عشتار تيفي كوم - بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الخميس ٢٧ آذار ٢٠٢٥، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، رتبة جنّاز ودفن المثلَّث الرحمات المطران مار أثناسيوس متّي متّوكة رئيس الأساقفة السابق لأبرشية بغداد للسريان الكاثوليك، وذلك في كنيسة مار كوركيس، برطلّة - سهل نينوى، العراق.
شارك في الرتبة أصحاب السيادة المطارنة ممثّلين آباء السينودس السرياني المقدس، وهم: مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها ومستشار الأبرشية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، والآباء الخوارنة والكهنة من أبرشية الموصل وتوابعها، وعدد من الآباء الخوارنة من الكهنة من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ممثّلين أصحاب النيافة المطارنة الذين يشاركون في اجتماعات سينودس كنيستهم السنوي في لبنان، وعدد من الرهبان والراهبات من مختلف الرهبانيات، وخدم الرتبة شمامسة كنيسة مار كوركيس.
كما حضر الرتبة المسؤولون المدنيون والعسكريون في المنطقة، وجموع غفيرة جداً من المؤمنين ضاقت بهم الكنيسة وساحاتها، وفي مقدّمتهم شقيقة المثلَّث الرحمات وعائلتها، وعائلات أشقّائه، والأهل والأقرباء والأنسباء وعموم أهالي بلدة برطلّة، والذين حضروا خصّيصاً للمشاركة في هذه المناسبة الأليمة.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى غبطة أبينا البطريرك موعظة تأبينية بليغة، بعنوان: "كلمتك سراجٌ لخطاي ونورٌ لسبيلي"، تحدّث فيها عن سيرة حياة المثلَّث الرحمات الذي اتّخذ هذه الآية "شعاراً له، ونحن نجتمع اليوم لوداعه الأخير، بالأسى، ولكن أيضاً بصلاة الرجاء، وقد حمل هذا الشعار معه منذ رسامته أسقفاً في الثامن من كانون الأول عام 1979، وظلّ أميناً له زهاء خمسٍ وأربعين سنةً وثلاثة أشهر ونيّف. إنّ عذوبة كلمة الله لا تعني مجرَّد لذَّة فكرية، إنّما هي عذوبة خبرة وتمتُّع بالنور الحقيقي. فالله أرسل كلمته الإلهي نوراً يشرق على العالم المظلم، ويدخل قلب المؤمن وينير أعماقه كاشفاً له عن عالم الروح، لينعم المؤمن بخبرة برّ الله الساكن في نور لا يُدنى منه. الإيمان هو السراج، وكلمة الله المتجِّسد، يسوع، هو النور الحقيقي... الذي يتجلّى من خلال كلمة الله المكتوبة في المتاب المقدس... وهو الزيت الذي يملأ السراج".
ونوّه غبطته بعيش المثلَّث الرحمات طوال حياته "بهذه الروح المسيحية الكنسية العامرة بهدي نور الإيمان"، متوقّفاً عند مراحل حياته المختلفة، من ولادته وطفولته في مسقط رأسه بلدة برطلّة بسهل نينوى في العراق، وانتقاله إلى دير مار بهنام حيث درس وتمرّس في الحياة الروحية، ثمّ إلى إكليريكية مار أفرام ومار مبارك في القدس، فإلى دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة بلبنان، حيث تابع دراساته الفلسفية والكهنوتية، وسيامته شمّاساً إنجيلياً، ثمّ كاهناً في 17 تشرين الأول 1954 بوضع يد المثلَّث الرحمات البطريرك الكردينال مار اغناطيوس جبرائيل الأول تبوني، مسهباً في الحديث عن خدمته الكهنوتية، بدءاً بمعاونته لرئيس دير مار بهنام، ثمّ انتقاله للتدريس واستلام مهمّة مدير الإكليريكية الصغرى في دير الشرفة، فإلى أبرشية الموصل حيث خدم كسكرتير للمثلَّث الرحمات المطران مار قورلّس عمانوئيل بنّي، ثمّ انتقاله إلى بغداد ليكون سكرتيراً للمثلَّث الرحمات المطران مار أثناسيوس يوحنّا باكوس، وخدمته كأمين للسرّ وأمين للصندوق في المطرانية، وككاهن رعية في الأبرشية، وأهمّ أعماله حيت برزت فيه "أجمل الفضائل، كالتقوى والنبل الأخلاقي وروح الصلاة، والتفاني في العطاء، والتواضع على رفعة، والفرح الداخلي، والكلمة اللطيفة، ودماثة الأخلاق، وطيب المعشر".
