عشتارتيفي كوم/
نصدر هذا البيان تعقيباً على الدعوات المتصاعدة التي تستهدف بعض القيادات الكنسية في سوريا بسبب ارتباطاتها مع نظام السوري السابق. إننا في المرصد الآشوري لحقوق الإنسان نؤكد رفضنا القاطع لهذه الدعوات في هذا التوقيت تحديداً، لما لها من تبعات سلبية على صورة الكنائس السورية ووحدتها.
إن هذه الدعوات، التي نعتبرها بمثابة تعرية لكنائسنا أمام الآخرين، تتجاهل الدور الإنساني والاجتماعي الذي قامت به الكنائس السورية خلال الأزمة، حيث فتحت أبوابها لجميع السوريين دون تمييز، مسيحيين ومسلمين على حد سواء، وقدمت لهم المساعدة والدعم في أحلك الظروف.
إننا لا ننكر وجود أخطاء أو تجاوزات من قبل بعض رؤساء الكنائس، وهذا أمر وارد في أي مؤسسة. ولكننا نؤمن بأن محاسبة هؤلاء يجب أن تتم ضمن الأطر الداخلية لكل طائفة، ووفقاً لقوانينها وأنظمتها. هذا الأمر منوط بكل طائفة على حدة، وهي الأجدر بمعالجة أي خلل داخلي.
مع ذلك، نؤكد على تحفظنا الشديد تجاه أي شخص، سواء كان رجل دين أو غيره، يثبت تورطه في سفك دماء السوريين أو تسليم ناشطين أو أي أعمال عنف أخرى. فالعدالة يجب أن تأخذ مجراها في محاسبة كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء.
كما نود التنويه إلى أن أي رجل دين ينخرط في العمل السياسي بعد الآن، لن يكون بمنأى عن النقد والمحاججة بكل أنواعها. فعندما يختار رجل الدين الانخراط في الشأن العام، فإنه يصبح شخصية عامة تخضع لنفس معايير النقد والمحاسبة التي يخضع لها أي مسؤول أو شخصية عامة أخرى، بغض النظر عن مكانته الروحية.
في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ سوريا، يدعو المرصد الآشوري لحقوق الإنسان المجتمع المسيحي السوري إلى التوحد والاتفاق على ما هو أهم، وهو تثبيت حقوق جميع السوريين في دستور جديد، والعمل على مصالحة حقيقية بين جميع أطياف الشعب السوري، بمن فيهم المسيحيون.
لقد انتهى عهد نظام الأسد البائد، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة. ولكي لا يفوتنا قطار بناء مستقبل سوريا، علينا أن نناضل معاً من أجل تثبيت مبادئ المواطنة الكاملة وبناء دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة والمساواة للجميع.
وإن التركيز على الخلافات الداخلية في هذا الوقت الحرج يشتت جهودنا ويضعف موقفنا. فلنجعل من مصلحة سوريا ووحدتها فوق كل اعتبار، ولنعمل معاً من أجل بناء مستقبل أفضل لجميع أبنائها.
المرصد الآشوري لحقوق الإنسان
8 كانون الثاني/ يناير 2025