

كم هو مشهد مهيب ومؤثر؛ رؤيتك وأنت تعبر عتبة الكنيسة، تحني رأسك بخشوع، ترسم علامة الصليب بتؤدة، وتسير نحو الهيكل بخطوات واثقة وهادئة. في تلك اللحظة، يبدو محياك مشعاً، وعيناك مغمضتين في صلاة عميقة، حتى ليخال للناظر أن ملاكاً قد هبط لتوّه في بيت الله.
ولكن، ماذا يحدث حين ينتهي القداس؟
الانفصام الروحي: أزمة الازدواجية المتعمدة
المأساة الحقيقية ليست في ضعفنا البشري، فجميعنا خطاؤون، بل في "التناقض المتعمد". كيف يمكن لنفس اللسان الذي رتل التسابيح وتقدم لتناول القربان المقدس بوقار، أن يتحول فور خروجه إلى سيف مسلول يغتاب القريب، ويجرح الصديق، وينشر الكذب والنميمة؟
هذا الانفصام هو الداء الذي ينخر في جسد إيماننا. أن تلبس "قناع التقوى" داخل الجدران المقدسة، وتخلعه عند الباب لتعود "إنساناً آخر" في الشارع، والعمل، والبيت.
نظرة الله: القلب أم الثياب؟
قد نخدع الناس بمظهرنا، بملابسنا الأنيقة يوم الأحد، وبكلماتنا المنمقة، لكننا لا نستطيع خداع من يفحص الكلى والقلوب. يقول الرب: "هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فبعيد عني". النفاق هو أن تجعل الكنيسة "مسرحاً" لتمثيل دور المؤمن الصالح، بينما قلبك مليء بالحقد والكراهية تجاه أخيك الذي يجلس في المقعد الخلفي، أو جارك الذي ترفض مسامحته.
الإيمان ليس معطفاً نعلقه عند باب الكنيسة ونرتديه مرة واحدة في الأسبوع. الإيمان هو:
النفاق وتشويه الشهادة المسيحية
إن الازدواجية الروحية ليست مجرد قضية شخصية بين الإنسان وربه، بل هي كارثة عامة تضرب في صميم رسالة المسيحية للعالم.
عندما يرى غير المؤمنين أو المشككون شخصاً يظهر كالملاك داخل الكنيسة، ثم يكشف عن وجهه القاسي والمنافق في المعاملات اليومية، فإنهم لا يحكمون على هذا الشخص وحده، بل يحكمون على المسيح والكنيسة بأكملها.
الآثار المدمرة لارتداء القناع:
دعوة لخلع الأقنعة وتغيير القلوب
الكنيسة ليست متحفاً للقديسين، بل هي "مستشفى للخاطئين"، ولكن شرط الشفاء هو أن نعترف بمرضنا، لا أن نتظاهر بالصحة. كفاك نفاقاً.. لا تدخل الكنيسة كملاك وأنت تنوي الخروج منها بنفس القلب القاسي.
الحل: أربعة خطوات للشجاعة الروحية
ختاماً: الله لا يريد ممثلين بارعين، بل يريد أبناءً حقيقيين. فلندخل الكنيسة بقلوب منكسرة، ولنخرج منها بقلوب متغيرة. هكذا فقط، نكون مسيحيين بالحق، لا بالاسم والمظهر.