عشتارتيفي كوم- بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 16 آذار 2025، وهو الأحد الثالث من زمن الصوم، وفيه تذكار أعجوبة شفاء المخلَّع في كفرناحوم، وبمناسبة عيد القديس مار يوسف البارّ، والذي يقع في التاسع عشر من شهر آذار، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الحبري بمناسبة عيد مار يوسف، وذلك على مذبح كنيسة مار يوسف في الزاهرية – طرابلس، شمال لبنان.
عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب منتصر حدّاد النائب العام لأبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن رعية مار يوسف في طرابلس وإرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين والسوريين في لبنان، ومساعده في رعية مار يوسف وإرسالية العائلة المقدسة الأب طارق خيّاط. وحضر القداس الخوراسقف سمير حجّار كاهن رعية مار أفرام للسريان الأرثوذكس في طرابلس.
خدم القداس الشمامسة الإكليريكيون طلاب إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة، وجوقة إرسالية العائلة المقدسة، بحضور ومشاركة حشود غفيرة من المؤمنين من رعية مار يوسف في طرابلس ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين والسوريين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن فرحه بهذا العيد المبارك: "إنَّه ليومٌ ملؤه الفرح أن نكون معاً في هذه الكنيسة المسمَّاة على اسم القديس يوسف، لنحتفل بعيد القديس يوسف، كما سمعنا من الإنجيل المقدس. هذا الرجل البارّ الذي يذكره الإنجيل، والذي رافق العذراء مريم، ورافق وشهد ولادة الرب يسوع في بيت لحم، وتحمَّل كلّ العناء ومشقَّات النفي حتّى يحفظ يسوع ومريم، ونال هذه المكافأة الأروع التي ينالها المؤمن، أن يكون بين يسوع ومريم، وينتقل إلى السماء وهو محاط بيسوع ومريم، لذلك تسمّيه الكنيسة شفيع الميتة الصالحة. فليس أفضل وأجمل وأروع من أن نغادر هذه الحياة ونحن بين أيدي يسوع ومريم! إنَّها نعمة كبيرة نالها هذا القديس الذي يذكره الإنجيل بأنَّه كان رجلاً بارّاً".
ولفت غبطته إلى أنَّه "في رسالته إلى أهل أفسس، يتكلَّم مار بولس عن نفسه وعن المؤمنين، وأفسس مدينة تقع في تركيا اليوم، ويسمّي بولسُ اللهَ أباً تبنَّانا بابنه الحبيب يسوع. هذا الإيمان مهمّ جداً بالنسبة لنا، فنحن لسنا عبيداً خائفين أمام الله، بل نحن أبناء وبنات لله، هذه النعمة منحَنا إيَّاها الرب يسوع الإبن الوحيد المخلِّص. فمار يوسف، الرجل البارّ الذي ظلَّ صامتاً في أيّام حياة يسوع على الأرض، والذي اشتهر بتواضعه ووداعته، يقدِّم لنا المثال للأب المسيحي الذي يتفانى في خدمة عائلته، ويحبّ زوجته، الأمّ، ويحبّ الأولاد، ليس فقط بالكلام وبتدبير الخبز اليومي، لكنَّه يعطيهم هذا الرجاء أنَّهم يخصُّون الله، وأنَّهم أمانة وهبه الله إيَّاها بين يديه كي يحافظ عليها".
وأكّد غبطته على أنَّنا "ندرك الصعوبات والتحدِّيات التي تجابهها العائلة في أيَّامنا، ليس فقط في الغرب حيث نسمع عن المشاكل وبعض الانقسامات، للأسف، لكن أيضاً في شرقنا، فقد تعرَّضْنا لهذه الهجمة المادِّية التي أدخلت، باسم العلم والتقدُّم، العائلات بنوع من النفق المظلم. لذا نحتاج إلى نعمة إلهية كي نخرج منه ونقضي على هذا الظلام الموجود في حياتنا. فلنتمثَّل بمثال قديسين وقديسات على غرار يوسف ومريم اللذين يعطياننا مثالاً عن العائلة المقدسة".
ونوّه غبطته بالآباء الكهنة الذين "يشاركوننا في هذه الذبيحة الإلهية: المونسنيور حبيب مراد الذي تلى علينا الإنجيل المقدس، والأب منتصر الذي قَدِمَ إلينا من الولايات المتّحدة الأميركية وشارَكَنا في اليومين الأخيرين في اجتماع اللجنة المنظِّمة لإعداد ما نسمِّيه "المجمع البطريركي"، أي اجتماع عامّ لكنيستنا السريانية، وسنحاول أن نستفيد من هذا الإجتماع، فننظر إلى أمورنا الحياتية والصعوبات التي يمرّ بها زمننا المعاصر، أكان عندنا في الشرق، في العراق وسوريا ولبنان والأراضي المقدسة، وأكان في كنائس الإنتشار التي أصبحت المأوى والملجأ للكثيرين من أولادنا في الشرق".
وشدّد غبطته على أنّكم "أنتم، أيُّها الأحبَّاء الموجودون هنا في هذه الكنيسة، قد وضعتم رجاءكم بالرب وتنتظرون الخلاص، ونحن نسعى كلَّ جهدنا أن نرافقكم وننظر إلى أموركم الحياتية، فيما تتطلَّعون إلى البلاد التي ستستقبلكم وتؤمِّن لكم الحرّية المسيحية والكرامة الإنسانية، لأنَّ لبنان مهما كان البلد الجميل وبلد الملجأ والمأوى للمسيحيين، للأسف، لا يستطيع حقيقةً أن يعطينا الرجاء الذي ننتظره، بأن نعيش بكرامتنا وحرّيتنا على أرضه، بسبب الخضّات التي نُكِبَ بها في الأجيال السابقة وإلى اليوم".
