قداسة البطريرك مار آوا الثالث يستقبل وفداً من جمعيّة الشباب الآشوري في السويد وألمانيا والدنمارك      بيان المجمع المقدس العام لكنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية - المقرّ البطريركي، العطشانة، لبنان، 26 آذار 2025      غبطة البطريرك ساكو يُهنيء المسلمين بعيد الفطر المبارك      بالصور.. القداس الإلهي في كنيسة الصليب المقدس للأرمن الأرثوذكس في اربيل      غبطة البطريرك يونان يقوم بزيارة تفقّدية إلى كاتدرائية الطاهرة الكبرى في الموصل، العراق      البطريرك ساكو يترأس رتبة درب الصليب في كاتدرائية ام الاحزان      الاتحاد الآشوري لكرة القدم يُهدي تيشيرت لاعبيه لقناة عشتار الفضائية      قداسة البطريرك مار آوا الثالث يترأس الاحتفال بالقدّاس الالهي في كنيسة مار كيوركيس الشهيد، بيروت - لبنان      السيد نيجيرفان برزاني يبعث برسالة شكر إلى الكاردينال ساكو      غبطة البطريرك يونان يترأّس رتبة جنّاز ودفن المثلَّث الرحمات المطران مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس الأساقفة السابق لأبرشية بغداد، برطلّة - سهل نينوى، العراق      الكاردينال بارولين: البابا لم يتوقف يومًا عن إدارة الكنيسة حتى في أصعب أيام مرضه      وزارة الزراعة باقليم كوردستان: مخاطر تواجه محصول القمح في أربيل ودهوك      العراق يحدد أربع فئات من السوريين يُسمح لهم بدخول البلاد بعد إجراء التدقيق الأمني      تجمّع مليوني في إسطنبول دعماً لإمام أوغلو      وثيقة سرية.. البنتاجون يعيد توجيه أولوياته لردع أي "هجوم صيني محتمل" على تايوان      دراسة علمية: الصدمات النفسية والتوتر تركا بصمة جينية على اللاجئين السوريين      ريال مدريد يهزم ليغانيس ويشدد الخناق على برشلونة       تقرير لمجلة "تايم" يكشف.. الطعام أفضل دواء على الإطلاق      إيران تهدد: سنضرب "دييغو غارسيا" إذا تعرضنا لهجوم أميركي      أميركا تحث مواطنيها على مغادرة سوريا فوراً
| مشاهدات : 430 | مشاركات: 0 | 2025-03-27 12:57:43 |

ألمرأة الصالحة نصيبٌ صالحٌ ورجلُها شخصٌ مغبوطٌ

لويس اقليمس

 

 

 

خلال تصفحي أحد أسفار الحكمة (سفر يشوع بن سيراخ) من الكتاب المقدس في العهد القديم، تسمّرتُ امام آياته الكثيرات وهي تتحدث بمجملها عن فضائل وخصال يتمناها كلُّ إنسان سويّ، له ولأحبائه من أهل بيته ولمحيطه، بل وللعالم بأسره. فالسفر المذكور كلُّه حِكَمٌ وعبر ودروس، بل خيرُ مفتاح للحياة الفاضلة حيث إن الكاتب الملهم يعدُّ أنّ "كلَّ حكمة منبعهُا الرب الخالق الكبير في عظمته وأنّ المتَّقين للرب لا يعصون اقوالَه والمحبين له يحفظون طرقَه". ويبدو أنّ الكاتب الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد كان ذا ثقافة عالية وخبرة حياتية ومجتمعية ودينية يهودية وضليعًا في شؤون الأسرة والمجتمع، لذا لم يدعْ فرصةً أو مجالاً في الحياة لم يتطرّق إليه في تقديمه وعرضه ونصحه. فقد تحدث في كلّ شيء وأي شيء، في مخافة الله  وعبادته، في الصبر على الشدائد وطول الأناة، في الحِلم والغضب، في التمييز بين الصديق الصادق والكاذب، في الواجبات والموجبات بين المرأة والرجل وبين الاباء وأبنائهم، في الثقة بالله وقدرته اللامتناهية، في الكرامة والهوان، في الفطنة والرزانة، في السعادة والتعاسة،  في التواضع والكبرياء وغيرها كثيرٌ. لكنها جميعًا تنشدُ التمتع الصحيح بالحياة عندما لا تخرجُ عن مخافة الله التي يعدّها ينبوعَ حكمة، وبعكسها يوجّه سهامَه ضدّ المرأة الشريرة والرجل غير الصالح. أمّا ما يذكرُه عن إيجابيات المرأة متقية الرب وبالتحديد عن الزوجة الصالحة والرجل الصالح فيقتضي وقفةً طويلة لأنّ فيه الكثير من العبر لكون وجود مثل هذه المرأة يمنح بركة وسعادة تغمر بها الزوج والبيت والمجتمع. ومن أجمل قوله: "رَجُلُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ مَغْبُوطٌ، وَعَدَدُ أَيَّامِهِ مُضَاعَفٌ. الْمَرْأَةُ الْفَاضِلَةُ تَسُرُّ رَجُلَهَا، وَتَجْعَلُهُ يَقْضِي سِنِيهِ بِالسَّلاَمِ. الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ نَصِيبٌ صَالِحٌ، تُمْنَحُ حظًّا لِمَنْ يَتَّقِي الرَّبّ، فَيَكُونُ قَلْبُهُ جَذِلًا، وَوَجْهُهُ بَهِجًا كُلَّ حِينٍ، غَنِيًّا كَانَ أَمْ فَقِيرًا." (26: 1-4).

