عشتارتيفي كوم- ليبانون فايلز/
تقلّص الوجود المسيحي في العراق بعد سقوط نظام صدّام حسين وموجات الإنفجارات التي ضربت الكنائس والأحياء المسيحية في الموصل وبغداد ومناطق العراق كافة.
لكن، بعد الإنتفاضة السنيّة التي شهدها شمال العراق أخيراً، واتَّسعت رقعتها لتُنذر بحرب مذهبية طاحنة بين السنّة والشيعة، عادت مخاوف المسيحيّين العراقيين لتظهر مجدّداً، خشية ضرب ما تبقّى من الوجود المسيحي في بلاد الرافدين.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس أساقفة الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك المطران يوحنا بطرس موشي في اتصال مع “الجمهورية” أنّ “الوضع في العراق سيئ جداً، والأيام الأولى من الانتفاضة أدّت الى قطع المياه والكهرباء والمواد البترولية عن أغلب سكان المنطقة، وسط القصف والدمار والتصفيات المتبادلة ونقص المواد الغذائية”، مشيراً الى أنّ “اليأس ضرب العراقيّين، لأنهم لم يعرفوا الاستقرار منذ العام 2003، تاريخ سقوط نظام الرئيس الراحل صدّام حسين”.
وعلى رغم المعاناة، لا يقبل المسيحي العراقي التخَلّي عن مواطنيته، ويصرّ على وحدة المصير مع أبناء بلده، حيث يلفت موشي الى أنّ “معاناة المسيحيين غير منفصلة عن معاناة العراقيين الى أي طائفة أو مذهب انتموا، فرصاصة الموت لا تفرّق بين المذاهب، والخوف من المجهول يرافق الجميع، بعد انسداد الأفق وعدم معرفة مصير الأحداث”، مشيراً الى أنّ “ما لحق المسيحيين في الأيام الأخيرة أصاب العراقيين جميعاً”، نافياً حصول أي “تهجير مُمنهج للمسيحيين، أو استهداف كنائسهم أو مقاماتهم الدينية من “داعش” أو أي فصيل آخر، فالحرب ليست معنا، بل مع السلطة السياسية الحاكمة”.
وحسب الوقائع، يؤكد موشي أنّ “المنتفضين في المناطق التي طُردت منها قوات رئيس الوزراء نوري المالكي، لم يعتدوا على المسيحيين أو المدنيين إلى أيّ طائفة انتموا، بل كانت معركتهم مع الجنود والقوات التي اعتبروها معادية”، مضيفاً: “لقد تواصلنا مع رعايانا والمسؤولين الدينيين ولم يبلغونا أي عمل تهجيري أو انتقامي ضدّ المسيحيين، فعملية النزوح شملت مختلف الطوائف، والمناطق التي غادرها المسيحيون نطمئنّ اليها، ولم تردنا أي معلومة عن التعرّض لمقاماتنا الدينية”.
ويؤكد موشي أنّ “المسيحيين الذين غادروا في الايام الأخيرة الى مناطق آمنة داخل العراق سيعودون الى بلداتهم ومنازلهم وكنائسهم، ولن يمنعهم شيء من ذلك، على رغم بعض التجاوزات الفردية ضدّ الكنائس، لكنّ المسيحي العراقي قلق لأن لا حلّ في الافق القريب، وبلده يتجه نحو المجهول”، لافتاً الى أنّ “الموصل تأوي عدداً كبيراً من العائلات المسيحية التي نزحت اليها أخيراً، حيث نهتمّ بهم، ونحافظ عليهم لكي لا يهاجروا، في انتظار حلّ الأزمة وعودة الامور الى مسارها الطبيعي واستباب الأمن”.
لا يريد موشي تصويب الحرب بأنها ضدّ المسيحيين، لأنه يعتبر أنّه إذا كان العراق بخير، فالمسيحيون بخير، أما اذا امتدت الحرب وتوسّعت رقعتها فستحرق الجميع وستؤدّي الى تهجير المسيحيين الذين لا يستطيعون العيش بين النزاعات لأنّهم الفريق الأضعف، وبالتالي سيُقضى على وجودهم.