
عشتارتيفي كوم- سيرياك برس/
أنقرة — قدّم النائب السرياني في البرلمان التركي جورج آريو مشروع قانون يقضي بإدراج يوم 25 كانون الأول، عيد الميلاد المجيد، ضمن العطل الرسمية في البلاد، مستندًا إلى الإرث المتعدد الثقافات في تركيا ومبدأ “المواطنة المتساوية“ بوصفهما أساسين دستوريين للاقتراح.
آريو، المعروف رسميًا باللقب التركي المفروض عليه “أصلان“، هو نائب عن حزب المساواة والديمقراطية “ديم بارتي”، الذي يُعدّ “اتحاد الجمعيات السريانية“ في تركيا (SÜDEF) أحد أعضائه المؤسسين، ويمثّل ولاية مِردة (ماردين) في جنوب شرقي البلاد. وقد أحال مقترحه هذا الأسبوع إلى رئاسة البرلمان (الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا)، طالبًا تعديل قانون الأعياد الوطنية والعامة بما يتيح الاعتراف بعيد الميلاد، الذي يخلّد ميلاد السيد المسيح ويُعدّ من أبرز الأعياد في الديانة المسيحية.
ويعترف التقويم الرسمي في تركيا حاليًا بالأعياد الدينية الإسلامية، ومنها عيد الفطر وعيد الأضحى، كعطل عامة على مستوى البلاد، فيما لا يُعتمد أي عيد مسيحي على المستوى الوطني، رغم وجود جماعات مسيحية تاريخية متجذّرة في المجتمع التركي.
وفي المذكرة التفسيرية المرفقة بالمقترح، شدّد آريو على الهوية التاريخية لتركيا كبلد تشكّل عبر قرون من تفاعل أديان وثقافات متعددة، معتبرًا أن السياسات المعتمدة منذ تأسيس الجمهورية عام 1923 أسهمت في إضعاف هذا الطابع التعددي.
وجاء في نص التبرير: “تراجعت جماعات سكانية كانت تُقدَّر بالملايين، من بينها اليونانيون والأرمن والسريان المسيحيون، إلى أقل من مئة ألف نسمة اليوم“، في إشارة إلى التحولات الديموغرافية خلال القرن الماضي بفعل الهجرة والاضطرابات السياسية والضغوط الاجتماعية.
وتشير تقديرات حديثة إلى أن المسيحيين يشكّلون اليوم أقل من واحد في المئة من سكان تركيا، ويتمركز معظمهم في إسطنبول وأجزاء من جنوب شرقي الأناضول، ولا سيما ماردين، المعروفة تاريخيًا بتنوّعها الديني.
كما استحضر آريو الدور المحوري لتركيا في التاريخ المسيحي المبكر، مشيرًا إلى أنطاكيا، حيث أُطلق لأول مرة لقب “مسيحيين“ على أتباع يسوع، وإلى نيقيا (إزنيق حاليًا)، التي احتضنت المجمع المسكوني الأول عام 325 للميلاد، واضعًا أسسًا عقائدية محورية للإيمان المسيحي.
ويؤكد المقترح أن الاعتراف بعيد الميلاد كعطلة عامة من شأنه أن يشكّل خطوة رمزية لتعزيز شعور الانتماء لدى المواطنين المسيحيين، وترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية المنصوص عليه في الدستور التركي.
وفي دعمه للمبادرة، أشار آريو إلى أن عيد الميلاد يُعتمد عطلة رسمية في عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، بينها العراق وسوريا ولبنان والأردن ومصر، معتبرًا أن اعتماد سياسة مماثلة في تركيا ينسجم مع الممارسات الإقليمية من دون المساس بالتلاحم الاجتماعي.
وفي حال إقرار المشروع، سيُضاف 25 كانون الأول “عيد الميلاد المجيد“ إلى قائمة الأعياد الوطنية والعامة في تركيا، ليصبح يوم عطلة رسمية على مستوى البلاد.
غير أن المقترح يواجه حظوظًا محدودة في برلمان تهيمن عليه أحزاب موالية للرئيس رجب طيب أردوغان، وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية، الذي لم يُبدِ تعليقًا علنيًا حتى الآن. ومع ذلك، فقد أعاد طرح المشروع نقاشات أوسع حول التعددية الدينية وحقوق المكوّنات غير الممثَّلة تمثيلًا كافيًا، والدور الرمزي للأعياد العامة في صياغة الهوية الوطنية.
وبالنسبة لما تبقّى من الجماعات المسيحية في تركيا، بما فيها السريان (الآراميون–الآشوريون–الكلدان)، والأرمن، واليونان (الروم) الأرثوذكس، يمثّل هذا المقترح لحظة نادرة من الحضور في الأجندة التشريعية للبلاد، حتى وإن ظل مصيره السياسي غير محسوم.