في الأسطر اللاحقة وددتُ ربّما، نقلَ صورةٍ مغايرة للمرأة الصالحة كما يشهدُها مجتمعُنا العراقي الغارق في متاهات الترف غير المشروع والخروج عن المألوف لفئاتٍ من العنصر النسائي، أمّهاتٍ وأرامل، عازباتٍ وزوجاتٍ، متحرّرات وليبراليات، مطلّقات ومنفصلاتٍ حسب تصنيفات المجتمع، وكما تنقلُها لنا البيوتات العراقية وتُضفي عليها المناسبات والمؤتمرات واللقاءات بحسب النوايا والأغراض والأهداف التي تختلف بالتأكيد من رؤية لأخرى ومن فكرٍ لآخر. قد يكون هذا أو ذاك مقبولاً أو مدانًا لدى بعضٍ، تاركًا الحكم للّبيب والعاقل كي يفهم من الإشارة.

 

خروجٌ عن المألوف

في عصرنا الحاضر، كثرت الاحتفالات التي تكرّمُ المرأة، وأنا شخصيًا، من الذين يقدّرونها ويكنّون لها كلّ الاحترام والتبجيل. فهي الأمّ، والأخت، والزوجة، والبنت، والجدّة، والحفيدة، والمعلّمة، والعالمة، والعاملة، والموظفة وغيرها. بل هي أساس بناء المجتمعات السويّة عندما تجيدُ تدبير منزلها وصيانة أصول العمل والجيرة والأسرة والعائلة والعشيرة والمجتمع. إلاّ أنّ الكثير من هذه المناسبات، وآخرها عيد المرأة وعيد الأمّ اللذين احتفلت بهما معظم دول العالم، قد فقدت طعمَها ومذاقَها والهدف من إرسائها وإجازتها بسبب تسخير الكثير منها لأغراض الدعاية الفارغة والتمظهر الزائف والتملّق والحذلقة في أحيانٍ كثيرة. ولكنّي أقرُّ شاهدًا على بقائها علامةً مجتمعية صحّية وبارزة لإبداء الاحترام والتقدير لدور كلّ امرأة متفانية من أجل شريك حياتها وأطفالها ومحيطها، وكذا للتذكير بكلّ زوجة صالحة لا تحيدُ عمّا كفلته قوانين السماء في إجادة التشارك في حسن أداء المجتمع وإسباغ البهجة وأدوات السلام وشارات الوئام في الوسط الذي تعيشُ فيه. ولكن بالمقابل، ليس خفيًا أيضًا خروج بعضهنّ عن جادة هذه الأهداف والسيماء التي تتحلّى بها المجتمعات السويّة والمتزنة في عراقتها وأصالتها والتزامها الدينيّ والأخلاقي المتوازن وليس في التديّن الزائف الذي يرفع قيمة الإنسان عبر أدوات مظهرية خدّاعة لا تخلو من التزلّف والنفاق والكذب والضحك على البسطاء والسذّج من الشعب الذين رجعوا للعيش بعقلية القرون الوسطى وما قبلها بأفكار لا تليق بمجتمعات العصر، وذلك بتحريضٍ وتشجيعٍ ممّن نصبوا أنفسَهم علماء دين  و"حاكمين باسم الله" من دون إبراز وكالةٍ رسمية منه تعالى. وما أكثر أمثال هؤلاء البسطاء في مجتمعاتنا الشرقية في هذه الأيام الغبراء بسبب سطوة أصحاب الفكر الديني والمذهبي والطائفي منذ غزو العراق في 2003، وسقوطه ضحية شكل هذه السلطة الغاشمة الجاثمة على صدورهم المتراخية. ولعلَّ من سوءِ ما انتشر في مجتمعنا العراقي مؤخرًا في ضوء صولات وجولات الفساد التي قادها ابطالٌ يسوسون البلد من ساسة وإدارات ورجالات أعمال ومتنفذين على حساب الشعب الغافل الراضخ لتوصيات أصحاب النصح الديني والمذهبي خاصة، بروز تداعيات ناشزة في أسلوب التباهي والتفاخر بما آلَت إليه أحوالُ بعضهنّ من ترفٍ طائلٍ وتزايد حسابات وتملّك عقارات ووسائل نقل باهضة الأثمان لم يكن يقوى على توفيرها سادةُ القوم الأصلاء والشرفاء إلاّ بعرق جبينهم وجهادهم عبر إجادة إدارة الأعمال والمشاريع الصحيحة التي تكفل لهم مدخولاتٍ معقولة ومشروعة تليق بأعمالهم.

 

عيد أمّ مبارك لكلّ امرأة وأمٍّ صالحة

إنّ ما يمكن ملاحظتُه في مجتمعنا هذه الأيام كما يُنشر على حسابات شخصية أو قنوات عامة وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، هو أساسُ ما يزيدُنا حيرةً واستغرابًا وتعجبًا. والأغرب من هذا وذاك، أنّ بعضًا من هؤلاء النساء ( سمّهم ما شئتَ: بلوغرات، فاشنستات، استعراضيات، حالمات، نصّابات، مدّعيات أو ما تراه مناسبًا غيره) في مثل هذه المناسبات التكريمية أو المقابلات الفضائية يتباهين بكلّ كيانهنّ عبر زينتهنّ الفاضحة وتبرّجهنّ الخارج عن المألوف في أحيانٍ كثيرة لتصل ببعضٍ منهنّ للتفاخر بما يسعين لبلوغه من شأنٍ دنيويّ (سياسيّ أو ماديّ أو وجاهيّ وما إلى غير هذا وذاك) حتى التبارز بما يلقينَ ويحظينَ من هدايا غريبة وتكريماتٍ خارجة عن الذوق السليم والمألوف ومن عطايا باذخة لا تحلمُ بها المرأة الطبيعية لا في حياتها المهنية ولا المنزلية ولا العلمية، شئنَ ذلك أم أبين. وكلّ هذا بداعي الادّعاء باقتنائه بعرق الجبين، فيما أعمار بعضهنّ لا تتجاوز سنّ الشباب اليافع المفروض في بحثه عن لقمة عيشٍ صالحة وشريفة طالما اتصفت به أجيالُ ما قبل التغيير الدرامي الذي غيّرَ أخلاقَ البشرَ والحجر.

