عبد الكريم قاسم (1814 - 1963) هو واحد من أهالي منطقة الفضل في بغداد ، ساهم مع رفاقه بتنفيذ وبتخطيط ثورة 14 تموز 1958 والتي أنهت الحكم الملكي وأعلنت قيام الجمهورية العراقية ، ليصبح أول حاكم عراقي بعد النظام الملكي في العراق يشغل منصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع وكالة في العراق من 14 تموز 1958 ولغاية 8 شباط 1963.
عبد الكريم قاسم عرف المنتمي آلى الطبقات الفقيرة من شرائح المجتمع العراقي بوطنيته العالية وحبه للعراقيين وهو حب آلذي شعر به العراقيين لتفرده في محبة الفقراء و الذين بادلوه بنفس المشاعر فسموه ب (الزعيم الأوحد).
هذا الزعيم الخالد في عقول العراقيين لا يسعنا ونحن نحتفل بذكرى مرور 58 عام من قيام ثورته المجيدة عام 1958 ان نسرد بعض انجازاته التي نثني عليها في اسطر قلائل لان الحديث عن هذا الزعيم تتسع في مجلدات عسى إن يطلع عليها من يقود العراق اليوم ليقارنوه بما أنجزه هذا الزعيم رغم فترة حكمه القصيرة، لان يد الغدر قطفت حياته وهو في عز مجده وشبابه ، ليثب لديهم حجم العجز والفشل الذي يدب أوصال حكمهم للعراق حيث الفساد والمفسدين والخراب والتدمير والتهجير والقتل والدمار وتشريد الملاين والتنكيل والاستهزاء بقوت المواطنين ودون أي انجاز يذكر سوى انجاز بقتل وتشريد الملايين اصبحت سمة حكمهم والتي منذ 2003 والى يومنا هذا.
فالزعيم (عبد الكريم قاسم) خلال حكمه الذي دام اقل من خمسة سنوات حقق انجازات هائلة في مستوى الحياة العامة للمجتمع العراقي ففي عهده خرج العراق من حلف بغداد الاستعماري وسعى بجد وجهود وطنية صادقة لتحرير العملة العراقية الوطنية من ارتباطها بالكتلة الإسترلينية، وشرع منذ أول لحظة استلام الحكم في العراق ببناء المساكن للطبقات الفقيرة الكادحة، وما حي (الثورة) في بغداد إلا أول انجاز قام به، وهذا الحي الذي حاول كل من تلا لحكم العراق إلى استغلال اسمه ليكني نسبه إليه، فتحول في زمن صدام إلى (حي صدام) وفي زمن صدر إلى (حي الصدر) ولا نعرف في قادم الأيام إلى من ينتسب هذا الحي الذي بناء الزعيم عبد الكريم قاسم واسكن الفقراء الكادحين فيه دون إن يتقاضى أي ثمن منهم وليكون هدية ثورة 14 تموز لأبناء الشعب العراقي ...!
إضافة إلى قيام الزعيم بتوزيع الأراضي مجانا للمزارعين والفلاحين قام سيادته بتنفيذ مشروع إلا صلاح الزراعي، هذا المشروع الذي قام على أساس تأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين ليلغي بذلك النظام (الإقطاعي) من العراق، حيث كانت المحافظات الجنوبية تعاني من ظاهرة انتشار الإقطاع بكون بعض الشيوخ يسيطرون على أراضي واسعة ويقومون باستغلال الفلاحين الذين لم يحصلوا من عناء عملهم إلا ما يسد رمقهم.
وقام الزعيم بفتح قنوات أروائية لتوسيع نطاق الأراضي الزراعية ليتم توزيعها لكل من يزرعها مجانا، فنفذ مشاريع أروائية عديدة منها مشروع (دوكان) و مشروع (دربندخان) و وهو من بدء بتنفيذ مشروع (الثرثار) و مشروع (النهر الثالث) أو المصب العام هو إنشاء مبازل تصب في نهر بين دجلة والفرات لعلاج ملوحة التربة ولكن لم ينجز هذين المشروعين في حياته وتم لاحقا انجازه.
وعلى صعيد التربية والتعليم فقد شهد عصره انجازات هائلة في هذا المجال فقد حرص سيادته كل الحرص على تعليم وتثقيف الشعب برمته، فتم تشييد عددا كبيرا من المدارس وركز على تعليم المرأة بمختلف فئات العمرية وأنشأ مدرسة لهن وفي جميع أنحاء المحافظات كما دعا إلى تحرير المرأة وبذلك سن قوانين لضمان حقوقها ومشاركتها الرجل في حياته العملية في كافة المجالات ، فشرع قانون الأحوال الشخصية في الوراثة حيث جعل حصة المرأة والرجل متساوية ، وطالب المرأة إلى مشاركتها لبناء العراق وذلك بالعمل في كافة مجالات الحياة وفي عهده تم تعين أول وزيرة في العراق ، ليكون العراق أول دولة في المنطقة يشهد استلام المرأة منصبا حكوميا ، وعلى نفس المنوال توجه مساعيه لتحسين الوضع الصحي لشعب العراقي فقام بحملة بناء واسعه للمستشفيات آلتي تعالج المواطنين مجانا وفي كل ارجاء العراق فتم تاسيس مجموعة مستشفيات تحت اسم (مستشفى الجمهوري) وفي جميع المحافظات، وشهدت بغداد في عهدة بناء مستشفى مدينة الطب لتكون هذه المؤسسة أكبر مؤسسة صحية التي يشهدها الأوسط الشرق برمته.