ولفت غبطته إلى ميّزات خدمة المطران متّي متّوكة كأسقف، بدءاً بانتخابه مطراناً معاوناً للمطران باكوس بالتماس شخصي من المطران باكوس نفسه لآباء السينودس بسبب تقدُّمه في السنّ، فتمتّ سيامته الأسقفية في 8 كانون الأول عام 1979 بوضع يد المثلَّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس أنطون الثاني حايك، ثمّ مدبّراً بطريركياً لأبرشية بغداد، فرئيس أساقفة لها في 12 آب 1984، حيث أدّى خدمته في رعاية الأبرشية "على مثال المعلّم الإلهي يسوع المسيح، راعياً صالحاً في أحلك الظروف التي عاشتها الأبرشية، من حرب وهدم وقتل وتهجير واحتلالات، وظلّ صامداً مع الآباء الكهنة والشعب المؤمن، فلم يهرب عندما كانت الذئاب تُقبِل، ولم يدع الخراف يوماً فريسةً لها، لأنّه راعٍ صالح ومدبّر حكيم وأب محبّ وأسقف غيور، وذلك طيلة سنوات أسقفيته على الأبرشية، من سنة 1984 إلى سنة 2010، كانت زاخرة بالعطاء، وسلّم الأمانة بمحبّة إلى خلفه صاحب السيادة أخينا المطران مار أفرام يوسف عبّا الذي يتابع المسيرة في الرعاية الصالحة لهذه الأبرشية المحبوبة".
وتوقّف غبطته عند أبرز إنجازات المثلَّث الرحمات خلال رعايته لأبرشية بغداد، روحياً ورسولياً ورعوياً مع الكهنة والعلمانيين، وكذلك عمرانياً حيث بنى "داراً جديدة للمطرانية وفّر فيها كلّ الشروط الحديثة للسكن والإدارة والاستقبال"، و"داراً جديدة ملاصقة لكنيسة مار بهنام لسكن كهنة الرعية، وعمارة كبيرة في عقد النصارى على أنقاض المطرانية القديمة"، ورمّم "كنيسة مريم العذراء في المنطقة نفسها في الوسط التجاري القديم"، وأشاد "بناءً قرب كنيسة مار بهنام يتضمّن قاعة فسيحة للمؤتمرات والمحاضرات، يعلوها طابقان يشتملان على عشرين غرفة للتعليم المسيحي والنشاطات الرسولية"، ومسكونياً حيث "تعاون المثلَّث الرحمات مع أصحاب السيادة المطارنة رؤساء الأبرشيات البغدادية ومؤمنيها في الشهادة للإنجيل وتعزيز الإيمان المسيحي. وعزّز علاقات الصداقة والأخوّة مع المرجعيّات الإسلامية السنّية والشيعية في بغداد العزيزة ومنطقتها، فاحترمهم جميعاً وأحبّهم ومدّ إليهم يد التعاون، وسهر معهم على بناء مجتمع وطني واحد يتأمّن فيه خير الجميع وخير كلّ إنسان".
