في ذكراه الـ1700… كنيسة المشرق الآشوريّة تستعدّ لإطلاق مؤتمر يحتفي بمَجْمَع نيقيا      وفد مجلس سوريا الديمقراطية يزور مطارنة حولب (حلب)       زاخو تحتضن الأمسية الختامية لمدرسة الآحاد التابعة لطائفة الأرمن      أنطلاق مهرجان عيد الصليب 2025      رئيس الديوان يستقبل مدير عام الدراسات السريانية لبحث سبل تطوير واقع اللغة السريانية      حاكم فرسان القبر المقدس يحذر من التراجع “الحتمي” للمسيحيين في الشرق الأوسط      رئيس الديوان الدكتور رامي جوزيف يستقبل السيد ستيفن نائل دانيال رئيس الطائفة الإنجيلية البروتستانتية الآثورية      حمص: الداخلية السورية تنفي تهجير المسيحيين من القصير      وفد من المركز الأكاديمي الاجتماعي يزور نادي أكاد عنكاوا الرياضي بمناسبة الذكرى الـ33 لتأسيسه      غبطة البطريرك يونان يصل إلى مطار لوس أنجلوس الدولي - كاليفورنيا، الولايات المتّحدة الأميركية      البابا: هجوم إسرائيل على حماس في قطر يشكّل وضعًا خطيرًا للغاية      إنطلاق مشروع لتنقية مياه الصرف الصحي في أربيل وإعادة استخدامها في الزراعة      تراجع المنسوب لأدنى مستوياته.. التلوث وانتشار الطحالب وزهرة النيل يهددان نهر الفرات      بعد هجوم الدوحة.. مخاوف في تركيا من استهداف قادة حماس على أراضيها      أوروبا: 6.6 مليار يورو لشراء أسلحة أمريكية و6 أخرى إضافية لتطوير الطائرات المسيرة لصالح كييف      ترامب: الهجوم الإسرائيلي في قطر كان قرار نتنياهو وليس قراري      بوليفيا تفجر مفاجأة من العيار الثقيل وتقصي البرازيل عن المراكز الأولى      التوحد يراوغ الأطباء.. 9 من كل 10 مرضى بلا تشخيص      تقدم جديد بـ"شرائح ماسك" للدماغ.. تتحكم بالأجهزة عبر التفكير      صحوة هادئة يقودها جيل الشباب: عودة جيل Z إلى الكنائس في بريطانيا
| مشاهدات : 2396 | مشاركات: 0 | 2025-05-29 09:36:32 |

أينشتاين يسقط في جاذبية الحب

إبراهيم أمين مؤمن

 

            "تجربة أدبية هجينة بين القصة والخاطرة وقصيدة النثر"

 

سرتُ بكِ على الدرب، ملكًا بصولجان، واثق الخطوة، تخشع لي الكائنات. توجتكِ ملكةً على عرشي، ألبستكِ الحرير والاستبرق، ومددتُ راحتي بساطًا لقدميكِ، فلا جبٌ سحيق يهوي بكِ، ولا بيداءٌ تفقدكِ بين الوحوش. كنتِ محور الكون، وكنتُ الفلك الذي يدور حولكِ، شمسًا في مدار لا يغيب، ونجمًا ثابتًا في سماء لا تعترف بالتبدّل. لم يكن لي رغبة في شمسٍ تستقل، أو كوكبٍ ينفصل عن مساره. كنتِ مركز الجاذبية، وكنتُ أسير في مداركِ، لا أشكُّ في أنني وجدتُ نقطة الاتزان الوحيدة في هذا الوجود المتشظي.

 

أضيء لكِ دربك بمشكاةٍ تُشعُّ بنورٍ لا يخفت، نورٍ يرقص على خيوط الفجر، فيتألق بين لهيب عينيكِ النجمية واختيال خطواتكِ الطاووسية. كان دربًا حيًا، تنبت فيه الأزاهير، وتصدح فيه البلابل على خرير ماء السلسبيل، تتردد كتراتيل داوود بين جدران القصر الذي شيّدته لكِ بدموعي وأمنياتي. أسكنتكِ قصري، حيث تدور الكواكب في فلكه، بعدما أعلنت شمسه يوم استقلالها، فلم يعد لها سيدٌ غيركِ. كانت العوالم كلها تنحني لكِ، وكان القلب قارةً لا تستقبل سوى هطولكِ.

 

لكن، غيمة خفيفة بدأت تتسلل، لم أدركها في البداية...

