الثور المجنح أو شيدو لماسو أو لماسو أو الالادلامو، هذا الرمز الحضاري الذي أمسى من أبرز رموز الإمبراطورية الأشورية. تأريخ ظهور لماسو في الحضارة الأشورية لم يحدد بدقة، إلا أن الكثير يرجحونه إلى الملك الأشوري "سنحاريب" وذلك بحسب ماجاء في إحدى الكتابات التي ترتقي لعهد الملك المذكور وهذا نصها" لقد جلبت رجالاً أسرى من المدن التي غزوتها وبنوا لي قصراً يقف على بوابته إثنان من الآلادلامو". وهناك أيضاً من يعيده إلى حقبة الحاكم الأشوري "أشور ناصربال الثاني". لماسو هذا المخلوق المختلط التكوين، يظهر في غالبية المنحوتات والصور برأس إنسان وجسم ثور وأقدام أسد، أو رأس إنسان وأقدام ثور وجسم أسد، وهذه التركيبة لم تأتي من العدم أو دون سابق تفكير، بل كان لها أسبابها الدافعة. ويعرف الكثير من المؤرخين لماسو بأنه الملاك الحارس لمدن وملوك أشور، وأجزائه الأربعة ترمز إلى كمال القوة " الأسد للشجاعة" و"الإنسان للفطنة" و" الثور للقوة" و"النسر للمجد". وقد إنتقلت فكرة الحارس الإلهي أو الملكي من الحضارة الأشورية إلى حضارات أخرى منها الرومانية و المصرية متمثلة بـ"أبي الهول"، واليابانية في شخصية "غيوكي" الأسطورية. كما جاء ذكر لماسو في التوراة وتحديداً في حزقيال (1:1-14)، حيث تقول الأية أن حزقيال يوم كان مسبياً من قبل الأشوريين، تحدث عن مركبة رأها فوق نهر الخابور لها رأس إنسان وأقدام عجل وجسد أسد وأوجه مطلة في كافة الإتجاهات. وحافظ الأشوريون على هذا الرمز الذي أضحى هويتهم الجلية في معظم المتاحف العالمية. فإن زرت متحف لوفر الشهير في فرنسا، ومتاحف لندن وشيكاغو ونيويورك ولم تلتقي بمجد لماسو وتتلمس وقاره وهيبته، كأنك زرت القدس ولم تحج إلى قبر المسيح المبجل. وعن وقار وهيبة لماسو يحدثنا "مارك الطويل" الخبير الأثاري الأمريكي من أصل عراقي قائلاً: "إنها مرعبة جداً، هذه الوجوه تبدو مرعبة نوعاً ما، الأجنحة والحوافر، وهذا المخلوق المركب الذي يضم حيوانات عديدة هو ضخم جداً وله نظرات مخيفة، إنه يشعرك بقدر من الخوف وفي الوقت ذاته ووسط هذه الكتلة من الشعر المجعد ولحيته المتدلية، ترتسم على وجه الثور المجنح ما تبدو أنها إبتسامة صامتة. إنها صارمة، لكنها تحتفي بالآخرين على طريقتها. صُنع التمثال من لوح واحد من الحجر الجيري قبل نحو 2700 عام خلال عهد الملك الأشوري سنحاريب، الذي كان يحكم إمبراطورية تغطي أجزاء من العراق الحديث وسوريا وتركيا". ويبدو بأن هذا الرعب المستور كان وراء قيام داعش بنسف هذه التماثيل العملاقة، والقضاء على تلك الروح التي كانت تحمي نينوي الأشورية من براثين الأعداء.
وبعد نهاية حرب الخليج الثالثة، التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية بدعم ومباركة أكثر من 50 دولة أجنبية وعربية، وإسقاط النظام البعثي، أسست الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها قوة عسكرية لبسط سيطرتها على العراق، لاسيما بعد صدور قرار حل الجيش العراقي من قبل الحاكم المدني للعراق، الأمريكي "بول بريمر"، وأطلق على هذه القوة إسم " القوات متعددة الجنسيات" وضمت تحت مظلتها أكثر من 25 دولة، وهذه القوة حالها حال أية قوة نظامية أمسى لها رمزاً وعلماً خاصاً، ومن ملاحظتنا لرمز وعلم هذه القوة نجد أن الثور المجنح "لماسو" يتوسطهما بوقار، كون لماسو كما ذكرنا رمز حضاري نهريني أشوري معروف، وله وظيفة جلية وهذا مادفع بالولايات المتحدة وحلفائا لإختياره. إلا أن المؤسف اليوم هو تجاهل هذا الرمز الذي ظل صامداً لقرون طوال، وأمسى محط إعجاب وفخر العالم من قبل أحزاب شعبنا الأشوري. فبعد أن تم غزو مدينة الموصل وسهل نينوى، تشكلت قوات عسكرية خاصة بتلك الأحزاب، وهي "الدويخ نوشا" التابعة للحزب الوطني الأشوري، "قوات سهل نينوى" التابعة لحزبي بيت نهرين الديمقراطي وإتحاد بيت نهرين الوطني، "قوات حراسات سهل نينوى" التابعة للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الأشوري، و"وحدات حماية سهل نينوى" الجناح العسكري للحركة الديمقراطية الأشورية، ومن خلال ملاحظتنا للرموز أو البيارق الخاصة بهذه القوات والتي ولدت من رحم معاناة أبناء أشور لتدافع عن أرضهم وعرضهم، نجد أن حامي وملاك أرض أشور"لماسو" غيب أو أهمل. السؤال المطروح في النهاية هو، هل يجهل قادة أحزابنا تأريخ ووظيفة وقيمة لماسو؟ فإن كانت داعش قد نسفت لماسو الأمس، فأنتم تنسفوه اليوم وكل يوم لحين تردون له إعتباره ويعود ليحلق عالياً حامياً لسماء وأرض أشور المغتصبة.
المصادر:
1- أشور كيوركيس، الثور المجنح الأشوري الخلفية الميثولوجيا والإنتشار: http://www.assyriangc.com/ashur5.html
2-https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AB%D9%88%D8%B1_%D9%85%D8%AC%D9%86%D8%AD http://www.bbc.com/arabic/artandculture/2016/02/160229_culture_lost_objects_winged_bull-3