هل يسمع المسؤول؟

وما ادراك ما الكوادر الوسطية!

آمال الناس في التقدم وامانيهم في نيل كفاءات عليا آمال محترمة ومفرحة، وقد شهدنا في فورة توسع الجامعات والكليات اندفاعاً مباركاً لاكمال الدراسة والتخصص، ومع ما شاب هذا الحراك من شوائب ومثالب، يبقى حراكاً مباركاً ومطلوباً.

التوسع في الدراسات الانسانية حاصل طبيعي لبلد ثقافته الاوسع لغوية: ادب، دين، اجتماع، مع ذلك حصل توسع في كليات الهندسة والصيدلة والطب، هذه مؤشرات جيدة.

لنا على ما يجري ملاحظتان، الاولى اننا لم نتوسع كفاية في المعاهد التقنية والتدريبية، وهذه المعاهد هي الجهاز التنفيذي والتطبيقي لمحصلة العلوم والمعارف.

حتى الآن نقص في التمريض والطبابة (التضميد) وإن حصلت زيادة طيبة، وحتى الآن لا نمتلك عددا كافياً من المعالجين الطبيعيين، وحتى الآن لا نمتلك عدداً كافياً من الكهربائيين، في المحلات السكنية يبحثون عن كهربائي جيد، عن مصلح اجهزة تبريد، عمن يقوم بصيانة اجهزة منزلية، هذه الكوادر الوسطية هي المعتمدة في الشؤون اليومية، المنزلية والطبية وعموم الحياة.

عملت سنوات في ليبيا، شركات النفط هناك توظف يوغوسلاف وهنود ومن افريقيا، تسأل عن عنوانه فيقول لك: مهندس فني، هو خريج معهد تقني، وهذا ما نجده اليوم في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا، خريجو معاهد، دورات تدريبية بصفة معهد لسنتين او ثلاث في تخصص معين، تمنحه شهادة يخدم بها في الشركات، وبعض من هؤلاء بذكائه ومهارته يكسب اكثر من حامل شهادة عليا، فضلا عن انه انسان نافع تحتاج له المدينة والقرية، الشركة والدولة.

المعاهد التي لدينا اولاً قليلة، ثانياً تحتاج لأن تكون اكثر رصانة علمية وخبرة تطبيقية، ونحتاج لان تُرسم خطة واضحة تفصيلية بالاختصاصات او الموضوعات التي يحتاجها البلد والمجتمع، وتفتح معاهد جديدة مضافة، ومن دون كبرياء، نحتاج لأن نطعِّم الكوادر التدريسية بخبراء مهنيين، من يبني داراً لا يبني سطحاً فقط ولا طابقاً علوياً فقط هو يحتاج الى ما يقوم عليه هذا الطابق، الطبيب يحتاج ممرضة ومعالجاً طبياً ومتدربين جيداً للمختبر وللسونار، والى عمال لصناعة الاطراف الصناعية، مثلما يحتاج المنزل الى خدمات كهربائية وتأسيسات صحية بعقل علمي حديث، يعرف لماذا فعل هذا ولماذا لا يفعل ذاك.

هذه الكوادر الوسطية هي تنفيذية ومساعدة، وهي ايضاً حاجة اجتماعية واسعة.

التفكير بالقمم العالية جيد، ولكن التفكير في آليات وطرق الوصول اليها .. جيد ايضاً!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة "طريق الشعب" ص1

الاثنين 27/ 6/ 2016