يصوم ابناء الكنائس الشرقية في الشرق والغرب صوما لمدة ثلاثة ايام، ويسمى بصوم (باعوث) النينويين. ويقع هذا الصوم عادة في فصل الشتاء من كل عام وقبل الصوم الكبير بثلاثة اسابيع، ويصادف دائما يوم الاثنين وحتى الاربعاء من الاسبوع، حيث ينقطع ابناء الابرشيات المذكورة عن تناول جميع انواع الاطعمة والاشربة من الصباح وحتى منتصف الايام الثلاثة، وتجرى قداديس خاصة وصلوات يتضرع فيها الناس الى الله بأن يغفر خطاياهم وذنوبهم ويهديهم الى طريق الخير والصواب والنجاح في حياتهم، كما يطلب من الباري عزوجل بأن ينشر السلام والوئام والخير في ربوع الوطن العزيز والعالم كله، ويحفظ البشرية من ويلات الحروب والكوارث والاوبئة...
ولصوم النينويين مصدران، الاول يقول بأنه مبني على صوم اهل نينوى وانقطاعهم عن تناول الاكل والشرب لمدة ثلاثة ايام، بعد ان قام النبي يونان بن إمتاي بانذار سكان العاصمة الاشورية نينوى في القرن الثامن قبل الميلاد وفي زمن الملك الاشوري (اشور- دان الثالث)، والتي كان يربو عدد سكانها انذاك على 120 الف نسمة، بأن يتوبوا ويرجعوا الى طريق الصواب لئلا يدمر الله مدينتهم، ولما استجاب الملك واهل تلك المدينة لأنذار الرب عفا عنهم ولم يدمرها.
واما المصدر الثاني فيقول، بأنه في ايام المطران سبريشوع مطران كركوك ونينوى والمناطق المجاورة انتشر وباء الطاعون بين اهلها واباد الالاف منهم، وبينما كان المطران سبريشوع يصلي الى الله كي يبعد هذا الوباء عن الناس، سمع صوت الملاك يقول "ليُصَلَّ الناس ثلاثة ايام وينقطعوا عن تناول الاكل والشرب فيتوقف الوباء"، وفعلا بعد ثلاثة ايام من الصوم والذي بدأ يوم الاثنين انحسر الوباء وتوقف عن الانتشار.
وهناك تقليد بمناسبة صوم النينويين، حيث تقوم العوائل بجمع سبعة انواع من البذور والحبوب وقليها على النار ومن ثم طحنها حتى تحصل على طحين خليط، ثم تضاف اليه نسبة كبيرة من الملح، ويسمى هذا النوع من الطحين (بوخين)، وفي ليلة الخميس يوم تقديم الشكر الى الله على نجاتهم، يتناول الشباب من العزاب والعازبات سبعة اكيال بأصبع الابهام من هذا الخليط، على أمل ان يرى كل شاب في حلمه حبيبته المنتظرة، وكل شابة ترى حبيبها الموعود، كما يمزج هذا الخليط مع الدهن الحيواني او الزبدة ويسخن على النار فيصبح اكلا لذيذا وطيبا. هكذا فان صوم (باعوث) نينوى وملحقاته هو ممارسة قومية ودينية معا اسوة ببقية الممارسات الاخرى مثل (نوسرديل، كالو سولاقا، صومكا..).
ليتقبل منا الرب صلواتنا وابتهالاتنا ويغفر لنا ذنوبنا وينشر السلام والوئام والرخاء في ربوع عراقنا الحبيب وفي كل انحاء المعمورة.
يوخنا دانيال بنيامين
رئيس القسم السرياني في فضائية عشتار
12/2/2011