كريم
إينا
إنّ الفن صديق الموهبة وعمل أساسي في حياتنا لا
يمكن الإستغناء عنه نستطيع أن نسرق خواطرنا ومعانينا واحداً إثر واحد ولكن صورة
الوجه على اللوح إمّا أن تكون ناطقة أو ميتة، جامدة الروح وليس يخفى موتها أو
حياتها على الناظر إليها. وهكذا فن يمثّل جانباً إبداعياً من تراث بغديدا وما تجود
به قريحته من دقّة الفنان في المهارة والتجربة المختمرة من أجل الإبداع. هذا الفنان
فطري بحد ذاته عمل في مجال فن الحياكة والطين الإصطناعي حيث نال إعجاب الكثيرين ودهشتهم.
فهو يوظف التراث وفق مفهومه الخاص وهو أقرب إلى الحداثة بالرغم من تمسّكه بالجذور.
إلتقته هيئة تحرير مجلّة ديانا فكان لها معه هذا الحوار:
س1
كيف نشأت عندك فكرة مشغل الأعمال اليدوية التراثية؟.
منذ
الصغر كانت لي موهبة ربّانية لم أكن دارساً في حينها أو متخرّجاً من أيّ مدرسة بل
كنت أعمل لعب متميّزة من الطين والأسلاك والصفائح المعدنية بأشكال متنوّعة منها:( عربات
نقل القش، سيارات، دنك). بعد ذلك دخلت المدرسة الإبتدائية " الحمدانية
الثانية في قره قوش" في بيت المرحوم عبوش سكريا الحالي. وقد إكتشفني آنذاك
الأستاذ بهجت معلّم الفنية. كنت أرسم لأصدقائي طلاب الصف الأول الإبتدائي ولحد
الصف السادس الإبتدائي كي يحصلوا على درجة النجاح في مادة الفنية. ومقابل ذلك فقد
حصلت على درجات من قبل معلّمي الفنية. بدأت الموهبة تكبر عندي وتزداد بمرور الزمن
عند تقدّمي في المراحل الدراسية.
س2
ما هو الشيء الفجائي الذي غيّر مجرى حياتك من خلال إنطباعك الفني؟.
الشيء
الفجائي الذي حلّق بي في مجال الفن هو إكتشافي من قبل الأستاذ المرحوم ضرار القدو
من أهالي الموصل في دار المعلمين حيث أعطى لي نصائح جليله حول التمسّك بشأن الفنون
التشكيلية والأشغال اليدوية أكثر من الرسم وأكّد لي بأنّي سوف أبرز على الساحة
الفنية إذا ما مارست هذا اللون من الفن. شاركت معه في سنة 1962 بعمل من الجبس لرأس
يعقوب الكندي الذي أقيم له مهرجاناً كبيراً في تلك السنة في الموصل كما شاركته
بعمل دمى القفازية وهي (دمى متحركة). بعد ذلك تم تعييني عام 1963 في مدرسة (تل أبو
ظاهر) كنت آنذاك معلّماً عاماً للمواد وبالأخص مادة الرياضيات. كنت أمارس أعمالي
الفنية خارج الدوام في المدرسة مساءً بصحبة عدد من التلاميذ ثمّ إنتقلت بعد ذلك
إلى مدارس متعددة في قضاء الحمدانية وإختصاصي كان في مجال الفنية. إشتركت في المعارض
السنوية التي أقامتها مديرية تربية نينوى تحت عنوان"الإستعراض الرياضي".
وما بين سنة 1986 إلى حين إحالتي إلى التقاعد كنت مسؤولاً على قسم النجارة بمشغل
مدرسة قره قوش الثانية الإبتدائية.
س3 هل لا زالت أعمالك الفنية والتحف التراثية
موجودة لديك أم قد تم أخذها من قبل مؤسّسات الدولة الرسمية أو المدارس أو بيعها
مثلاً؟.
الأعمال
التي كانت تعود لي شخصياً قد أهديتها لأصدقائي المقرّبين أمّا الأعمال الأخرى التي
تخصّ المشغل بحد ذلته كنّا نبيعها في المعرض أثناء عرضها للناس في الموصل.
س4 بماذا تضمّنت عناوين أعمالك الفنية وبماذا
تمتاز؟.
