتوافق

إنّ الإشكالية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة مردُّها قصرُ النظر في بنود دستور البلاد الأعرج الذي كُتب لصالح فئات كان لها نفوذٌ بارزٌ في فرض ما تراه ملائمًا لمصلحتها الفئوية والطائفية على حساب المصلحة الوطنية. وبمعنى آخر، كانت مؤامرة لوأد كلّ ما يعين الوطن وأهلَه على التعافي السريع والطبيعي من أزماته ومشاكله التي أصابته جرّاء العنجهيات والعنتريات والحروب العبثية التي رافقت فترة الحكم العائلي السابق لسنوات عجاف. كما أنّ الاستفتاء الشكلي الذي جرى على الدستور في 2005، قد أفسد الحسّ الوطني وحرمَ النخب من إبداء الراي والاعتراض على ما احتواه من بنودٍ ومطبات وكمائن وقنابل موقوتة بوجه أية وسائل كانت تستهدف انتشال البلاد من أمراضها السياسية في محاولة واضحة لإبقائها والشعب في مرمى أعداء البلاد، داخليًا وإقليميًا ودوليًا، وجعلِها تدور في دوائر مفرغة وفي أزمات متلاحقة لحدّ استنفاذ كلّ مقدّراتها المادية والمالية وحلبِ مواردها البشرية والاقتصادية بالطرق والوسائل الجهنمية التي نعيشها ونشهدها اليوم.

قد لا يختلف إثنان على الإشكاليات المنغصة التي أنتجها دستور 2005، ومنها معاناة البلاد والعباد من خلفيات كلّ دورة انتخابية وما تشهده الايام اللاحقة للاقتراع الهزيل المتهم في كلّ مرة بالتزوير من ماراثون طويل ومرهق في تشكيل الحكومة التي أخذت المشاركة فيها تقليدًا طائفيًا لاقتناص الغنائم وفرض أتاوات المحاصصة بموجب عدد المقاعد البرلمانية التي تحصل عليها كل كتلة أو حزب من دون بروز معارضة وطنية قوية لمراقبة أداء الحكومة ومؤسساتها وتقويم هذا الأداء بما تحتمه مبادئ الديمقراطية الفتية وغير الناضجة. وإنّ أقلَّ ما يمكن أن يوصف هذا الدستور غير القويم أنه قد كبّلَ البلد وجعله رهينة بيد أحزاب المثلث الحاكم لتقاسم المغانم وفق صيغة التوافق المقيت في مشهد غير وطني عجيب غريب لا مثيل له في العالم المتمدّن. فالكلّ مشارك في السلطة والكلُّ معارض وينتقد الجهاز التنفيذي في ذات الوقت.

لقد أفرزت الأحداث طيلة السنوات المنصرمة ما بعد إقرار الدستور بصيغته الحالية عن أزمات متفاقمة بسبب الأساليب القهرية غير المسؤولة المتبعة في صيغة الحكومات التوافقية المتعاقبة ومنها توليفات غريبة لأشكالٍ من الحكم والسطو خارج سلطة الدولة، تمثلَ بأدوات اللّادولة التي فاقت في تسليحها وعديدها قدرات السلطة الرسمية. كما تمخض مثل هذا السلوك عن خروجٍ واضح لشرائح تدّعي الانتماء لجهاتٍ رسمية ضمن تشكيلات الدولة في فرض قوانينها وابجدياتها ومفاهيمها وايديولوجياتها أحيانًا على الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في البلاد. وهذا كلُّه معروفٌ للقاصي والداني، ولستُ مبتكرًا إياه من بنات أفكاري.

من هنا كان لزامًا على النخب الفائزة في الانتخابات الأخيرة، ولاسيّما "المستقلّة" الوطنية منها أو تلك المدّعية بالانتماء للوطن والشعب أن تضع في أولويات حججها وفي عهدتها البرلمانية وفي برامجها إعادةَ كتابة دستور البلاد وفق رؤية وطنية صحيحة وصادقة ضمن نطاق ميزان الديمقراطية الوليدة. كما أننا نضع ثقتنا في رقاب الكتلة المستقلة الجديدة، التي يسرّنا تسميتها بكتلة "تشرين الوطنية"، كي تقوم بهذا الواجب الوطني وتكثّف من جهودها الصادقة لإحداث تغيير في شكل المنظومة السياسية للسنوات القادمة بدءً من هذه الدورة التي تختلف بالتأكيد عن الدورات السابقة من حيث فرزها الغثّ من السمين واستبعاد الجهات والفئات غير الوطنية التي أثبتت ولاءَها لغير الوطن وأهله. وفي هذا عقوبةٌ لها من مواليها السابقين وخروجٌ عن عقدة عبادة "المقدّس"، طائفة وشخوصًا وزعامات. فلا مقدّس بعد الله والوطن! وكلُّ خارجٍ عن خيمة الوطن أو موالٍ لغير هذا الأخير، لا يمكن ائتمانُه البتة، لكونه خسر الرهان وفقد المصداقية وثقة الشعب والوطن معًا.