وأشار غبطته إلى النكبة الكبرى بمذبحة كاتدرائية سيّدة النجاة التي حلّت بأبرشية بغداد في السنة الأخيرة من رعاية المثلَّث الرحمات لها، "والتي أدّت إلى استشهاد الكاهنين الشابّين ثائر عبدال ووسيم القسّ بطرس مع 46 من المؤمنين خلال القداس الإلهي ليلة عيد جميع القديسين في 31 تشرين الأول عام 2010، وكان لهذه المجزرة الرهيبة وقعاً قوياً في نفسه وفي نفوس كلّ أبناء الكنيسة في كلّ مكان، ونحن الآن، مع سيادة راعي الأبرشية مار أفرام يوسف عبّا، بصدد متابعة ملفّ دعوى تطويب هؤلاء الشهداء الأبرار لدى مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان، على رجاء إعلان تطويبهم ورفعهم على المذابح قريباً بإذن الله".
وتطرّق غبطته إلى المرحلة الأخيرة من حياة المثلَّث الرحمات "لـمّا قدّم استقالته من إدارة الأبرشية إثر بلوغه السنّ القانونية، عاش المثلَّث الرحمات فترة من الزمن مع أهل بيته في برطلّة العزيزة. ثمّ، بدعوةٍ منّا، عاش معنا في مقرّ كرسينا البطريركي في بيروت، لينتقل بعدها إلى دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة. وفي السنوات الأخيرة أمضى فترة الشيخوخة في دار المسيح الملك لراهبات الصليب في برمّانا – لبنان، برعاية مباشرة منّا ومن سيادة أخينا المطران يوسف عبّا، حتّى اليوم الأخير من حياته"، لافتاً إلى أنّ "المطران مار أثناسيوس متّي متّوكة كان مثالاً في التواضع والطيبة والصلاة والإلتزام بالواجبات الروحية الجمهورية. فأحببناه كلّنا مع المطارنة والكهنة والرهبان والراهبات والإكليريكيين في الكرسي البطريركي وجميع الموظَّفين. وها هم جميعاً يحزنون معنا لفقده، وقد شاركونا الصلاة لراحة نفسه يوم الثلاثاء الماضي مع عيد بشارة أمّنا مريم العذراء، في كنيسة مار اغناطيوس في مقرّ كرسينا البطريركي في بيروت".
وأكّد غبطته على أنّه "بغياب هذاالحبر الجليل، تخسر كنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية أحد أعمدتها الراسخة، لا بل عميد أحبارها، الذي اتّصف بالحكمة والفطنة، ونخسر نحن شخصياً كبطريرك أخاً عزيزاً وصديقاً صدوقاً وسنداً قوياً في خدمة الكنيسة. وكان قد اتّصل بنا للمرّة الأخيرة ليلة عيد مار يوسف ليقدِّم تهنئته لنا، كعادته في كلّ المناسبات"، مقدّماً التعازي القلبية إلى "إخوتنا أصحاب السيادة الأحبار الأجلاء المطارنة آباء السينودس المقدّس لكنيستنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، ولا سيّما لأخينا مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، ولأبرشيته، كهنةً ومؤمنين، ولأخينا مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ولسلفه في رعاية الأبرشية أخينا مار يوحنّا بطرس موشي، وللأبرشية، كهنةً ومؤمنين، ولأخينا مار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، ولأخينا مار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي. ونعزّي بشكل خاص بلدة برطلّة الحبيبة، وشقيقة المثلَّث الرحمات وعائلتها، وعائلات أشقّائه المرحومين، وعموم آل متّوكة والأهل والأقارب والأنسباء في الوطن وبلاد الانتشار".
وختم غبطته موعظته التأبينية ضارعاً إلى الرب يسوع كي يرحم المثلَّث الرحمات ويمتِّعه "بميراث الملكوت السماوي مع الرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء، ويعوّض على الكنيسة برعاة صالحين بحسب قلبه القدوس. وليكن ذكره مؤبَّداً"(تجدون النص الكامل لموعظة غبطته التأبينية هذه في خبر آخر خاصّ على صفحة الأخبار هذه).
