تشهد العاصمة بغداد ارتفاع مخيف في أسعار إيجار السكن, حيث تشهد ارتفاع تقريبا بنسبة 20% عن عام 2023, مما يجعل شريحة كبيرة من المجتمع (محدودي الدخل والفقراء) في خطر كبير, مع استمرار غياب الدور الحكومي في ازمة السكن, حيث ما يتم بناؤه من مجمعات سكنية هي فقط للأغنياء بسبب أسعارها المرتفعة, حيث يستمر تجاهل مطالب العوائل التي لا تملك سكن في العراق, وهي نسبة كبيرة في المجتمع.
لقد كان على الحكومة ان تنظم اسعار الايجارات مقابل عدم العمل على توفير سكن للعوائل, فهل تتصور ان بيت صغير غير جيد للسكن في منطقة حي النصر في اطراف بغداد يكون ايجاره (350000) ثلاثمائة وخمسون الف دينار! مع انه قبل سنة كانت الإيجارات في حي النصر لا تتخطى ال (250000) مئتان وخمسون الف دينار.
أما الايجارات في شارع فلسطين وحي البنوك واليرموك وغيرها من أحياء راقية فهي تتعدى المليون دينار شهريا للبيوت الصغيرة! فهي متاحة للمرفهين فقط,
اننا امام محنة كبيرة تواجه شريحة كبيرة, وكان على الحكومة القيام بواجبها في حماية المجتمع من الاستغلال عبر تنظيم الحياة بالقوانين, لكن لحد يوم كتابة المقال لا تقوم باي خطوة في مواجهة هذا الخطر الكبير الذي يواجه جزء من أبناء المجتمع.
كيف يكون التدخل الحكومي؟
هنا سأضع خارطة طريق لشكل التدخل الحكومي, الذي من خلاله يمكن ان يتم حفظ حقوق الناس, وهو التدخل المرجو والمنتظر لإنقاذ شريحة كبيرة جدا من المجتمع, هي الان تحت رحمة الملاك ومزاجهم في وضع الأسعار, لذلك من واجب الحكومة ان توقف المهزلة والظلم الذي يتعرض له الفقراء ومحدودي الدخل, ويمكن ذلك بالإنصات الحكومي لما نطرحه من أفكار سهلة وممكنة فقط تحتاج لإرادة وقرار حكومي.
وهي كالاتي:
اولا: ضبط أسعار الإيجارات
مهم جدا سن القوانين تنظم الإيجارات, ويكون إصدار قوانين تحد من الزيادات السنوية في أسعار الإيجارات أو تحديد الحدود القصوى للإيجارات, ويجب الانتباه ان تحديد الحكومة لأسعار إيجارات بيوت السكن يعتمد على مجموعة: من العوامل والإجراءات التي يمكن من خلالها للحكومة التدخل في تحديد هذه الأسعار:
ثانيا: توفير الدعم المالي
يكون الدعم المالي الحكومي عبر إنشاء برنامج لدعم الإيجار للأسر ذات الدخل المنخفض أو الفئات المحتاجة, وكذلك عبر التحفيزات الضريبية: حيث تقدم الحكومة حوافز ضريبية للملاك الذين يوافقون على تأجير عقاراتهم بأسعار معقولة.
ويكون هذا الامر لكي ينجح مرتبط بأمور هامة.. وهي:
تسهم هذه البرامج في تخفيف الأعباء المالية عن الأسر المحتاجة ذات الدخل المحدود التي لا تملك سكن, وتساعد في توفير بيئة سكنية مستدامة.
ثالثا: تشجيع الإيجارات طويلة الأمد
من المهم للمستأجر ان يجد ايجار طويل الامد, حيث يتحقق عندها استقرار في السعر, لذلك على الدولة ان تشجع على ايجاد عقود طويلة الامد للمستأجرين, ويمكن ان يتحقق هذا التشجيع عبر مجموعة أفكار سهلة التطبيق, لو كان هناك سعي حكومي حقيقي لحل الازمة.. وهذه الأفكار هي:
رابعا: إنشاء مراكز تحكيم
من المهم للحكومة الباحثة عن حل مشاكل ايجارات السكن ان تنشأ مراكز للتحكيم, حيث يساعد المستأجرين والمالكين في تسوية النزاعات المتعلقة بالإيجار بشكل ودي, ويُعَدُّ خطوة فعّالة لمعالجة النزاعات بين المستأجرين والمالكين بشكل ودي وسريع من دون عنف.
اولا: تأسيس المراكز: حيث يتم تحديد المواقع, وإنشاء مراكز تحكيم في مناطق استراتيجية يسهل الوصول إليها من قبل جميع المعنيين, وتجهيز المراكز باللوازم المهمة, وتأمين المرافق اللازمة، مثل غرف الاجتماعات، ووسائل التكنولوجيا الحديثة لتسهيل عمليات التحكيم.
ثانيا: توفير الخدمات: التحكيم الفوري: توفير خدمات التحكيم السريع للنزاعات البسيطة، مما يقلل من الوقت والجهد اللازمين لحل القضايا, وتقديم استشارات قانونية مجانية أو منخفضة التكلفة للمستأجرين والملاك, للمساعدة في فهم حقوقهم وواجباتهم.
ثالثا: تعيين المحكمين: حيث تقوم الحكومة تعيين محكمين مؤهلين في مجال العقارات وحقوق المستأجرين، لضمان تسوية النزاعات بطريقة عادلة, ويتضمن ايضا تدريب المحكمين, عبر تنظيم دورات تدريبية للمحكمين لتعزيز مهاراتهم في التفاوض والتحكيم.
رابعا: إنشاء بروتوكولات: وضع إجراءات واضحة للتحكيم تشمل مراحل تسوية النزاع، وحقوق الأطراف، و مدة التقاضي, مع توفير معلومات شاملة حول كيفية الوصول إلى خدمات التحكيم والإجراءات المتبعة.
خامسا: تقييم الأداء: اي برنامج حكومي يجب ان يكون له تقييم كي يتطور وتحل الاشكالات التي تواجهه, من خلال متابعة فعالية المراكز من خلال جمع بيانات حول عدد النزاعات التي تم حلها، ومدة التحكيم، ورضا الأطراف, واستخدام التعليقات لتحسين الخدمات المقدمة باستمرار.