وهنا نشير إلى أنه لا بدّ من الوصول إلى تحوّل عميق في الإدارة السياسية وفي الفكر الدستوري من جانب المختصين في هذا الشأن من أجل تقبّل فكرة حصول تغييرات في الدستور العراقي وتعديله أو إعادة قراءة البنود مثار الجدال. كما عليها عدم غضّ الطرف عن كلّ ما يمسّ سيادة الوطن ويحفظ وحدتَه ويصون ترابه وسماءه ومياهه وفق القوانين الدولية من دون خوفٍ ولا خشية في مواجهة دول الجوار الطامعة التي تستخفُّ بسيادة البلد وتخرق هيبَته وتستسهلُ اغتصابَ حقوقه من دون خجل ولا خوف ولا محاسبة أو تحدٍّ من جانب ساسة البلاد وزعامات السلطة الفاسدة للأسباب العديدة والصفات الرزيلة التي يستحقون نعتهم بها بسبب مواقفهم الهزيلة ولا مبالاتهم في إحقاق حقوق الوطن والشعب. وحبذا لو جرى عرض المقترحات المرتقبة لإعادة كتابة دستور جديد أو تعديل العديد من فقراته على الشعب للاستفتاء بعد إنضاجها إعلاميًا ووطنيًا بكل الطرق والوسائل وليس بأسلوبٍ شكليّ كما حصل في دستور 2005 الذي تمّ إقرارُه بطريقة مخجلة وغير ديمقراطية عندما حسمت الجمعية الوطنية "غير الوطنية" أمرها وأخرجه الساسة للناس بطريقة بهلوانية مفروضة على الشعب لضمان مكاسب ومصالح وفوائد لأحزاب السلطة وفق صيغة التوافقات السياسية بين المثلث الشيعي-السنّي- الكردي التي تمتعت بالكعكة العراقية ما طاب لها ولذَّ، بحسب اعترافات زعامات وأفراد وعصابات.

 

حكومة قوية ومعارضة قوية

إن ما ينتظر البلاد، ترقّبُ وصول حكومة قوية تتحمّل وزر المسؤولية الكاملة أمام البلد والشعب والعالم. وإنّ سرّ نجاحها بالتأكيد، ستحدّدُه سمتُها الوطنية وكفاءتُها الإدارية وجدارتها في خدمة الشعب وتأمين أمنه السلمي ورفاهته مثل سائر شعوب الأرض وفي تنويع مصادر الطاقة ووقف هدر المال العام ومحاسبة سرّاق الشعب ولصوص الخزائن، المركزية منها وفي الأقاليم والمحافظات من دون استثناء. فالجميع مثل الجميع يجب أن يخضع للقانون، ولا فضل أو تمييزًا لمواطن على غيره. فالشعب مصدر القوة والقانون، وليس أحزابُ السلطة ومافياتُها وكلّ مَن يتعكّز على غطاء مهلهلٍ بجلباب الدين او الطائفة أو المذهب أو الزعيم "المقدس" الذي لا ينبغي أن يُمسّ! مقابل ذلك، نترقب قيام معاضة قوية، كما هي حال دول الديمقراطيات في البلدان المتحضرة يكون من ضمن واجباتها واهتماماتها مراقبة أداء الجهاز التنفيذي في الدولة العراقية، أي الحكومة بكل مؤسساتها وتقديم الحلول والمعالجات لإقرارها ومناقشتها في برلمان الشعب وجهًا بوجه من دون تملّص أو مواربة أو محاباة أو مجاملة لطرف أو فردٍ دون آخر. وهذه هي حقيقة الحياة الديمقراطية في السياسة الصحيحة لهذا المفهوم. وحقًا تلكم هي فرصة النجاة المتاحة للتغيير والإصلاح بقيام حكومة قوية تقابلُها معارضة قوية لمراقبة الأداء وتقويم المعوج وتقديم النصح والاستشارة. فقد أثبتت الوقائع والأفعال والسلوكيات الشاذة عقمَ وعدم جدوى الحكومات التوافقية التي كبّلت هذه الأخيرة وجعلتها رهينة بأيدي زعامات السلطة وأحزابها المتاجرة بحقوق الوطن والشعب من هواة الطائفية والعرقية والفئوية.