اما من انجازات المهمة كان في مجال (النفط) والذي مازال العمل جار به إلى يومنا هذا ولم يلغى هذا القرار رغم تعاقب أنظمة الحكم في العراق ، نظرا لأهمية القرار ورصانته، والذي يعتبر حقا واحد من أهم انجازات التاريخية لزعيم (عبد الكريم قاسم)، إلا وهو إصدارة لقانون رقم 80 الذي حدد بموجبه الاستكشافات المستقبلية لاستثمارات شركة نفط العراق البريطانية لحقول النفط.
وبذلك يعتبر هذا القرار الذي اتخذه الزعيم (عبد الكريم قاسم)، قرار (تأميم النفط)، فهو المؤمم الحقيقي للنفط في العراق بإصداره قرار 80 الذي يمنع الشركات من الحفر و التنقيب والاكتفاء مما لديهم من آبار فيضطرون المغادرة بعد نفاذها وهذا ما حصل في عام 1972 اثر قرار تأميم النفط العراقي. وفي حينها "طالب القنصل البريطاني من الزعيم عبد الكريم قاسم التنازل عن هذا القرار مقابل زيادة حصة العراق إلى 90٪ من النفط الذي تستخرجه الشركات الاحتكارية فرفض، فأخبره القنصل بأن الحكومة العراقية ترفض التفاهم مع بريطانيا لذا ستستبدلها بمن يتفاهم معها ولما سأله الزعيم (عبد الكرم قاسم) هل هذا يعتبر تهديد ....! رد عليه القنصل بأن هذا ليس تهديدا بل هذا هو الواقع ........!
فكان تشريع هذا القانون مع مسألة الكويت (التي طالب الزعيم بالكويت معتبرا إياها "قضاء من أقضية العراق") هو السبب الرئيسي لتكالب المستعمرين وأذنابهم لقتل الزعيم و وأد حركة التحرر الوطنية في العراق والمنطقة".
وفي عهد الزعيم (عبد الكرم قاسم) أيضا شهد العراق طفرة عمرانية هائلة حيث بني جسور عديدة في بغداد وبني أيضا ملعب الشعب الدولي والذي مازال إلى يومنا هذا هو الملعب الوحيد في بغداد يتسع على 50 إلف متفرج، كما بني قاعات العرض للفنون التشكيلة والتي تسمى قاعة المتحف الوطني الحديث، وتم بأمر سيادته وتشجيعا للفن والفنانين بنصب في كل شوارع وساحات بغداد التماثيل والجداريات ، ومن أشهرها جداريه (الحرية) التي نفذت في ساحة التحرير وسط بغداد والتي أنجزها الفنان العراقي (جواد سليم) والذي ابرز فيها أهم انجازا ثورة 14 تموز عام 1958، كما قام الزعيمبإنشاء العديد من المصانع والمنشآت والمناطق الصناعية في عموم أنحاء العراق كان أبرزها منشآت الإسكندرية ومصانع الألبان في أبو غريب، وأسس (مصلحة المبايعات الحكومية)، وكما شجع القطاع الخاص مما أدى إلى انتعاش التجارة الخارجية والداخلية.
اما انجازاته على الصعيد الأمة العربية فقد دعا الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم إلى جمع العرب بالإتحاد الفيدرالي الذي يدعو إلى توحيد العرب سياسيا واقتصاديا ، فقد خصص مبلغ مليونيين دينار سنويا من خزينة الدولة البالغة مائة مليون دينار لثورة الشعب الجزائري وهذا ما جعل الجزائريين يكنون كل الاحترام إلى زعيم العراق عبد الكريم قاسم ، فشيدوا له تمثالا في الجزائر رفضوا برفعه بعد سقوطه، بناء على طلب من السفارة العراقية بعد انقلاب شباط 1963 مدافعين عنه واعتبروه قائدا وطنيا وعربيا.
وعلى صعيد فلسطين المحتلة فكان أول من سمح في العالم بأسره بالتحاق الفلسطينيون في الكلية العسكرية والجيش ليساهم في إنشاء جيش فلسطيني، وقد سارت على نحوه كل من سوريا و مصر ليتم في 1 يناير 1965 تشكل (منظمة تحرير الفلسطينية) التي يعتبر الزعيم (عبدا لكريم قاسم) مؤسسها الحقيقي.
وكما كان لزعيم مقترح طرحه لتشكيل منظمة للدول المنتجة للنفط سعى إلى تشكيلها لتعرف باسم منظمة (أوبك ( ويعتبر هو مؤسسها الحقيقي لها والذي الكثير لا يعلم هذه الحقيقة .
وبما قام به الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم من انجازات استحق إن يلقب بكونه أكثر زعماء الذين حكموا في المنطقة برمتها نزاهة، وعدالة، وصدقا، وأمانا، فكم نحن بحاجة لمثل هذا الزعيم إن يقود مسيرة العراق وينقذ الشعب والوطن من محنته.