وألقى سيادة المطران مار أفرام يوسف عبّا كلمة شكر في مستهلّها"غبطةَ أبينا البطريرك الذي قَدِمَ من لبنان وتحمَّل أتعاب عناء السفر. لقد كان قبل أسبوع منشغلاً جداً، رغم مشاريعه الكثيرة وأعماله ومسؤولياته، في إتمام المعاملات الرسمية كي يلبّي رغبة أهل المثلَّث الرحمات بنقل جثمانه إلى بلدته برطلّة بين أهله. كان من المفروض أن يكون في مطرانية بغداد، إذ أنّه خدم بغداد، وضحّى بحياته في بغداد، وكان الحقّ أن يكون مقرّه الأخير عندنا، لكن لبّى غبطة أبينا البطريرك نداء أهله، فشكراً سيدنا على محبّتكم الكبيرة لأهل الفقيد ولأهل برطلّة الكرام الأعزّاء".
وشدّد سيادته على أنّ ما قاله غبطته "بحقّ المثلَّث الرحمات في كلمتكم الأبوية التأبينية منذ قليل لا يُنسى أبداً، إنّها كلمات ذهبية تُسجَّل للتاريخ في سجلّ كنيستنا السريانية، وتبقى راسخة ومحفورة في قلوبنا. يستحقّ سيدنا متّي، وكلّ ما قاله غبطته بحذافيره صحيح، لأنّ سيدنا متّي كان هو أيضاً أميناً ومخلصاً للكرسي البطريركي، وكان معكم خصّيصاً، يا صاحب الغبطة، أميناً وثابتاً في كلامه وأفعاله، ومشجِّعاً لكم في كلّ أعمالكم ومشاريعكم".
وقدّم سيادته النعازي باسم الخورانة والكهنة والمؤمنين في أبرشية بغداد إلى غبطته، وإلى أصحاب السيادة آباء السينودس، وأهل وأصدقاء ومحبّي المثلَّث الرحمات، وأهل برطلّة، مشيراً إلى أنّ "رحيله عنّا ترك فراغاً كبيراً، وخلَّف حزناً عميقاً ألمّ قلوبنا جميعاً، ولو أنّه كان متقاعداً، لكنّه كان مرجعاً لنا في اتّخاذ المشورة وتنفيذ توجيهاته الحكيمة في كافّة أمور الأبرشية وكيفية إدارتها ومسيرتها، وذلك أثناء تواجُدِنا في بيروت وزياراتنا المتكرِّرة له بصحبة غبطة أبينا البطريرك في مقرّ إقامته بدير راهبات الصليب. عاش المثلَّث الرحمات إحدى وسبعين سنةً، كاهناً ومطراناً، وخلال خدمته راعياً لأبرشية بغداد، عمل بجدّ على تنظيم الرعايا، وتنشيط العمل الرسولي، والعناية بالكهنة، وتنظيم حياتهم المعيشية، وعملهم الرسولي. كان الصوت الصارخ بوجه الظلم والعمل الإجرامي، ودعا دول العالم والمنظَّمات والهيئات الدولية والجهات الرسمية في بغداد، مطالباً بحقوق أبنائه الشهداء للكشف عن هويّات الإرهابين لتقديمهم إلى العدالة، كي ينالوا جزاءهم العادل".
وختم سيادته كلمته مشيراً إلى أنّه "بعد أن رعى المثلَّث الرحمات أبرشية بغداد بحكمة ومحبّة وروح أبوية، قدّم استقالته، وقضى سنواته الأخيرة بالصلاة من أجل أبرشيته بغداد التي أحبَّها وخدمها بالتفاني، وبادَلَتْهُ المحبّة. نَم قرير العين، أبانا الكبير، ستبقى كبيراً في عيوننا وحاضراً في قلوبنا، وسيبقى ذكرك مؤبَّداً في قلوب أبناء أبرشيتك بغداد الذين أحببتهم وأحبّوك" (تجدون النص الكامل لكلمة سيادته هذه في خبر آخر خاصّ على صفحة الأخبار هذه).