من جملة ما ننتظره أيضًا من القوى المستقلة والوطنية ومنها تلك التي تدّعي الوطنية في البرلمان الجديد أن يصونوا الأمانة ويحثوا الخطى باتجاه قراءة جادّة لأسباب وحيثيات بلوغ البلاد هذا الدرك من الركاكة في الأداء واستشراء الفساد في كل مفاصل الدولة الإدارية والمالية الذي مردُّه الدستور وتطبيقاتُه الهزيلة وغير الجادّة. وهذا ممّا ينذر بقادم أسود فيما تم غضّ الطرف عن هذه الأسباب لأية دواعٍ. في اعتقادي، فإنّ ترافق العمل الرقابي مع الأداء، وكلاهما من صلب واجبات البرلمان وممثلي الشعب، سيكفلان بدرجة أو بأخرى إجراءَ تعديلات جوهرية في جميع مواقع الأداء والخدمات كي تتوافق مع المرحلة الراهنة. فما كان يصلحُ بعد سقوط النظام السابق لم يعد ينفع بعد خبرة أكثر من ثمانية عشر عامًا من الحكم غير الرشيد والفوضى في الإدارة وغياب الإرادة الوطنية.

إن البلاد بحاجة إلى تغيير مرتقب بعدَ قرب محاسبة الكثير من خلايا الفساد وبلوغ رؤوسها وعرّابيها ممَّن ارتهنوا البلاد والعباد بسبب نظام التوافق الفاسد الذي ضمنَ أدواتٍ لصوصيّة بدأت مواسيرُها بالصدأ والتعفن بحيث فاحت رائحتُها بسبب اشتداد وطأتها على البسطاء والفقراء والكادحين من الباحثين عن رزق حلال ولقمة عيش بكرامة وإنسانية بعد طغيان الغلاء في السلع وتدهور الحالة المعيشية لغير الملتحقين بجيوش وظائف الدولة الخاسرة وغير المنتجة. فالمشروع السياسي المرتقب الجديد تتحمّلُ الكتل والجهات الفائزة مسؤولية المضيّ في سبيل إخراجه للوجود مهما اقتضت الظروف وزادت التحديات. فهو سيكون بمثابة مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي وتربوي وعلمي ناضج بدعائم قوية تؤسّسُ لدولة متحضّرة لا تخضع للمحاصصة والتوافق بقدر ما تلقي بكلّ طاقاتها وقدراتها في سبيل إنضاج مشروع وطني قادر على حماية البلاد من اية مزالق وعدم السماح بارتهانه بمصالح دول الجوار بعيدًا عن أية نسمات ونفحاتٍ وطنية صادقة. وهنا سيكون الرابح الأكبر هو الشعب وقواه الوطنية المؤمنة بالانتماء الصحيح للوطن والشعب قبل أي انتماء ديني أو مذهبي أو طائفي أو عرقيّ أو إقليمي أو دوليّ وكلّ ما من شأنه أن يعكرّ صفو الأجواء الوطنية ويوقف عجلة الاقتصاد والتحضّر والسلم الأهلي والخدمات بعمومها ومجملها. أمّا الخاسرون من أحزاب السلطة ولاسيّما الإسلامية منها وزعاماتُها، فلهم البكاء وصريرُ الأسنان والندم على أفعالهم غير الوطنية وخيبتهم وخذلانهم للشعب الذي قدّسهم وهرولَ باتجاههم سنوات مريرة.

فهل سيضع البرلمان الجديد خطوات جادّة باتجاه مشروع وطنيّ قحّ لعراق جديد بحكومة أكفاء وخبراء قادرة على مقارعة مكايد الأعداء والفاسدين والمزوّرين واللصوص، وما أكثرهم؟ وهل ستحزم الكتلة الفائزة أمرَها وتتحدى أصوات الباطل بعدم التنازل عن حقها بتشكيل حكومة وطنية عراقية مخلصة قوية لا تخضع للمحاصصة، تنصف المحرومين وتحسّن الخدمات، وتحاسب الفاسدين وقاتلي الأبرياء ومفتعلي الفتن ومعيقي تقدم البلاد؟ الأيام الماراثونية بيننا لغاية تشكيل مثل هذه الحكومة التي أصبحت ضرورة ماسّة للخروج من عنق زجاجة الحكم العقيم والدولة الاستهلاكية الريعية غير المنتجة. فلا مجال بعد، للخطاب المجامل والمنمّق والمداهن على حساب الوطن وأهله.










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6337 ثانية