إحتوت
أعمالي الفنية جميع الحرف التراثية القديمة التي تتعلّق بمحافظة الموصل ومنطقة قره
قوش / بغديدا والقرى المسيحية التي حولها لما تحمله من القيم والعادات والتقاليد
التراثية منها:-
(
حياكة الحصران / باطنايا، نقل الحطب / القرى المسيحية الجبلية، عمل السليقة في
بغديدا، عمل الرشتة / الموصل والقرى التابعة لها، الحائك "الجوما" أو
الكوبا / قره قوش، عمل الفراء / قره قوش، عمل الجبن / بغديدا، عمل الكبّة /
بغديدا، جرش البرغل / بغديدا، السوّاس / الموصل، بائع تمر الهند / الموصل، جراخ
السكاكين / الموصل، الحدّاد القديم / موصل، النجّار / بغديدا، العطّار / الموصل، المقهى
التراثي / الموصل، الأعمال الزراعية: " الحراثة، الحصاد، نقل المحصول،الجرجر،
درس المحصول" والسوق الداخلي والخارجي القديم / الموصل،الدنك / بغديدا
الجاروشة / بغديدا،الكوذا (عمل الشنينة) / قره قوش، ناقلات الماء بالجرار /بغديدا،
غزل الصوف اليدوي / بغديدا، جرش العدس / بغديدا، مناظر طبيعية، أعمال خشبية مثل
البيوت بالإضافة إلى إستخدام قشور الأشجار. وتمتاز هذه الأعمال بالدقّة في العمل
بحيث تبدو للناظر وكأنّها حقيقية تجعل الإنسان يتأمّل بالزمن الغابر. ألوان أعمالي
جميلة زاهية مستوحاة من التراث الشعبي.
س5 سبق
وأن إلتقت بك مجموعة من الفضائيات أو وسائل الإعلام وهل تم نشر أعمالك في المجلاّت
والجرائد سمّها لنا؟.
نعم
لقد إلتقت بي فضائية عشتار أربع مرات في داري ومن خلالها تم تصوير كافة أعمالي بعدها
دعيت لإجراء لقاء فنّي معي داخل الفضائية وتم عرض أعمالي الأخيرة المنجزة. كما
أجرت معي فضائية الموصلية لقاءاً فنّياً في نقابة الفنانين بالموصل وطلبت قنوات
تلفزيونية أخرى اللقاء بي ولكن إعتذرت لضيق الوقت عندي. أمّا ما نشر في المجلاّت
والجرائد منها: مجلّة النواطير التي نشرت لوحة عددها المرقم " 34" تموز
2008 عملي الذي بعنوان: قره قوشيتان تجرش العدس وجريدة الثورة بتاريخ 3 / 5 / 1993
نشرت لي (مشاركة في معرض التدبير التربوي) وكذلك في جريدة راية الموصل العدد
"17" في 5 / 12 / 2008.
س6
سمعنا أنّ نقيب الفنانين في الموصل قد
وعدك بعمل لك هوية الفنانين المركزية في سنة 2008 ماذا تقول؟.
نعم
في حينها لم تسنح لي الظروف الصعبة بالذهاب إلى نقابة الفنانين لعمل الهوية
المركزية وبسبب تقاعسي حرمت منها.
س7
هل لديك كتب شكر كثيرة في مجالك الفنّي؟.
نعم
كتب الشكر والتقدير كثيرة لا تحصى. وقد حصلت على مجموعة كبيرة من الكتب والتقارير
بدرجة إمتياز من قبل الأساتذة المشرفين الإختصاصيين ومدراء التربية في محافظة
نينوى هذا فضلاً عن مشاركاتي في مهرجان الربيع السنوي وفعاليات شهر نيسان في
الموصل.
س8
صف لنا طموحك وأنت في هذا العمر؟. وما هي أهم المعوّقات التي إعترضتك؟.
طموحي
كبير يسعى إلى إنشاء صرح كبير يضمّ كل أعمالي التراثية وكذلك أمنيتي أن أشارك في
معرض فنّي تراثي خارج القطر ومن خلاله سأنشر ثقافة آبائي وأجدادي ولكن من يأخذ
بيدي في هذا الزمان. هناك معوّقات كثيرة تحول تحقيق هذه الأمنية نترك هذا السؤال
للسادة المسؤولين في الدولة الذين يهمّهم الأمر. ورغم المعوقات أصبح إصراري قوياً
في الحصول على المواد التي تخدم عملي حتى ولو كانت بأغلى الأثمان وعلى حسابي
الخاص.
س9 هل
لديك فكرة أو رأي مستقبلي للقيام بعمل فنّي كبير في فضائية ما أو معرض فنّي حديث؟.
نعم
لدي فكرة بهذا الخصوص ولكنها بعد لم تختمر في رأسي كي أقوم بمعرض فني على مستوى
واسع وشامل أو بشكل متحف كمتحف بغداد الذي يضمّ التراث العراق القديم وأن أضمّ به
آثاثاً قديمة وأزياء تراثية خديدية يعود تاريخها إلى مجد آبائنا وأجدادنا بأكثر من
مئة عام كما لدي أمنية منذ زمن بعيد بإقامة متحف فنّي كبير يضمّ الحرف والآلات
المستعملة آنذاك في بغديدا ولكن هذا المشروع لحد الآن لا يوجد من يشجّعه ويموّله
سواء من قبل الدولة أو الأشخاص الميسورين.