كما ألقى السيّد موفَّق متّوكة كلمة باسم عائلة المثلَّث الرحمات، قدّم خلالها الشكر البنوي لغبطة أبينا البطريرك على تجشُّمه عناء السفر من لبنان لترؤُّس هذه الرتبة، وعلى محبّته الكبيرة وعنايته الأبوية بالمطران متّي، شاكراً أيضاً أصحاب السيادة، وكهنة الدائرة البطريركية، وكاهن رعية برطلّة، وجميع الكهنة والشمامسة والحضور، سائلاً إيّاهم أن يصلّوا من أجل راحة نفس المطران متّي متّوكة.
ثمّ وجّه سيادة المطران مار بنديكتوس يونان حنّو كلمة شكر "للآب السماوي على كلّ نعمه وإحساناته علينا، ونشكر غبطة أبينا البطريرك على قدومه وترؤُّسه هذه الصلاة بيننا أيضاً، وأحبّ أن أشكر شعب برطلّة، ما قمتم به البارحة وهذا الاستقبال المهيب الذي كان يليق فعلاً بالمثلَّث الرحمات، والذي ما هو إلا تعبير عن مدى محبّتكم وإيمانكم واحترامكم للكنيسة وللسلطة الكنيسة، وهو أيضاً تعبير عن محبّتكم لأرضكم وكنيستكم. لذا أحب أن أشكركم باسمي وباسم الإكليروس يا شعب برطلّة الأبيّ، شعبنا وعائلاتنا وإخوتنا، على هذا الموقف خلال هذا الأسبوع من الاستعدادات ومن التحضيرات الهامّة جداً، إذ كنتم تعملون كخليّة النحل كي تستقبلوا المثلَّث الرحمات وتودِّعوه في لحظاته الأخيرة، وتجعلوه يبقى في برطلّة إلى منتهى الدهر. وهذا دلالة على مدى محبّة وأصالة شعبنا في برطلّة. هنئياً لنا بهكذا شعب قوي وغيور وصامد، وفي الوقت عينه شعب غيور على كنيسته. اليوم نشكر المثلَّث الرحمات الذي ترك هذه البصمة الجميلة في وسط هذا الشعب وفي وسط مدينته، هذا يعلّمنا الكثير من الرسائل، أن نكون نحن أيضاً أوفياء لشعبنا ومحبّين لمدينتنا وكنيستنا. إنَّ انتقاله ليس بخسارة، فجسده سيبقى موجوداً في هذه الكنيسة، وروحه في السماء تحمينا وتصلّي من أجلنا".
وختم سيادته كلمته بالقول: "مهما بقيت أشكركم يا شعبنا في برطلّة، فالكلمات قليلة جداً، فعلاً ما قمتم به خلال هذه الأيّام يرفع الرأس. فليحفظكم الرب وليحمِكم وليوفِّقكم ويبارككم جميعاً ويبارك عائلاتكم، لتبقوا بهذه الهمّة وهذه الغيرة وهذه الأصالة، بالإرتباط بكنيستنا وأرضنا وتراثنا. رحمه الله، وسنتابع المسيرة بالهمّة ذاتها وبالنشاط وبالوحدة، ونلتمس بركة غبطة أبينا البطريرك، ونطلب صلاة وشفاعة المثلَّث الرحمات".
وخلال الرتبة، تُلِيَت الصلوات والترانيم والقراءات بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، بلحن أليم ومؤثّر. ثمّ، ووسط الترانيم السريانية الشجيّة، حمل الأساقفة والكهنة والشمامسة جثمان المثلَّث الرحمات وطافوا به في زيّاح مهيب حول المذبح الرئيسي، ثمّ داخل الكنيسة، مودِّعاً المذبح والكنيسة بجهاتها الأربع، وإكليروسها ومؤمنيها، وسط جوٍّ من الرهبة والخشوع والحزن.
وفي نهاية الرتبة، نُقِلَ الجثمان ليوارى في مثواه الأخير في مدفن الأحبار والكهنة الراقدين تحت الكنيسة.
رحم الله المثلَّث الرحمات المطران متّي متّوكة، ومتّعه بالسعادة الأبدية مع الرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء.