قال يسوع للمصلوب ( الحق أقول لك : ستكون اليوم معي في الفردوس ) " لو 43:23"
تجسد إبن الله في العذراء مريم ليأخذ منها جسداً بشرياً ، وبذلك الجسد يحمل كل خطايا العالم ليصلبها على صليب الجلجثة ويغفرها بدمه الكريم الذي يريقه من أجل دفع الصك إلى أبيهِ السماوي فتتم المصالحة .
في السنوات الثلاث الأخيرة نشر يسوع كلمة الإنجيل وأنذر الناس قائلاً ( توبوا فقد إقترب ملكوت الله ) وفي يوم خميس الأسرار ( فصح الرب ) جاء الملكوت ، وأسست الكنيسة على وجه كامل ، وقد أوضحه لنا البشير متى في الإصحاحات ( 24-28 ) .
حكم على يسوع بالموت في المجمع اليهودي ، ومن ثم تم تسليمه إلى أيدي الوثنيين ليصلب ، علماً بان الله إختار هؤلاء الأحبار ليجلسوا على كرسي موسى فكان عليهم أن يميزوا زمن مجىء " المشيح " . لم يصدقوا عندما رد على سؤال قيافا الذي قال ليسوع ( هل أنت المسيح إبن الله ؟ ) فقال له ( هو ما تقول ) " مت 64:26 " .
أما عبارة ( أنا هو ) فهي إسم الله في العهد القديم . وفي العهد الجديد كررها يسوع مراراً أمام تلاميذه . وبسبب هذه الحقيقة التي أقّر بها يسوع ، إعتبروه مجدفاً ويستحق الموت . مات المسيح أمام أنظارهم ، وبموته تجلت حقيقة كونه إبن الإنسان الذي صلب والذي هو إبن الله ( مر 40:15 ) مات بعد أن أطلق صرخة شديدة ولفظ الروح . صلب اليهود ملكهم الحقيقي الذي هو مسيحهم المنتظر ، وقام في فجر يوم الأحد ، وبقيامته حدث زلزال عندما دحرج الملاك الحجر ، وزلزال سبقه عندما مات على الصليب . إرتعد الحراس خوفاً من الملاك الظاهر أمامهم فصاروا كالأموات . الزلزال هنا يرمز إلى إنتصار الله على الموت بعد قيامته ، فسقط إعداؤه كالأموات بسبب هيئة الملاك المرعب ومنظره الذي كان كالبرق ، وثوبه الأبيض كالثلج ( إنه يمثل الله ) . الزلزال والبرق الذي أعدهُ يسوع هي رموز لمجيئه الثاني . حيث ستحدث مجاعات وزلازل في أماكن كثيرة . وتلك ستكون بدء المخاض لبني البشر ، ومجىء المسيح سيكون كالبرق أيضاً يخرج من المشرق ويلمعُ حتى المغرب ، هكذا سيكون مجىء المسيح القائم من بين الأموات مرعباً للجميع ( مت 27:24 ) .
صار اليوم الذي قام به يسوع ( الأحد ) يوم الرب ليفتح زمن جديد وعهد جديد لينتهي القديم . في ذلك اليوم ظهرأولاً لمريم المجدلية ، ولتلاميذهِ العشرة بغياب توما وذلك في مساء اليوم عينهِ . وموضوع بحث المجدلية عن يسوع في البستان يقارنه موضوع بحث العروس عن عريسها ( طالع نش 3: 1-4 ) فوجدتهُ . ظهر يسوع للتلاميذ وأظهر لهم الجراحات على الجسد القائم من الأموات . إلا أن ذكر الجرح في الجنب الذي إنفرد في كتابته يوحنا البشير والذي يصّر على إقامة الصلة بين حادثة الطعن بالحربة ، وحدث العلية ، ليؤكد أنه الحمل الفصحي المذبوح على الجلجثة . أجل عاد إلى ذويه حاملاً ثمار الذبيحة ويؤكد لنا سفر الرؤيا بأن الحمل يبدو ذبيحاً ( رؤ 6:5 ) أي حاملاً على جسمه الممجد سِمات ذبيحته الخلاصية . فيسوع القائم من بين الأموات هو نفسه ، إلا أنه من عالم آخر غير خاضع لقوانين هذا العالم ، هذا الذي خرج من القبر والقبر مقفل بحجر كبير ومختوم بالختم الروماني . وبعد قيامته جاء الملاك ليزيح الحجر لنا لندخل إلى القبر ونؤمن كما آمن التلميذين . كذلك دخل يسوع بجسده الممجد إلى العلية وأبوابها مغلقة . كما دخل إلى قلب توما الرسول الذي أقفله ، لكنه تنازل من شروطه وإعترف بقيامة سيده وبلاهوته .
عندما ظهريسوع لتلاميذه استولى عليهم الفرح لمشاهدتهم له . وقد سبق وإن كلمهم عن هذا اللقاء في العشاء الأخير عندما قال لهم ( سأعود فأراكم فتفرح قلوبكم ) " يو 22:16 " وفي أثناء ذلك الفرح أعطاهم السلام ، فقال لهم مرتين متتاليتين ( السلام عليكم ! ) وهذا السلام كان ثمرة قيامته فتبدد كل إضطراب أحدثه لهم رحيلهِ ، إنه السلام الذي لا يستطيع العالم أن يمنحهُ لهم ( يو 27:14 ، 33:16 ) .
مرحلة إرسالهم إلى العالم هي رسالة مهمة لا تقل عن رسالة إرسال الآب له إلى العالم ليخلصه ، لهذا قال لهم ( كما أرسلني الآب أرسلكم أنا ) " يو 21:20" .
قال أحد الشراح البروتستانت : لا يوجد إلا رسالة واحدة من السماء إلى الأرض ، وهي رسالة يسوع ... ورسالته لتلاميذه هي متضمنة في رسالة يسوع ، وتُكمِلها للعالم .
كما نفهم من النصوص الكتابية بأن الإرسال أعطاه يسوع لتلاميذه عندما أعطى لهم الروح القدس بالنفخ وليس بوضع اليد ( أع 17:8 ) ولا بالدهن . نفخته كانت الحياة التي نفخها الله في أنف الإنسان الأول في بدء الخليقة ( تك 7:2 ) . كما علينا أن نتذكر نبؤة حزقيال عن عطاء روح الله من أجل خلق عهد جديد ، وشعب مطهر من الخطايا ومتجدداً في القداسة ( حز 36: 25-27 ) وهذه النبؤة تحققت في يوم الفصح الجديد . والفصح هو نقطة إنطلاق لعالم جديد . وبالروح أعطاهم سلطان لغفران الخطايا . هذا هو عطاء المسيح القائم من الموت إلى كنيسته التي اشتراها بدمه ، ووهبها بواسطة روحه القدوس سلطاناً مذهلاً يغفر الخطايا ، ويقود البشر بواسطة التوبة إلى ملء الإهتداء ، فيؤلفوا شعب الله القدوس .
قام المسيح ... حقاً قام
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"