يؤثر الفصام في 1 من كل 300 شخص حول العالم
عشتارتيفي كوم- الحرة/
هناك فترة زمنية في حياتنا مررنا بها جميعًا، ولكننا لا نعرف عنها الكثير، وهي مرحلة الحمل المبكر. واكتشف الباحثون زوجًا من الحذف الجيني المرتبط بالفصام، الذي من المحتمل أن يحدث في تلك الفترة التكوينية.
هذه الاكتشافات توصل لها من فريق من الباحثين بقيادة الطبيب والعالم إدواردو موراي من كلية الطب بجامعة هارفارد، الذين قاموا بمراجعة البيانات الجينية من عينات دم لما يقرب من 25 ألف شخص مصاب بالفصام أو غير مصاب به.
بينما تحتاج التعديلات الجينية الاثنين إلى مزيد من التحقق، فإن النتائج تدعم فكرة ناشئة تفيد بأن بذور الفصام ليست دائمًا موروثة، ولكنها قد تُكتسب قبل فترة طويلة من ولادة الشخص.
إذا كان الأمر كذلك، فإن هذا يفتح الباب لمزيد من الوقاية المبكرة بدرجة طفيفة.
الفصام هو اضطراب عصبي خطير ينشأ من مزيج معقد من العوامل الجينية والبيئية، حيث تلعب أحداث مثل صدمات الطفولة أو العدوى الفيروسية دورًا محتملاً، مما يزيد من خطر تعرض الشخص لأعراضه مثل التفكير المريض أو المضطرب في وقت لاحق من الحياة.
يؤثر الفصام في 1 من كل 300 شخص حول العالم، وعادة ما يظهر في مرحلة البلوغ المبكر. ومع ذلك، هناك أدلة تشير إلى أن الفسيولوجيا المسؤولة عن الفصام قد تنشأ إما في مرحلة الحمل المبكر أو نتيجة مضاعفات الحمل.
في عام 2017، اكتشف العلماء الذين يدرسون مجموعات من الخلايا المزروعة في المختبر والتي تشبه الأدمغة الصغيرة، أدلة على أن الخلايا الدماغية غير المنظمة التي تنقسم بسرعة و تبدأ في التمايز مبكرًا قد تؤدي إلى الفصام.
وفي عام 2021، حدد الباحثون جينات معينة في المشيمة تكون نشطة أثناء الحمل المعقد وترتبط بالاضطراب.
في عام 2023، حدد موراي وزملاؤه جينين يُدعيان NRXN1 و ABCB11، اللذان يبدو أنهما مرتبطان بالفصام عندما تفقد نسخ من الجينات داخل الرحم.
قال كريس وولش، المؤلف الرئيس وعالم الوراثة في مستشفى بوسطن للأطفال، عند نشر البحث "نحن نبحث في الطفرات التي لا يتم وراثتها من الوالدين".
في NRXN1 و ABCB11، وجد الباحثون تغييرات تُسمى "تغيرات عدد النسخ"، وهي نوع من الأخطاء الجينية حيث يتم تكرار نسخ من الجين أو مقاطع طويلة من الحمض النووي أو حذفها، كما في هذه الحالة، في شخص واحد مقارنة بالآخر.
في حالات نادرة، يمكن أن تكون تغيرات عدد النسخ موروثة، مما يساهم في حوالي 5% من حالات الفصام.
هذه الطفرات المعروفة باسم "الطفرات الجرثومية" تظهر في كل خلية من خلايا الجسم، لأنها كانت مكتوبة في جينوم الشخص قبل أن تبدأ البويضة المخصبة في الانقسام الأول.
تشير الأبحاث أيضًا إلى أن أربعة من كل خمسة حالات من الفصام يمكن تتبعها إلى جينات موروثة من والدي الطفل، مع إضافة دراسات أكثر حداثة إلى قائمة الروابط الجينية المعروفة. ومع ذلك، لا يزال حوالي 20% من الحالات تفتقر إلى أساس واضح في الوراثة.
ومن الجينات التي تم تحديدها في هذه الدراسة، وجد موراي وزملاؤه حذفًا جزئيًا لجين NRXN1 في خمس حالات من الفصام، ولم يكن هناك أي حذف في الأشخاص غير المتأثرين في مجموعة التحكم الخاصة بهم.
يساعد جين NRXN1 خلايا الدماغ في نقل الإشارات وقد تم ربطه بالفصام سابقًا عندما يتم وراثة تلك الطفرات.
وعندما لا تكون الطفرات موروثة ولكن تم اكتسابها خلال التطور المبكر أو في وقت لاحق من الحياة، يُطلق عليها الطفرات الجسدية.
وبما أن هذه الطفرات تحدث بعد أن تبدأ الخلايا الجنينية في الانقسام لتشكيل خلايا مختلفة ستُكوِّن كائنًا بشريًا كاملاً، فإنها ستنتقل إلى نسل الخلية التي تحتوي على الطفرة.
يمكن أن تُنقل التغيرات الجينية في بعض الخلايا الجنينية (مثل التغيرات في عدد النسخ الجيني) إلى مناطق واسعة من الأنسجة مع تطورنا، مما يؤدي إلى ما يُعرف بالتشابك الجيني أو "الموزاييك".
لذلك، يتم العثور على الطفرات الجسدية فقط في جزء من خلايا الجسم؛ على سبيل المثال، خلايا الدماغ والدم، وهذا هو النوع من الطفرات في جين NRXN1 التي اكتشفها موراي وزملاؤه.
أما الجين الثاني الذي تم تحديده، ABCB11، فهو معروف بأنه يشفّر بروتينًا في الكبد، لكن ارتباطه بالفصام لا يزال أقل وضوحًا.
وجد موراي وزملاؤه حذفًا في جين ABCB11 في خمس حالات أخرى من الفصام، جميعهم لم يستجيبوا للأدوية المضادة للذهان.
وخلص الباحثون إلى أن التغيرات في هذين الجينين "قد تساهم بجزء صغير ولكنه ذو دلالة في الهيكل الجيني للفصام"، ويحتاج الأمر إلى مزيد من البحث لمعرفة مدى تأثير هذه التغيرات.