جرعة واحدة من مركب بروستاجلاندين ’إي 2‘ تكفي لإعادة إحياء خلايا العضلات الجذعية (غيتي)
عشتارتيفي كوم- اندبندنت/
كشفت دراسة حديثة عن أن جزيئاً شائعاً في الجسم قد يكون هدفاً محتملاً لإعادة خلايا العضلات المتقدمة في السن لحالتها الشابة، مما قد يساعد في الوقاية من الضعف الجسدي لدى كبار السن.
وفي ظل تزايد أعمار سكان الدول المتقدمة، تتسع دائرة التحديات الصحية المرتبطة بالشيخوخة، وعلى رأسها الضعف الجسدي وتدهور اللياقة الوظيفية مع مرور الزمن.
ويعزى ذلك جزئياً إلى التراجع التدريجي في الكتلة العضلية الذي يتسارع نتيجة ضعف قدرة أنسجة العضلات لدى كبار السن على التعافي من الإصابات، لا سيما بعد السقوط أو الخضوع للجراحات.
ويؤدي هذا إلى حالة تعرف باسم "الساركوبينيا" أو انخفاض الكتلة العضلية، وهي حالة تجعل كبار السن أكثر عرضة للضعف وصعوبة الحركة.
وفي هذا السياق، أشارت أبحاث سابقة إلى أن خلايا العضلات الجذعية تلعب دوراً محورياً في إصلاح هذا النوع من التلف، لكنها تفقد فعاليتها تدريجاً مع تقدم السن، مما يعوق تجدد الأنسجة.
لذلك، يركز العلماء على الكشف عن أسرار التغيرات التي تطرأ على الخلايا الجذعية مع التقدم في العمر، بحثاً عن مفاتيح تتيح قلب هذه الآثار.
وفي هذا الإطار، كشف بحث جديد نشر في مجلة "سيل ستيم سيل" (الخلاية الجذعية) Cell Stem Cell عن أن إعطاء الفئران المسنة لجزيء طبيعي يدعى بروستاجلاندين "إي 2" (بي جي إي 2) E2 (PGE2) أعاد لعضلاتها حيوية وقوة تراجعاً مع التقدم في العمر.
وأظهر الباحثون أن هذا الجزيء يسهم في تجديد الخلايا الجذعية، عبر مواجهة علامات التقدم في العمر وإعادة نشاطها.
ولفهم الآلية بصورة أدق، ركز العلماء في هذا البحث على تأثير بروستاجلاندين "إي 2" وجزيئه المرافق "إي بي 4" EP4 في وظائف الجسم الحيوية وتجديد الأنسجة.
وكانت دراسات سابقة أظهرت أن هذا الجزيء يحرك تجديد العضلات في الفئران الشابة، عبر تحفيز خلاياها الجذعية عند تعرضها للإصابة.
وفي المقابل، اكتشف العلماء أن خلايا العضلات الجذعية لدى الفئران الكبيرة في السن تعاني نقصاً حاداً في جزيء "إي بي 4"، إذ تقل مستوياته إلى النصف مقارنة بالخلايا الشابة، مما يؤثر سلباً في قدرتها على التجدد.
وفي شرح مبسط لهذا النقص، يقول مؤلف الدراسة يو شين وانغ: "بروستاجلاندين ’إي 2‘ يعمل كمنبه ينعش الخلايا الجذعية لإصلاح التلف، لكن مع مرور الوقت يضعف نشاطه، ومعها تتدنى الاستجابة عند الخلايا الجذعية".
ومن هنا، جاء الاكتشاف الأهم في هذا البحث، إذ تمكن العلماء من إيجاد مفتاح لإعادة تنشيط هذا المنبه الخلوي الطبيعي.
وفي تجربة عملية، وبعد تقديم صورة مستقرة من بروستاجلاندين "إي 2" للفئران المسنة بعد إصابة عضلية وممارستها للتمارين، لاحظ الباحثون انتعاشاً ملحوظاً في حجم العضلات وقوتها، متجاوزاً أداء الفئران غير المعالجة.
ويقول الدكتور وانغ "ما يثير إعجابي حقاً هو أن جرعة واحدة تكفي لإعادة إحياء خلايا العضلات الجذعية، وأن الفائدة تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء مفعول الدواء"، مضيفاً "لا تقتصر وظيفة الخلايا الجذعية على بناء عضلات جديدة فحسب، بل تبقى متجذرة في النسيج لتعزز تأثير بروستاجلاندين ’إي 2‘، مكسبة العضلات قدرة دائمة على التجدد والتعافي".
وتعزز هذه النتائج ما خلصت إليه الدراسة من أن بروستاجلاندين ’إي 2‘ يعيد للخلايا الجذعية حيويتها، ويقلب موازين التغيرات المرتبطة بالشيخوخة في عضلات الفئران.
ووفقاً للنتائج أوضح الدكتور وانغ أن "بروستاجلاندين ’إي 2‘ لا يقتصر تأثيره في العضلات فقط، بل يشارك في تجديد الأمعاء والكبد وأنسجة أخرى، مما يطرح إمكان تطوير علاجات تعيد النشاط الحيوي لأنسجة متعددة متقدمة في العمر".
وكتب العلماء في استنتاجاتهم "لقد اكتشفنا أن مركب بروستاجلاندين ’إي 2‘ يحدث تجديداً في الخلايا الجذعية العضلية المتقدمة في السن، مما يؤدي إلى تحسن وظيفي في إصلاح العضلات وقوتها".