بدءاً و للأهمية أُنوه الى ما يلي ....
إحترامي الشديد لسر الكهنوت و إيماني بقدسيته و لكني لا أقدس الأشخاص ..كائن من كان .....
أينما يرد مصطلح قادة الكنيسة في هذه المقالة فالمقصود به من هم في قِمة هَرم السلطة الكنسية من أَصحاب السلطة ومُخَطِطي السياسات و المُشَرعين للقَوانيين..... وليس التنفيذيين الذين هم الكهنة المحكومين بحكم الطاعة الذي يُهُدِد سر كَهنوتَهم إن إنتفضوا أو إعترضوا .
من أجل إتضاح الصورة يرجى قراءة الجزئيين الأول ( المقدمة ) و الثاني ( الجانب الروحي ) من المقالة على صفحتي ...مع التقدير
الجزء الثالث ....
الجانب السياسي ..
قبل الحديث عن ما يمكن تسميتها بالأخطاء السياسية فإن ما يجب التأكيد عليه هو أن الخطأ الأول و الأكبر لقادة الكنيسة كان في دخولهم هذا المعترك الفاسد الذي لا يليق برسالتهم الروحية. حيث لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تتوافق المبادئ و الأفكار و الأساليب السياسية القذرة مع القيم و التعاليم المسيحية السامية لذلك فإن إنغماس قادة الكنيسة في مجال لا يتوافق مع جوهر قيم و تعاليم المسيحية التي هم رُسُل لها و حاملين لِوائها و هذا ما أضعفت من قدرتهم على الخوض في هذا المجال و تحقيق النجاح و التفوق فيه وبالتالي أصبحوا صيداً سهلاً جداً في التعامل معهم وتمرير القرارات والسياسات عليهم بقليل من الكلام المَعسول و الإبتسامات الخبيثة ..!!!!!!!! . فالسياسي المحنك و الخبير و المَكّير يبحث دائما عن خصم ضعيف لا يجاريه في اللعبة السياسية و لم يختبر دهاليزها ولا يَتَقِن فنونها وفك طلاسمها و لا يفقه من السياسة غير إيماءات الموافقة و القبول بإلأقل مما هو مستحق من حقوقه و يكون دائما قانعاً بأفضال الآخرين عليه .........!!!!!!
لكن المشكلة الحقيقية كانت في إعتقاد رعاة الكنيسة أَنهم يمارسون السياسة بِحنكَة وحِكمَة و إِحتَرافِية بدليل أَنهم راغبين جداً بتصدر المشهد السياسي مع كافة الأطراف السياسية و تصدر المجالس إرتقاء المنابر إن كان في العراق أو في المحافل الدولية . بل أن بعضهم أحيانا تحول الى خبير عسكري يناقش الخطط العسكرية ,,!!!!! لكن ما فاتهم هو أن الأطراف السياسية العراقية تمتلك من الدهاء و الخُبث ما يجعلها تَتَمَسك بقادة الكنيسة لتَصَدُر المشهد السياسي و تشجيعهم على إداء دوراً محوريا و أساسيا لأنهم وجدوا فيهم خَصم لا يتقن اللعبة السياسية و أنهم لقمة سائغة يَستَسهِلون إبتلاعها .... لذلك هم متمسكين بهم ويثبتونهم على أنهم الممثل الشرعي لإبناء شعبنا و يتعاملون معهم من هذا المنطلق و هذا ما إتضح بشكل لا يقبل الشك حيث أنهم أي قادة الكنيسة لم يحققوا لشعبنا ما يحفظ له كرامته ويحافظ على أراضيه التأريخية و يؤمنوا مستقبله عليها ولم ينجحوا بالتأثير في سن القوانيين التي تخدم تطلعاته و إنتزاع حقوقه بل أنهم لم يتمكنوا حتى من تقديم النصح لأبناء شعبنا حول مستقبلهم و هذا أضعف الإيمان ...!!!! و أعتبروا أن الأمر قرارات شخصية يتحمل مسؤوليتها كل فرد.....
فإن كان مستقبل شعبنا مُجرد قرارات فردية فما الداعي لأن يكون هناك قادة يتحدثون بإسم الشعب ....!!!!!!
