المطران مراد: الحوار الدينيّ في سوريا يواجه تحدّي الرفض المطلق      قداسة البطريرك مار افرام الثاني يستقبل غبطة البطريرك يوحنا العاشر      غبطة البطريرك يونان يستقبل الكهنة السريان الدارسين في روما      62 دولة تشهد انتهاكات للحرية الدينية تؤثر على 5.4 مليار شخص      غبطة البطريرك يونان يلبّي دعوة السفارة اللبنانية لدى كلٍّ من إيطاليا والفاتيكان لحضور حفل استقبال بمناسبة إعلان قداسة المطران الشهيد اغناطيوس مالويان، روما      رئيس الديوان يشارك في الاحتفالية المئوية للدستورية للدولة العراقية      قداسة البـطريرك مار آوا الثالث يُحيي الذكرى الأربعمائة لاكتشاف لوحة “جينجياو” في الصين      ‎قداسة البطريرك مار افرام الثاني يستقبل معالي وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السيد رائد الصالح      غبطة البطريرك يونان يلتقي فخامة العماد جوزاف عون رئيس الجمهورية اللبنانية، روما      البطريرك ساكو يشارك في الندوة العلمية الموسومة (الاب يوسف حبي)، الإنسان والمفكر      العثور على نقش آشوري نادر في القدس      نجل رونالدو يثبت نفسه مع البرتغال.. فهل يلعبان سويا يوما ما؟      حيّرت العلماء.. أنثى ثعبان تبلغ 62 عامًا تضع بيضًا ملقحًا دون ذكر      علماء: "إنزيم الدهون" يخفي سرا مذهلا منذ 60 عاما      البابا: المهاجرون يُعاملون كالنفايات والشعوب تُنهَب وتُسلب… نحن بحاجة إلى العدالة والتضامن      أربيل تطلق مشروع مياه لإنقاذ غابات خبات من الجفاف      المركزي العراقي يوضح بشأن مشروع حذف الأصفار من الدينار: لا يزال قائماً      ترمب يلمح لتحرك بري قريب في فنزويلا ومادورو "لا لحرب مجنونة"      من مستهلك إلى مُصدِّر.. كوردستان تُحيي قطاعها الزراعي وتتجه لتكون سلة غذاء الشرق الأوسط      جزر طينية وانكشاف قاع الأنهار .. العراق على حافة أزمة مائية خطيرة
| مشاهدات : 1304 | مشاركات: 0 | 2024-10-01 08:27:41 |

المسيح ... حياتنا عبر القربان

المونسنيور د. بيوس قاشا

 

يقول لنا إيماننا بالرب يسوع كما تقول أمّنا الكنيسة: أن الله لا يريد للإنسان سوى الخير والسعادة. فقد خلقه بمحض إرادته وحبّه، وجعله سعيداً بعد أن ميّزه عن سائر المخلوقات، كما زيّنه بعقل وإرادة بعدما نفخ فيه، ولكن الإنسان الأول لم يحرص على عظمته وكرامته فأراد أن يبني ذاته ويستغني عن الخالق فتمرّد ودمّر ذاته وخسر هدف حياته ووجوده وأصبح عاجزاً عن ترميم ذاته المحطَّمة.

وحبّ الله للإنسان الخاطئ جعله أن يرسل إبنه متّخذاً جسداً من مريم البتول وصار إنساناً وحقق انتصاراً وفداءً لأنه أعطاه جسداً وسكن بيننا (يو14:1) وبذل ذاته من أجلنا ساكباً دمه لأجلنا (لو19:22-20). إنه دم المسيح، دم الحمل الذي لا عيب فيه ولا دنس، وكل ذلك لكي نكون مصالَحين بموت ابنه (رو10:5). فكان المسيح حملاً فصحياً للعهد الجديد لا عيب فيه، وكان هذا الحمل سرّ القربان. إنه ذبيحة الفداء، لفداء الناس جميعاً ولخلاصهم. ولا زال من ألفين سنة وحتى نهاية العالم يردّد يسوع على كل المؤمنين بأن الجميع مدعوون إلى الوليمة السماوية، إلى الوليمة المُحبّة، مما جعل الكنيسة تحتفل بعيد جسد الرب بعد الأحد الأول من زمن العَنصرة وذلك انطلاقاً من حبها تجاه مؤمنيها لكي يدركوا جيداً عظمة الحبّ الإلهي لنا فكان جسده لنا مأكلاً لكي يقوّي إيماننا ويجعل من مسيرتنا الحياتية شهادةً لحبّه لنا ولحبّنا له، ونوراً يضيء لنا الطريق لكي يحيا المؤمن حياة ملؤها المسيح الحي، لأن العالم اليوم بحاجة ماسّة إلى إدراك هذا البرهان بوجود المسيح معنا في سرّ القربان لأن الفداء شمل الجميع، جميع الشعوب.

