لكل منا قناعاته ونظرته الخاصة للحياة حسب الخبرة والثقافة والمبادىء الإيمانية التي تعلمناها من البيت والمدرسة والبيئة ومن الأصدقاء ، ولكن نحرص في نفس الوقت على إرضاء الآخرين تحاشياً لإنتقاداتهم التي لا يسلم منها أحد ، ويقال إرضاء الناس غاية لا تدرك ، فإذا سرت في طريقك ولا تلتفت إلى أحد قالوا عنك ( متكبر) ، وإذا تكلمت مع من تراه في دربك قالوا ( ثرثار ) ، وإذا سألت عن الحال والإحوال والعائلة قالوا ( حشري) ، وإذ جلست في مجلس ولم تتكلم قالوا (ليس إجتماعياً) ، وإذا تكلمت وأطلت في الكلام قالوا ( مهذار ) ، وإذا ذكرت صديقاً ونقدته قالوا ( نمّام ) ، وإذا نصحت كائنأ من كان لا يقبل منك النصيحة ويقول لك إنصح نفسك اولاً ،
وخلاصة القول : لا يتركوا الخلق للخالق كما يقول المثل ، فمهما كنت دقيقاً وحريصاً على إرضاء الناس ، تكون في نهاية المطاف محط عدم القبول والإنتقاد من البعض ، فهناك فرق بين النقد والإنتقاد ، فالنقد هو روح ودودة لأجل تصحيح الأخطاء نحو الأفضل ، أما الإنتقاد فهو تصيّد الأخطاء قصد الحط من قيمة الفرد والإستهزاء والتشهير به .
والثقة بالنفس تبني شخصية قوية لا تخاف كلام الناس ، وأما المبالغة في إرضاء الناس ، ستكون النتيجة شخصية خائفة مهزوزة ، غير قادرة على إتخاذ القرارات المصيرية المهمة في الحياة ، وتبقى على الهامش .
وإذا كان ديدنك وتركيزك هو إرضاء الناس لكي تبقى بعيداً عن الإنتقاد ، ففي أحسن الحوال لا يحقق لك ذلك ما تطمح إليه ، وتبقى مكتوف الأيدي خائفاً لئلا تنال إنتقاد زيد من الناس ، ولكن إذا فعلت ما تؤمن به وتعتقده صحيحاً سيجلب لك الثقة بالنفس ،( فما لك ومال الناس) ، فإن نجحت فتكون محسوداً من نقادك ، وإن فشلت وهذا في أسوأ الأحوال ، سيكون ذلك حافزاً لك للمزيد من الجد والمثابرة لتتعلم من أخطائك وتصحيحها والبناء عليها ، فمن إعتمد على الله وعلى قدراته دون الإكتراث لكلام الناس ، وعمل ما إعتقده صحيحا ً ، يكون حتماً من الناجحين في نهاية المطاف . فهل تعمل ما تعتقده صحيحاً ؟ أم تخاف من إنتقاد الناس ، وتحاولجاهداً لإرضائهم ؟ فشتان بين الإختيارين ، فخيرتك لتختار ولك القرار .