يوحنا 14 : 20) فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ.)
يوحنا 5 : 15 ( أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا. )
للمعترضين على العنوان …
في البدء ذكرت آيتان من الإنجيل يثبتان بما لا يقبل الشك و بتصريح من الرب يسوع المسيح أن الله فينا …
و تعمدت أن أحدد الفترة الزمنية التي أعنيها و التي أرى فيها الله مُنهَزِم أمام الشيطان ( هذا الزمان )…رغم أني في متن المقالة أحدد أحداث إنهزم فيها الله أمام الشيطان بسبب الإنسان …أكرر بسبب الإنسان …
الرجاء قراءة الجزء الأول و الثاني من أجل أن تتوضح الصورة ….
الجزء الثالث ….
سبب الصراع ….
إشعيا 13:14- 15 ( وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.)
قد تكون هذه الكلمات الموجهة الى الشيطان و التي تذكره بما كان يفكر به و يخطط له فإنها تعلن صراحة عن السبب الحقيقي لإندلاع الصراع الأزلي بين الله و الشيطان الذي كان في حقيقة الأمر ملاكاً له المنزلة الخاصة و المقام الرفيع الذي يدل عليه إسمه الحقيقي الذي هو لوسيفر والذي معناه ( حامل النور ) و كان من ضمن جوقة الملائكة الكاروبيم الذين حَولَ عرش الله و المقربين منه وهو الكَروب المنبسط المظلل كما مذكور في سفر حزقيال 12:28-17( وأنت خاتم الكمال ملآن حكمة وكامل الجمال... أنت الكروب المنبسط المظلّل... على جبل الله المقدس كنت. بين حجارة النار تمشّيت أنت كامل في طرقك من يوم خُلقت حتى وجد فيك إثم...قد ارتفع قلبك لبهجتك. أفسدت حكمتك لأجل بهائك.)هذه المواصفات التي يتفرد بها الملاك لوسيفر دونً عن كل الملائكة قد منحته السلطة النافذة التي جعلته يتمتع بقدر كبير من ثقة الله وأهلته لأن يكون قريبا منه…خاصة و أنه لم يكن معروفا عنه انه يحمل في قلبه أي قدر من الشر و لو حتى ضئيلا….و ربما هذه الصفات التي يتمتع بها ويحملها عن إستحقاق هي ذاتها التي جعلته في لحظة غرور و تَكَبُر أن يطمع بأكثر مما له لذلك أعلن التمرد الذي حركته الرغبته الجامحة بمزيد من السلطات أو ربما حتى التشبه بالله …. لكن وبما لا يقبل الشك أنه بعد أن تَكبَر و أضمر في قلبه رغبة في تحدي سلطة و إرادة الله بدأ الشر ينمو فيه تدريجياً و يتخذ أشكال جديدة و وسائل متنوعة كلها تؤدي بالنتيجة الى تحدي إرادة الله و مخالفتها…الى الدرجة التي جعلت النبي إشعيا يقول متسائلا في سفره 12:14 ( كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ ) و للإجابة على تساؤل النبي إشعيا ببساطة شديدة هو أنه قد شَعَرَ بالتَكَبر بسبب مكانته و إغتَرَ بقوته و إنخدع بحكمته و بدأ يُحَرِكه حب التسلط الذي ملئ قلبه و يطغى عليه مما جعله ينكر محبة الله له و ثقته به و تَحَرك للقيام بمحاولة الإنقلاب على سلطته.. ليكون بذلك رمزا لأول خيانة يَشعر بها الله ضد محبته و يلقاها من أحد مخلوقاته و يسجل للشيطان لوسيفر أيضا قيادة أول محاولة إنقلابية على سلطة الله…و لأنه فشل في مسعاه كان عليه أن يتحمل تبعات خيانته و تكبره منتظرا حكم الله عليه و الذي كان أمام خيارين لا ثالث لهما…..
أولها. أن يقتل الخائن لوسيفر أو ينتزع منه قوته و يسجنه الى الأبد في مكان ما،و هذا ممكن جدا لله و حينها لن يجد الله من يَتحداه في سلطته ، و إن كان فعل الله هذا الخيار الأول فإنه بالتأكيد كنا سوف نعيش في عالم غير ما هو عليه اليوم حيث لا شر فيه مطلقاً و بالتالي لن نحتاج فيه الى حماية من الله و محبته و عدله و رغبة في الوصول اليه…
و ثانيها أن يطلق الله سراحه و يمنحه حريته و يكتفي بطرده من حضرته ليكون لنا بذلك العالم الذي نعيشه اليوم و فيه نتوسل الله الحماية و نتوق الى محبته و ننشد عدله و يشدنا الرجاء اليه…طمعا بجنته …
فكان أن إختار الله الخيار الثاني و طرد الشيطان لوسيفر و إختار لنا العالم الذي نعيشه اليوم حتى ننال حمايته و محبته لكن الله إشترط علينا إن أردنا عطاياه و نعمه أن نهزم الخائن الشيطان لوسيفر ليفهم حجم قوته الحقيقية و ضعف قدرته على هزيمة الإنسان و هذا ما خطط له الله…..أن يجعله يرى قوته الحقيقية ….
و من هذه اللحظة إنطلق هذا الصراع الأزلي الذي شهد أولى المواجهات فيه في السماء و قد آلت نتيجتها لصالح الله الذي طرد الشيطان لوسيفر من حضرته و طرده من أمام عينيه و أبعده عن عرشه… لكن بعد هذه المواجهة بدأ الصراع بإرادة من الله يأخذ شكلا جديدا بين الروح الشريرة الماكرة و بين الإنسان المخلوق على صورة الله و مثاله و رغم ذلك أثبتت المواجهات بينهما تفوق الشيطان لوسيفر على الإنسان في مواجهات يومية من عمر البشرية على الأرض و بالتالي أثبتت عدم تكافئ الصراع بين روح الشر لوسيفر و ضعف الجسد الإنساني و ما زالت المواجهات مستمرة حتى اللحظة أحيانا تظهر بجلاء هزيمة الإنسان في هذه المواجهة و سقوطه أمام الشيطان و أحيانا أخرى نشهد إنتصار الإنسان…و لأن الله يريد النصر دائما أن يكون مرافقا للإنسان فإنه يغضب كثيراً إن شهد هزيمة الإنسان الذي وكله بالنيابة عنه و أقحمه في هذا الصراع….لذلك كانت له إرادة و تدبير في دعم الإنسان و مساعدته رغم أنه وضع فيه القوة التي يقدر بها من هزيمة الشيطان لوسيفر و يحبط كل مساعيه … لكن الإنسان لم يكتشف هذه القوة التي فيه ….
يتبع …….الجزء الرابع … أهم المواجهات في الصراع …
بشار جرجيس حبش
بعيدا عن بغديدا 25 أيلول 2019