كانت ليلة صافية، غير مثقلة بالغموض، لكن وقع خطواتكِ بدأ يختل. لم يعد له ذات الرنين، ذات الثبات، ذات الإيقاع الذي حفظته روحي. أصبحتِ تسيرين برتابةٍ خافتة، كأنما تتحاشين أن يلحظكِ الكون وأنتِ تخططين للرحيل.

 

بدأتُ أستشعر الفراغ يتسلل بيننا، كهواءٍ بارد لا يُرى لكنه يوجع الجسد ويقشعر القلب. كنتِ هناك، لكنكِ لم تعودي كما كنتِ. لم يعد النبض واحدًا، ولا المدار ثابتًا. ثم جاءت الصوتيات الجديدة – الطبول، المزامير، نوتات الرحيل التي كنتُ أجهل لحنها. كانت الأرض تتهيأ لرحيلي عن عالمكِ، وأنا لا أملك إلا أن أقف هناك، أستمع لكلمات لم تكن لي، وأراقبكِ وأنتِ تفتحين كتاب الرحيل، وتمزجين لي طلاسم الفراق، تدونينها كأنما هو قانون لم يعد يقبل المناقشة.

كنتُ أقف على عتبة النهاية، أنتظر امتداد يديكِ التي لطالما كانت ملاذي، لكنهما لم تمتدّا.

كان زفيركِ يحرقني، وسيفُكِ يُشَعشعني، فكيف أردُّ سطوعه قبل أن يخترقني؟

قلتُ لكِ، وقلبي يذوي: "لمَ تختمين أكتافنا بوشم اليباب؟ ألم يؤنسكِ حبي؟ لمَ الرحيل؟ أتريدين أن ننظر معًا في وجه الفناء؟ أن نتلمس طريقًا أعمى إلى جحيمٍ لا نجاة منه؟"

 

لكن القصر بدأ يتفكك من حولي، لبنةً تلو أخرى.

سقطتُ على الأرض، وصرختُ بصوتي المحترق: "انزعي عن جسدكِ ثوب خطتكِ العمياء، لا ترحلي، سأحترق، سأتمزق، سأنهدم." ونكستُ رأسي تحت قدميكِ، سفحتُ دموعي على موطئكِ، قلتُ برجاء "سوف تهجر الملائكة مطايا حمام قصركِ، ستترك الطيور أوكارها، وتجف الأنهار، ويهوى القصر فوق كل الأبرياء. ألا ترين كيف يتحطم كل شيء؟"

لكن ردّكِ لم يكن صوتًا، كانت نظرة جامدة كالصخر، ثم ابتسامةً خافتة فيها مرارة لا أقوى على فهمها، كأنما كنتُ أطلب المستحيل. ووطئتِ رأسي حتى عبرتِ باب الرحيل.

انتظرتُ، قلتُ قد ترجع. لكن الزمن بدأ يجرني على نسيجٍ من جمر، يجلدني صراط الانتظار، كل ثانية تمر تسرق عامًا من عمري، كل لحظة تُحرّق جزءًا مني، حتى تحولتُ إلى رمادٍ متناثر فوق البلاط الذي كنتِ تمشين عليه. لم يعد هناك صولجان، لم يعد هناك عرش، لم يعد هناك قلبٌ يتنفس سوى على الهامش.

فجأة، طُرحتُ في ثقبٍ أسود، كسمِّ الخياط، التهم كل شيء، ولم تسمع أذني سوى لُهَب نيران تأكل نفسها.

لقد تحول القصر إلى أطلالٍ خاوية، ولم تعد هناك شمسٌ تدور حولي، ولا كواكب تعلن الولاء. لم أجد سوى مركبة الأحزان، أقلتني نحو أفقٍ مشوه، ووقعتُ تحت جاذبية الثقب. تباطأ الزمن، فهرمتُ قبل أن ألقي حتفي فيه. ثوانٍ مرت، لكنها انتزعت من عمري سنين، شابت فيها عواطفي، وانحنى ظهري، وتدلى جفني، وضعفت عظامي أمام ثقبٍ تكون من نيران الرحيل.

ذهب العمر هباءً، وما كان وعدُكِ إلا شبحًا، ولم أدرك نفسي إلا عندما أخبرني العدم: "هنا، حيث لا نهاية للجاذبية، ولا مفر من السقوط الأبدي."

 

 

                      بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن

                                    24-5-2025










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5777 ثانية