س10 هل
لدى أولادك إهتماماً كبيراً بالفن الذي تمارسه وهل هم سيحافظون على هذا اللون من
الإرث الفني التراثي الذي سيتركه والدهم لهم؟.
حقيقة
أولادي لهم نهج آخر يختلف عن ما يدور في ذهني لأنّهم إتّخذوا طريقاً خاصاً بهم وهو
التخصّص في ميكانيك السيارات والآلات الزراعية ولكن مع ذلك هذا لا يمنعهم من
الحفاظ على أعمالي الفنية التراثية إلى
الأبد من جيل إلى جيل.
س11
من أين تجلب موادك الفنية؟.
بالنسبة
للأخشاب أجلبها من الموصل من سوق بيع الأخشاب"الإسكلّة" أمّا مادة الطين
من بغديدا ومن الموصل أمّا الملابس وأزياء قره قوش القديمة أجلبها من القرى
المسيحية التابعة لبغديدا مقابل ثمن. حيث أستخدم الأصباغ الدهنية بألوانها
المختلفة.
س12 سبق
وأن رسمت لوحات فنية تمثّل الطبيعة أو برسم أحد أفراد عائلتك؟.
نعم
لقد رسمت الكثير في المدرسة وفي دار المعلّمين عدّة لوحات طبيعية ما زلت أعتزّ
وأحتفظ بها بالإضافة إلى الزخارف بالألوان الزيتية. أمّا بالنسبة لرسم أفراد أسرتي
فقد رسمت والدتي ووالدي وأختي ولكن حسب ما وجّهني الأستاذ المرحوم ضرار القدو وضعت
كل قابليتي وإمكانياتي في الأعمال اليدوية.
س13 بماذا
تنصح هواة الرسم وأصحاب الأعمال اليدوية في الوقت الحاضر؟.
أن
تكون أعمالهم التراثية قد أعطت جانباً من إهتماماتهم لكي نحافظ على تاريخ آبائنا
وأجدادنا ويبقى حاضراً في ذاكرتنا مدى الحياة.
س14 كلمة
أخيرة تود ذكرها؟.
أشكر
جهود مجلّة ديانا لتسليطها الضوء على أعمالي الفنية التراثية وإبرازها للجمهور عن
طريق هذا الحوار الهادىء الجميل. كما أشجّع كلّ إنسان والفنان بالدرجة الأولى على أن
يحصل على أتعابه بالطرق الشرعية.
س15 ما
هي أمنيتك في الحياة؟.
أرجو
من الله أن يزيل هذه الغمّة من بلدنا العراق العزيز وأن يعيش شعبنا بكلّ رفاهية
وخير. وأن تظهر أعمالي أمام العيان كي تحكي للعالم مدى تمسّك إبن بغديدا بجذور
أرضه ووطنيته ومعتقداته الدينية.
س16
ما هي حكمتك المفضّلة؟.
القناعة
كنز لا يفنى لأنّه الذي ينظر إلى من هو أعلى منه سيشقى في حياته وكرهي لمن يتباهى
بما حصل عليه بطريقة غير شرعية.
السيرة
الذاتية
الإسم
الثلاثي واللقب: صليوا شمعون مرقس عبّا
المواليد:
1941 / بغديدا
السكن:
قره قوش / حي الشهداء / قرب دار مار بولس
المهنة:
معلّم متقاعد في المشغل اليدوي / قسم النجارة
التحصيل
الدراسي: خريج دار المعلّمين / 1963- 1964
المعارض:
شاركت في كافة المعارض المدرسية التي أقيمت في قضاء الحمدانية منذ سنة 1966
بالإضافة إلى ذلك المعارض السنوية التي كانت تقيمها لجنة المشاغل اليدوية التابعة
لمديرية تربية محافظة نينوى كما إشتركت بصفة ممّل عن كافة مشاغل نينوى في معرض
بغداد الدولي عام 1993.
نلت
جوائز تقديرية عديدة في كل معرض شاركت فيه.
جائزة
في ساحة الألعاب في بيادر قره قوش عام 1966.
جائزة
في ساحة الألعاب في بيادر قره قوش عام 1968.
جائزة
في ساحة الألعاب في بيادر قره قوش عام 1972.
جائزة
في قاعة معرض بغداد الدولي عام 1993.
جائزتان
تقديريتان من ديوان رئاسة الجمهورية العراقية السابقة عام 1988.
جائزة
تقديرية من الموصل في مدرسة "إبن زيدون" عام 1981.