نسب الكتاب المسيحيون في القرن الثاني الميلادي الأربعة الأناجيل إلى متى ومرقس ولوقا ويوحنا وقد تسلمت الكنيسة هذه الكتابات كسجلات يوثق بها وذات سلطان إذ تحتوي على شهادة الرسل عن حياة المسيح وتعاليمه وبد الكتاب المسيحيون من القرن الثاني الميلادي باقتباس هذه الأناجيل وشرحها وقاموا بعمل ترجمات منها إلى لغات متنوعة كالسريانية والقبطية واللاتينية ولذا فما من شك في أن هذه الأناجيل سجّلات رسولية صحيحة وصادقة وتؤدي الرسائل في العهد الجديد صورة المسيح وتعاليمه وأعماله وشخصه كإنسان وإله كما وردت في هذه الأناجيل لكل من الأناجيل الأربعة خاصياته المميزة له التي تفرد بها بسبب غرض الكاتب في كتابته والأشخاص الذين كتب إليهم كما كانت ماثله في ذهنه فقد كتب متى وجهة النظر اليهودية وهو يقدم لنا يسوع كالمسيا الملك الذي تمت فيه نبوات العهد القديم ومرقس يكتب للأمم وربما كان يقصد الرومانيين منهم بوجه خاص وهو يقدم لنا فوق كل شيء قوة المسيح للخلاص كما تظهر في معجزاته.
أما لوقا، وهو يكتب للمثقفين من اليونان يكتب لهم في لغة بأسلوب أكثر روعة مما كتب غيره من كتبة الأناجيل ويُظهر لنا تأثير الرسول بولس في إبراز نعمة المسيح التي تشمل الساقطين والمنبوذين والفقراء والمساكين بعطفه أما قصد يوحنا الخاص فهو في أن يُظهر يسوع كالكلمة المتجسدة الذي يعلن الآب للذين يقبلونه ( وأتى يسوع أمام التلاميذ بآيات أخرى كثيرة لم تكتب في هذا الكتاب وإنما كتبت هذه لتؤمنوا بأن يسوع هو المسيح ابن الله ولتكون لكم إذا آمنتم الحياة باسمه انجيل يوحنا 20 / 30 و 31 ) ويوجد بين الأناجيل الثلاثة الأولى كثير من التشابه ولكنها تختلف عن أنجيل يوحنا من عدة أوجه وبما أن متى ومرقس ولوقا يقدمون حياة المسيح من وجهات نظر متشابهة على وجه العموم لذا فقد أطلق على هذه الأناجيل الثلاثة اسم الأناجيل المتشابهة يركز يوحنا أنجيله حول عمل المسيح في اليهودية ويقدم الثلاثة الأول تعليم المسيح عن الملكوت وأمثاله وتعليمه للشعب أما فيسجل لنا تعليم المسيح عن نفسه في أحاديث مستفيضة وتشترك الأناجيل الأربعة في الشيء الكثير بحيث يؤيدون الواحد الآخر ويختلفون عن بعضهم البعض بحيث يكمل الواحد منهم الآخر ويتممه أما المصادر التي استقى منا البشيرون الأربعة المعلومات التي ضمنوها في أناجيلهم في مصادر موثوق بها فقد كان متى ويوحنا رسولين اتبعا يسوع ولذا فمعرفتهما بالحوادث التي سجلاها هي معرفة شخصية.
أما مرقس فقد كان رفيقاً لبطرس وقد ذكر بياس حوالي سنة 140 ميلادية أم مرقس ضمَّن في أنجيله ما وعظ به بطرس عن يسوع ويحقق لنا لوقا نفسه بأنه استقى معلوماته من شهود عيان ولذا فإننا نجد في الأناجيل شهادة الرسل ( لما أن أخذ كثير من الناس يدونون رواية الأمور التي تمت عندنا كما نقلها إلينا الذين كانوا منذ البدء شهود عيان للكلمة ثم صاروا عاملين لها رأيت أنا أيضا وقد تقصيتها جميعا من أصولها أن أكتبها لك مرتبة يا تاوفيلس المكرم لتتيقن صحة ما تلقيت من تعليم انجيل لوقا 1 / 1 - 4 ) ويظن بعض العلماء أن مرقس هو أول الأناجيل التي دونت وأن متى ولوقا استخدما على وجه العموم نفس النقاط الرئيسية التي وضعها مرقس وهنا فريق من النقاد ويسمون نقاد الشكل يؤكدون أن مادة الأناجيل حفظت في أحاديث شفهية وقد أشار غيرهم من العلماء إلى أساس آرامي يرى في خلال لغة الأناجيل اليونانية كما هي بين أيدينا وأن هذه البقايا الآرامية في الأناجيل دليل على زمن كتابتها المبكر ودليل أيضاً على صحتها وصدقها ولا سيما وأن المسيح كان يتكلم الآرامية في أحاديثه وأخير أن وعد المسيح لتلاميذه ليؤيد صدق هذه الأناجيل وصحة رسوليتها فقد قال أما المعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم ( ولكن المؤيد الروح القدس الذي يرسله الآب باسمي هو يعلمكم جميع الأشياء ويذكركم جميع ما قلته لكم انجيل يوحنا 14 / 26 )