كذلك لم يتمكن قادة الكنيسة في التواصل الإيجابي والفعال مع كل القوى السياسية العراقية الفاعلة لكسب التأييد من أجل التحرك الفعلي على الأرض و كأنهم تناسوا مُتَعَمدين...!!!!! دور هذه القوى وجل ما فعلوه أنهم إنتظروا الأوامر و التوجيهات و الإرشادات من قوى بذاتها مما تسبب لهم بمشاكل مع قوى أخرى...!!!!! ففي عالم السياسة إن كنت ضعيفا قليل الحيلة فإن عليك أن تمسك العصا من وسطها و تبني علاقات مع كل اللأطراف المتصارعة على الساحة السياسية . لتضمن علاقات متوازنة مع الجميع بشكل حيادي لدرء مشاكل الإصطفاف خلف جهة بعينها و تنئى بالشعب بعيداً عن الصراعات الطائفية والقومية التي تزخر بها خاصة الساحة العراقية ..... وعلى المستوى الدولي لم يكونوا قادرين على إيضاح الصورة الحقيقية لحجم الكارثة التي لحقت بشعبنا على مدار سنوات عديدة رغم الأحداث الجِسام التي لحقت به و تسببت له بمعاناة و مآسي كثيرة و أيضاً لم يستطيعوا من تشكيل قوة ضغط تؤثر بشكل حقيقي على الأطراف العراقية أو في المحافل الدولية و يكون لصوتها صدىً مُدَويٍ و مؤثر و صولاً الى فعل قوي يتناسب مع حجم الإنتهاكات والمعاناة و محاولة تصحيح الأوضاع و إنتزاع الحقوق .... و ما يمكن أن يعتبر أنه أقصى نجاحاتهم هو إستقطاب المنظمات الإنسانية و إستعطافها لتوفير الأموال و المواد الإغاثية و كأن الشعب بحاجة فقط الى كابونات غذائية و بطانيات و حليب أطفال....!!! ( رغم أن المنظمات كانت متهيئة قبل أن يقع فعل التهجير على شعبنا و كأنها كانت على علم مسبق من أننا سوف نُهَجَر......!!!!!! )
كذلك لم يهتموا مطلقاً بتوحيد الكلمة و المواقف السياسية ( للأكشاك الحزبية بإستثناءات قليلة ) المسماة الأحزاب السياسية المسيحية العاملة في الساحة العراقية وفشلوا فشلاً ذريعا في إجبارهم على تَبني موقف موحد و سياسة شجاعة و واضحة من القضايا التي تَهُم شعبنا و التحديات التي يواجهها . و إن كان قادة الكنيسة وما زالوا يَحيّدوّن بأَنفسهم عن الأحزاب السياسية و يعلنون جهاراً أن لا تأثير حقيقي و فعال لهم عليها و ينأوون بأنفسهم عن سياساتها ، لكن حقيقة الأمر أن هناك علاقات و ترابط وثيق بين قادة الكنيسة و الأحزاب المسيحية و يشجعونهم على الأقل في الإستمرار بسياساتهم على ذات النهج الذي هم به سائرون من خلال التغاضي عن إرتباطاتهم و السكوت على فشلهم ( بإستثناءات قليلة ) مما يمنحهم الشرعية في تمثيل شعبنا بشرعية كنسية قبل أن تكون شرعية شعبية و لذلك فشلوا في صناعة قادة و سياسين حقيقيين وأكفاء قادرين على خوض معترك السياسية بإحترافية و حِنكة و إعتمدوا على سياسي الصدفة في الزمن الردئ ( بإستثناءات قليلة ) ممن تَسَلقوا خِلسَة على أبراج الكنائس في غفلة من الزمان و خَنَقوا بفسادهم و ضُعفِهم أَصداء النواقيس. و قد تسبب ضعف هؤلاء و عَمالتهم ( بإستثناءات قليلة ) لأجندات جهات لا تخدم شعبنا بأي حال من الأحوال و تقدم مصالح هذه الجهات كيفما تشاء و متى ما تشاء و حيثما تشاء... على مصالح شعبنا ( و هذا من حقها الطبيعي بحكم السياسة )
و ما زاد الطِّينَ بَلَّةً و لمزيد من التَشَرذم و الضعف و الهوان أَسسوا ( أكشاك مسيحية طائفية ) ليثخنوا في جراح شعبنا تحقيقاً لرغبات عنصرية فقط .... و رغبات عنصرية ليس إلا ....
و كانت النتيجة أن تراكمت الأخطاء في سياساتهم لذلك لم يحققوا شيئاً للشعب من خلال تحركاتهم السياسية و طَرحهم لقضية الشعب المسيحي إن كان في العراق أو في المحافل الدولية على مدى سنوات طويلة ... بل جُل ما قدموه للشعب هو وعود إستنادا على وعود على وعود على وعود و الطامة الكبرى أن كل هذه الوعود شفهية غير مكتوبة و موثقة ممكن أن يتبرأ منها و ينقضها بكل يُسرِ و سهولة من قَطَعَها على نفسه ......... و في لعبة السياسة تعتبر الوعود الشفهية مجرد قبضة من هواء لا قيمة لها و لا يَرتَضي بها إلا الضعيف الساذج سياسياً.....
إن ألآعيب السياسة لا تليق بمكانتهم الروحية و لا تليق بهم و إنهم أَرفع منها ....!!!!!!
في الجزء الرابع نكتب في الجانب الإجتماعي ....
عذراً للإطالة .....
بشار جرجيس حبش
بعيدا عن بغديدا 21 تشرين الثاني 2017