(أللهم ارحمني أنا ألخاطئ....لوقا 13:18)
أنت انسان تراب الأرض, طين, قريب لكل ما هو أرضي وحقير, ابن للجنس ألحيواني. اذا كنت لا تعرف كرامتك فاعزل ذاتك عن ألحيوانات بالأعمال لا بالأقوال, اذا كنت ولوعاً بالسخرية فأنت لا تختلف عن ألشيطان وعندما تهزأ من قريبك فأنت فم ابليس. اذا كنت تسر بالضعفات والخطايا بألفاظ جارحة فالشيطان لم يعد له مكان في الخليقة لأنك قد أغتصبت مكانه عنوة. أهرب من هذا يا انسان لأن هذا أمر ضار ومؤذ, واذا أردت أن تحيا حسناً فلا تجلس مع ألمستهزئين لئلا تشترك معهم في خطيتهم وفي عقوبتهم, عليك أن تبغض ألسخرية حتى تصل الى ألبكاء, وأرفض ألطرب حتى تقتني طهارة ألنفس, واذا صادف أن سمعت ساخراً على غير ارادتك فأرسم على نفسك علامة صليب النور وأهرب عاجلاً من هناك كالظبى لأنه حيث يسكن ألشيطان لا يمكن أن يسكن ألمسيح. الأنسان ألذي يُسخر من قريبه انما يفسح مكاناً رحباً لسكنى ألشيطان, ويصبح قلبه قلعة لابليس ولا يحتاج ألشيطان الى اضافة أي خطية أخرى لمثل هذا لأن ألسخرية في ذاتها كافية أن تفتح المصراع للجميع. فبسبب ضحك هذا ألساخر يحزن البائس والمسكين وهو لا يعلم ذلك ولا يدركه. جرحه لا يندمل وعلته لا شفاء لها. وألمه بلا دواء وضربته لا تقبل ألعلاج. ليست بي حاجة أن أجعل لساني في توبيخ مثل هذا الانسان فيكفيه عاره المخجل وتكفيه جرأته ألوقحة. طوبى لمن لا يسمعه ولمن لا يعرفه... فهذا ألشرير خميراً لابليس. لا تُغضب انساناً لئلا يلقبونك بالشيطان, فان كنت تكره مجرد الاسم فلا تقترب من ذات ألفعل, أما اذا كنت تحب هذا ألتصرف فلا تغضب من هذا أللقب. أنظر الى ألطيور ووبخ نفسك أولاً مما تراه فيها, فكل نوع يلتصق بجنسه ومنها تتعلم أن تتفق مع رفيقك في ألنير, ولا تبتهج بما يصيب ألناس من ألمهانة حتى لا تكون أنت نفسك شيطاناً فاذا حدث شر لمن يبغضك فلا تفرح لئلا تخطئ فان سقط عدوك فتألم من أجله واحزن. احفظ قلبك حتى لا يخطئ داخلياً (أمثال 23:4) لأن كل أفكار ألانسان وأفعاله سوف تعلن أمام ألجميع. سخر يديك في العمل ودع قلبك يهذى بالصلاة, اياك أن تحب الأحاديث ألبطالة لأن ألحديث النافع يبني ألجسد والروح ويخفف من عبء عملك. بالنسبة للبار والمستقيم تصبح ألتجارب عوامل مساعدة, لقد انتصر أيوب على ألتجارب بالتمييز والحكمة. لقد حلٌ عليه المرض فلم يئن أو يشك. لقد أقضت العلة مضجعه ولم يتذمر, ذبل جسده وتداعت قواه ولكن ارادته ألصالحة لم تضعف, لقد أثبت كماله في كل الامه على قدر ما عجزت ألتجارب عن سحقه.
كان ابراهيم غريباً عن وطنه وبيته وأقاربه ولكن لم يصبه أذى بل هذا عزز انتصاره في جهاده. وهكذا يوسف في بيت ألعبودية أنتقل ليحكم كملك مصر. تأمل ألذين رافقوا دانيال وحنانيا, خلصوا أخرين من العبودية... تأمل أيها الحكيم القوة التي تمتلكها الحرية لا شئ يستطيع أن يصيبها باذى ما لم تضعف الارادة. أتخم اسرائيل بحياة الترف والمتعة فترك عهده مع الله ونسيه (تث 15:32) فقدم عبادته لألهة كاذبة, ونسى طبيعة خلقته, نسى أيام عبوديته في مصر عندما استراح السبت في ألبرية, كلما حاصرته الضيقات عندئذ فقط كان يعترف بالرب الاله ولكن عندما يسكن أرض الراحة كان ينسى الرب مخلصه, لا تلتمس الراحة في هذا العالم لأن هنا أرض الشقاء. واذا كنت حكيماً فلا تستبدل زماناً بزمان (لا تستبدل الحياة الباقية (الأبدية) بالفانية), لا تستبدل الابدية بالزمنية, ولا الحق بالكذب, ولا الجسم بالظل ولا اليقظة بنوم الغفلة, ولا اللائق بما لا يليق, ولا الدهر بالازمنة. (اجمع ذهنك ولا تدع فكرك يطيش في أمور لا تفيد). لا يوجد في الخليقة غنى الا من هو يخاف الله, والفقير الحقيقي هو من لا يملك الحق ما أشد حاجة الانسان وفقره, حتى انه يلتمس حاجته من المنبوذين والفقراء, وسوف تكون حاجته هذه شاهداً ضده, انه مستبعد حقاً وكثيرون يسودون عليه, مستعبد للمال, والثروة والمقتنيات سادته تنعدم فيهم الرحمة, لانهم لا يسمحون له بالراحة. أهرب من هذا العناء والتمس حياة الفقر لانها تحنو عليك كما تحنو الأم على وحيدها, تحصن بالحاجة والعوز لانه يطعم صغاره بالأشياء المختارة, ان نيره هين ولطيف, ويلذ تذكاره لحلقك. مرضى الضمائر وحدهم هم الذين يجزعون من نير العوز الشريف, من الذي أعطاك يا ابن الانسان أن تجد راحة في العالم؟ من الذي أعطاك يا وليد التراب أن تكون غنياً في وسط الفقراء؟! لا تكن حاجتك وهمومك وتطلعك للأخرين بسبب الميول والرغبات, يكفيك طعام يومك الذي تكسبه بعرق جبينك, ليكن هذا هو مقياس احتياجك... فاذا دعيت الى وليمة فلا تأكل منها الا على قدر حاجتك, ولا تأكل في يوم طعام أيام لأن البطن لا تدخر طعاماً بل سبح الله وأشكره. عندما تشبع, حتى لا تغضب واهب العطية شدد نفسك في الطهارة حتى تكسب من ورائها نفعاً. في كل شئ اشكره وسبحه كفادي نفسك حتى يعطيك حسب نعمته وأن تسمع وتعمل مشيئته. واذا قدمت اليك مشورة الحياة فلا تتغافل عنها. لقد كتبت لك ما كتبت مما أخذته من تعاليم الأخرين, فاياك أن تحتقر كلماتهم واذا سبقت في الرحيل فاذكرني في صلاتك في كل وقت. صل وتضرع حتى تستمر محبتنا صادقة. أما بالنسبة لنا فيما يختص بهذه الامور فلنقدم السبح والكرامة للأب والابن والروح القدس الأن والى الأبد, أمين...