نعم، إن ذبيحة المسيح هذه، الواحدة والوحيدة في العهد الجديد، هي هبة الله الآب نفسه لنا وهبة الابن المتأنس لأبيه في الروح القدس. فيسوع بطاعته حتى الموت حمل خطايا البشر (رو19:5) ومات عن الجميع ومات الجميع معه، فكان بموته أن نال للبشر الصفح والغفران. لذا فالبشر برمّتهم يموتون جائعين ويطلبون الخبز فمَن يُشبعهم؟ وهم يطلبون أن يكونوا أحراراً في حرية أبناء الله ولكن مَن يخلّصهم من عبودية الخطيئة؟ إنه المسيح الذي ينتظرونه، فقد قال: أنا هو خبز الحياة (يو35:6). أنا هو خبزكم وخلاصكم. أنا الذبيحة التي تحقق لكم المصالحة والحياة.

لذا يولد الإنسان للسرّ الفصحي بعدما يولد حاملاً صليبه للموت والقيامة والحياة الأبدية، وهذا ما يجعلنا أن نقول: ما أكثر صلبان الحياة وما أكثر همومها. فقد اختبر يسوع على الصليب آلام الجحيم لأن العذاب في الجحيم هو أن الهالك يدرك بأنه خسر الله وخسر معه كل شيء. فقد اختبر المسيح وهو على الصليب شعور الهالك في الجحيم لذلك صلّى إلى أبيه السماوي إذ قال:"لماذا تركتني؟" (متى46:27) فأعلن الآب السماوي أنه مرجعه الأول والأخير وأنه لا يحيد عنه وعن إرادته القدوسة، فكان انتصاره على الجحيم وإن كان قد ذاق يسوع على الصليب العذاب واليأس والحرمان، وتألم أسوأ الآلام، لكنه لا ينسى جميع الذين يئسوا من رحمة الله والوثوق بها وإن كنا أحياناً كثيرة نقرأ الصلبان النفسية والجسدية على محيّا الكثيرين وفي قلوبهم وعيونهم وحياتهم، ونرى الصليب في أجساد مرضاهم، ولكن لنعلم أن صلبان الحياة ما هي إلا صفحات مباركة وخلاصية وينابيع فرح إذا ما دمجها حاملوها بصليب يسوع وآلامه الخلاصية.

والذبيحة التي قدمها يسوع ما هي إلا ألم ونزاع وفداء وحب من أجل الإنسان، لذلك على الإنسان أن يشترك في الذبيحة الإلهية بكل حقيقة، بقلب طاهر وإيمان حي. فمَن يدرك سرّ الإيمان هذا وما هو جوهر العمل الإلهي هذا؟ إنه عمل الله وليس عمل الإنسان وبذلك هو يريدنا أن نتحول إليه كما تحول هو إلينا، إذ عندما نشارك في عمل الله ندرك عندئذٍ أن التجسد يقود إلى الصليب، والصليب يقود إلى القيامة عبر غذاء القربان الذي هو قوت الحياة ومسيرة الإنسان. فكم من القديسين عاشوا هذه الحقيقة ونهلوا من هذه الحقيقة لإيمانهم.

لذا فإن القربان في الكنيسة يجسّد حضور الله مع شعبه لأن القربان المقدس هو الله الكلمة المتجسد الذي يدعونا إلى سماء جديدة وأرض جديدة، وهو يزيل العوائق ويحقق شركة القديسين، ولا يمكن أن يتحقق ذلك لنا إلا بتناول جسد المسيح في السرّ المقدس.

ختاماً، نعم الكنائس ليست أمكنة فارغة أو قاعة كبيرة بل هي "بيت يسوع القرباني"، بيت يسوع في حقيقته الإلهية والإنسانية حيث يجتمع المؤمنون للصلاة، وحضور المسيح يملأها هيبة ورهبة. فكل كنيسة لا يوجد فيها القربان هي كنيسة فارغة لا روح فيها ولا حياة حتى عندما يُدعى المؤمنون ليصلّوا فيها، لأن المسيح هو حياة كنائسنا وهو حياتنا عبر تناولنا للقربان المقدس، لأن المسيح ينتظرنا ليلتقي معنا. إنه لقاء ثالوثي: حبّ ومُحبّ ومحبوب، وعبره يكون الحوار تحت شكلي الخبز والخمر. لذلك حضورنا يستوجب منّا قلباً طاهراً ونيّةً صافية لرفع الصلاة في بيت الله، إنه بيت مقدس، بيت الصلاة، بيت التقدم نحو المناولة في أخذ جسد يسوع ودمه الأقدسين. لذلك لا يجوز أن أخرج من الكنيسة كما دخلتُ، بل بالعكس سأخرج حاملاً المسيح إلى الآخرين... ليس إلا!.










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6052 ثانية