عشتارتيفي كوم- ايبارشية اربيل الكلدانية/
أنتم شهود المسيح، لا مجرّد ناقلي معلومات"
التأم معلمو ومعلمات التعليم المسيحي في رعايا عنكاوا الكلدانية، مساء يوم الجمعة 1 آب 2025، في لقاء رعوي في الجامعة الكاثوليكية في أربيل، بحضور راعي الإيبارشية، سيادة المطران بشّار متي وردة، وتحت عنوان: "التعليم المسيحي في زمن الذكاء الاصطناعي: بين الأداة والحضور."
في مستهلّ اللقاء، خاطب سيادة المطران الحاضرين بكلمة أبوية ملؤها الامتنان والودّ، قائلاً: "باسم الكنيسة، أحيّيكم وأشكركم من القلب. أنتم شهود حيّون لحضور المسيح في قلب هذا الجيل. لا تُعلّمون فقط، بل تُحبّون، وتزرعون الرجاء، وترافقون بمحبة وصبر، وهذا بحد ذاته فعل تبشير عميق."
وأوضح أن التعليم المسيحي ليس وظيفة تُنجَز، بل دعوة تُعاش، ورسالة تبدأ من القلب وتُترجم إلى شهادة حياة. فكل ساعة تقضيها المعلّمة أو المعلّم في التحضير واللقاء، هي مشاركة في وصية يسوع: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (مت 28: 19).
وانتقل المطران وردة إلى محور اللقاء، متحدّثًا عن التحوّل العميق الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي في حياة الأجيال الجديدة، قائلاً: "نحن نعيش في زمن غير مسبوق. الهاتف يقترح علينا كلمات لم ننطقها بعد، والتطبيقات تُخبرنا عمّا نحتاجه قبل أن نطلبه. بل حتى في الحوارات الروحية، تلوح الخوارزميات في الأفق."
وشدّد المطران على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة نعمة حين يُستخدم بتمييز، لكنه لا يمكن أبدًا أن يُعوّض الحضور البشري المُحب، قائلاً: "الآلة تُنظّم وتُقترح، لكنها لا تُحب، لا تُسامح، لا تُصغي. أما أنتم، فأنتم تُقدّمون قلوبكم، وتُربّون بالإيمان لا بالمعلومة."
وأضاف: "المعلّم المسيحي ليس ناقل بيانات، بل شاهِد إنجيل. الآلة تُرتّب الدروس، أما أنتم فتزرعون في القلوب. وهذا هو الفرق بين الأداة والراعي."
ثم دعا سيادته إلى الإبداع في أساليب التعليم، واستخدام الوسائل الحديثة بحكمة، مؤكّدًا: "جيل اليوم لا يكتفي بأن يسمع، بل يريد أن يرى ويعيش ويشارك. المسرح، الرسوم، الحوار، الفيديو... كلّها وسائل يمكن أن تخدم الإنجيل إن أُحسن استعمالها."
وخاطب المعلمين قائلاً: "ليكن هدفنا دائمًا أن يرى الطفل في المعلّم وجه يسوع، لا فقط أفكاره."
وختم المطران وردة كلمته بالتأكيد على أن الكنيسة حاضرة مع معلميها، ترافقهم وتصغي إليهم، وتُوفّر لهم التدريب والتشجيع والموارد التربوية، قائلاً: "أنتم لستم وحدكم. الباب مفتوح دائمًا. مسيرتكم مسيرتنا، وهمّكم همّ الكنيسة بأسرها."
ثم ترك لهم كلمة رجاء: "الرب لم يُرسل آلة، بل أرسل إنسانًا. أرسل يسوع، وجه الآب وراعي القلوب. فلنكن نحن أيضًا حضورًا حيًا يُصغي، يُحب، ويُبارك."
واختُتم اللقاء مساءً حول مائدة عشاء المحبة، حيث اختلطت الأحاديث العفوية بالضحكات، والذكريات بالخطط الجديدة. وكان العشاء تعبيرًا صادقًا عن ما يجمع هذه الجماعة التعليمية: المحبة، الخدمة، والشراكة في حمل نور الإنجيل.
في زمن تتقدّم فيه التقنية وتُغرينا الأدوات، يبقى الإنسان هو الوسيط الأهم في إيصال الإيمان.
والمعلّم الذي يُحبّ ويُرافق، هو أعظم شهادة يمكن أن يقدّمها للجيل الجديد.
والكنيسة، كأم ومعلّمة، تبقى معهم... تُصغي، تُرافق، وتُبارك.