وشكر غبطته "الشمامسة الإكليريكيين في إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة الذين أتوا وخدموا هذا القداس، والذين نضع أملنا ورجاءنا وثقتنا بدعوتهم، كي نستطيع أن نكمل الخدمة التي يحتاجها شعبنا أينما كان، أكان في الشرق أو في كنيسة الانتشار حيث البلاد الواسعة. ونشكر أيضاً جوقة الأناشيد في إرسالية العائلة المقدسة، وجميع الذين يقومون بتأمين الخدمة التي يحتاج إليها المؤمنون في هذا الوقت الحاضر، أكان الأب كريم كلش والأب طارق خيّاط، وهما يتفانيان في خدمتكم ويحبَّانكم، لأنَّكم تمثِّلون شعبنا السرياني الملتزم بإيمانه وأخلاقه المسيحية وهويته السريانية".
وأشار غبطته إلى أنّ "مار يوسف، كما نرى في الأيقونة فوق المذبح، يمسك بيد يسوع ويرافقه، وهو مثال لكم كي تعرفوا كآباء وأمّهات في العائلات، أن تضحّوا بكلِّ شيء من أجل دعوتكم التي دعاكم الرب إليها، وتكونوا الأزواج الصالحين والآباء والأمّهات المحبِّين، والذين يتفانون من أجل عائلاتهم رغم كلّ المصاعب. ونحن نفرح كثيراً أن يكون بينكم هذا العدد من الشبَّان والشابَّات والأولاد، فأنتم تحافظون على إيمانكم، وهذه المحافظة تدلُّ فعلاً على أنَّكم مسيحيون ملتزمون، ليس فقط بالكلام، فأينما ذهبنا في مختلف البلدان، في أوروبا والأميركتين وكندا وأستراليا، يعبِّر لنا الرعاة الكنسيون دائماً أنَّهم يفتخرون بأولادنا القادمين من الشرق، لا سيَّما بأولادنا القادمين من العراق، لأنَّهم يقدِّمون لهم المثال في التمسُّك بالإيمان رغم الصعوبات والتحدّيات".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع مخلّصنا، بشفاعة أمِّنا مريم العذراء ومار يوسف، مبتهلين إليه كي يحفظنا دوماً بالإيمان والرجاء والمحبَّة".
وقبل البركة الختامية، توجّه المونسنيور حبيب مراد بكلمة من القلب عبّر فيها عن "الفرحة الكبيرة أن نلتقي اليوم مثل كلّ سنة لنحتفل بعيد القديس مار يوسف البارّ. بهذه المناسبة المباركة، باسمكم جيمعاً، وباسم كلّ أبناء الكنيسة في كلِّ مكان، إكليروساً ومؤمنين، نقدِّم التهنئة البنوية إلى غبطة أبينا البطريرك بمناسبة عيد شفيعه القديس يوسف. بالحقيقة، إذا تأمَّلنا بسيرة مار يوسف، نرى أنَّها تنطبق على حياة غبطته، سألفتُ إلى نقطتين صغيرتين: كان مار يوسف يهتمّ بيسوع في حياته المادِّية وفي تربيته".
وذكَّر بأنّ "سيدنا البطريرك أيضاً يهتمّ بالكنيسة، منذ أن رُسِمَ كاهناً برعيته، وعندما أصبح أسقفاً بأبرشيته التي أسَّسها في الولايات المتَّحدة الأميركية وكندا، والآن بالكنيسة في كلِّ مكان، شرقاً وغرباً، بالرغم من كلِّ التحدِّيات. يهتمّ بها من الناحية المادِّية، ويسعى كلَّ جهده لمساعدة جميع أبناء الكنيسة، خاصَّةً من هم بأكثر حاجة، للعوز المادّي، أو لسبب التهجير والنزوح. كما أنّ غبطته يهتمّ بتربية أبناء الكنيسة، التربية أي التنشئة الروحية والرعوية والحياتية والتوجيه، أكان لإكليروس الكنيسة أو للمؤمنين. لذلك نصلّي من أجل غبطته، كي يكون الرب معيناً له في هذه المسؤولية الكبيرة التي أمَّنه ربنا عليها، وهذه الوزنة الكبيرة التي يتاجر بها، فيتابع متاجرته رغم كلِّ الصعوبات والتحدِّيات التي تواجه خدمته".
وقدّم الشكر "باسم غبطته، لحضوركم جميعاً: الأب الخوري سمير حجار على محبَّته وحضوره ومشاركته معنا، والأب منتصر حدّاد، الموجود للمشاركة في اللجنة المنظِّمة للمجمع البطريركي، نشكر حضوره ومشاركته في القداس. ونشكر أيضاً بشكل خاصّ جداً الأب كريم كلش والأب طارق خيَّاط، على خدمتهما وتعبهما وسهرهما في رعاية إرسالية العائلة المقدسة ورعية طرابلس، والشمامسة الطلاب الإكليريكيين، وجوقة الإرسالية، والمؤمنين، البقيَّة الباقية من رعية مار يوسف في طرابلس والموجودين معنا، وكذلك الغائبين الذين نتمنّى أن يكون حضورهم وتمسُّكهم بالكنيسة أكثر فأكثر، وكذلك إخوتنا في إرسالية العائلة المقدسة للمهاجرين العراقيين الذين يشاركون للسنة الثالثة على التوالي بهذه المناسبة. نسأل الرب أن يباركنا جميعاً، ونعايد كلَّ الذين يُسمُّون على اسم مار يوسف، ونتمنّى للجميع عيداً مباركاً".
وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية، تقبّل غبطته التهاني من الحضور جميعاً في جوّ من الفرح الروحي بهذا العيد المبارك.