هذه حالُنا منذ السقوط المقيت واحتلال البلد من غازٍ غاشم وتسليمه لقمةً سائغةً بأيادي غير نظيفة لا تعرفُ للوطن قيمة ولا تحسبُ للشعب احترامًا ولا تجيدُ من أبجديات رعاية العلم والعلماء أسسَها ولا أدوات إصلاح المجتمع وإدارة الثروات ولا صيانة حرمة العائلة بما يليقُ بكرامة المرأة التي هي أساسُ نجاح كلّ المجتمعات. والسبب في هذا كلّه وليس بعضه، الإتيان بطبقة سياسية فاشلة لا يهمها سوى مصالحها الشخصية والمذهبية والطائفية والفئوية الضيقة عبر قوانين غير منصفة، بل منتقصة من حقوق المرأة وكرامتها وحريتها في اختيار ما تراه مناسبًا لها من دون الحيد عن الطريق القويم في الدور الذي رسمته لها السماء وخالقها. ولعلَّ هذا ما ساعدَ أيضًا وبشكلٍ كبير في زعزعة أسس العائلة العراقية وتشتّت اهتماماتها ومن ثمَّ زيادة أشكال العنف تجاه "القوارير" بتعدّد الأسباب والحالات. وهي ربّما ذات الأسباب التي أسهمت في توجّه أشباه الرجال والساسة والإدارات ومَن نصّبَ نفسَه وكيلاً باسم الله الخالق لاستغلال أنوثتها لإشباع الغرائز، ما شكّلَ علامةً بارزة في خراب أسر وتشتيت عائلات وتهديم مجتمعات وتمرّد "إناث" بمحتوى هابط شاعَ في أوساط المجتمع، ما استدعى تدخلاً أمنيًا وقضائيًا في بعضه مشبوه التطبيق والتقييم والتقويم. فمن أغرب ما يسمعُه الإنسان المتابع أو المشاهد أو المتلقي لبعضٍ من غرائب "الحدوتات" بصدد أشكال وأساليب هذا التمرّد والمستوى المتدنّي في المجتمع، تبجّح بعضٍ منهنّ على الملأ بتوقّع تلقي هدايا بمناسبات شخصية سنوية في أعياد الميلاد التي ربّما قد تتكرّر عند بعضهنّ في أيامٍ عديدة من التقويم السنوي الواحد، أملاً باستقبال مثل هذه العطايا التي يمنحُها ابطالُها المتبرّعون والمعطاؤون في أجواءٍ من العبثية والبهرجة و"الصداقة" المصرّح  بها علنًا أو بالتعبير عن شكل الارتباط الغريب القائم بين هذه الأطراف وأبطالها. ومن الواضح أنّ شكل وقيمة هذه العطايا والهدايا السخية بلا حدود، لا تأتي من جيوبهم ومن كدّ تعبهم الشخصيّ والمهنيّ بل من أصولٍ غير شريفة معفّرة بالمال الفاسد الذي مصدرُه ثروات الأوطان والشعوب. فيما الملايين من أبناء هذه الأخيرة ترزح تحت وطأة الفقر المدقع والفاقة والحاجة التي تصل لحدّ اضطرار أهالي الأطفال لاستغلال فلذات أكبادهم لتشغيلهم وإلقائهم في الشوارع والساحات والمؤسسات والأسواق للمساعدة في كسب شيءٍ من المال يعينُهم في تدبير شؤونهم المادية الصعبة عبر افتراش الشارع أو الهرولة وراء السيارات الفارهة والعربات الاعتيادية طمعًا بورقة نقدية مهما كانت قيمتُها، لكنّها في نظر الأهل تعني شيئًا يقيهم جور الزمن وبرد الشتاء وسخونة الصيف. إنه العراق العظيم!

عيد أمّ مبارك لكلّ أمرأةٍ صالحة وأمٍّ متفانية تستحق التبجيل والاحترام عندما تجيد استخدام دورها الأنثوي والمنزلي والمهنيّ بما يرضي خالقها وزوجها وبيتها وأهلَها وعشيرتها ومجتمعها ووطنها على السواء. وشتان ما بين المرأة الصالحة المتعفّفة ونقيضتها الصائعة المتزلفة! وللتذكير فقط، فالعفّة ليست بالملبس والحشمة المخارجية وزينة الحجاب فحسب، بل بالكلمة الطيبة وصون اللسان وطيبة القلب وحنان الصدر ورجاحة العقل واجتناب ما يخدّشُ الحياء وفي العمل الصالح وأشكال الطاعة وحسن أداء الواجب في أيٍّ زمان ومكان.

 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4953 ثانية