المعهد الوطني لبحوث الزراعة والأغذية والبيئة (Inrae) في فرنسا يحدد 3 سيناريوهات للاستغناء عن المبيدات الكيميائية في الزراعة الأوروبية - inrae.fr
عشتارتيفي كوم- الشرق/
طور باحثون من معهد الوراثة التابع لأكاديمية العلوم الصينية، استراتيجية زراعية جديدة يُمكن أن تساهم في ابتكار محاصيل ذكية مناخياً؛ يمكنها تحقيق إنتاجية أعلى في الظروف العادية، فضلاً عن استعادة الإنتاجية المفقودة بسبب إجهاد الحرارة.
وبحسب الدراسة المنشورة في دورية "سيل" Cell، فإن هذه الاستراتيجية خطوة مهمة نحو تلبية احتياجات الأمن الغذائي العالمي، في ظل التحديات المناخية المتزايدة.
وتهدف الاستراتيجية إلى مواجهة الخسائر الناتجة عن الإجهاد الحراري الذي يهدد الإنتاج الزراعي في العديد من مناطق العالم.
وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة، مما يستدعي زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 60% لتلبية احتياجات الغذاء العالمية.
لكن الإنتاج الحالي للمحاصيل لا يكفي، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً، بسبب التغيرات المناخية التي تؤدي إلى زيادة الضغط الناتج عن الإجهاد البيئي؛ مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
ويشير الباحثون إلى أن زيادة درجة الحرارة بمقدار 2 درجة مئوية خلال موسم النمو، قد تؤدي إلى خسارة في المحاصيل تتراوح بين 3% إلى 13%.
لذلك تظهر الحاجة الملحة لتطوير محاصيل ذكية مناخياً يمكنها تحسين الإنتاجية تحت الظروف العادية، مع الحفاظ على استقرار الإنتاج تحت ضغط الحرارة.
التحكم في توزيع الكربون
وتستند الاستراتيجية الجديدة التي طورها الباحثون على تحسين استجابة النباتات للحرارة، من خلال التحكم في توزيع الكربون إلى الأنسجة المستقبلة للطاقة في المحاصيل، المعروفة باسم المصادر والمخازن.
وركز الباحثون على تعديل جين يُعرف باسم "إنفرتاز الجدار الخلوي" (CWIN)، وهو الجين المسؤول عن تنظيم العلاقة بين "المصدر" وهو الأوراق، و"المستقبل" مثل الثمار والحبوب.
ويساعد هذا الجين في تحويل السكروز الذي يتم نقله من الأوراق إلى الجلوكوز والفركتوز في الأنسجة المستقبلية، وهي السكريات التي تعد ضرورية لتغذية وتطوير الثمار والبذور.
وعندما يتعرض النبات لإجهاد حراري، فإن نشاط ذلك الجين ينخفض، مما يؤدي إلى فقدان التوازن بين المصدر والمستقبل في النبات ويؤثر سلباً على نمو الثمار وجودة المحاصيل.
لهذا السبب، قام الفريق بتعديل الجين عن طريق إدخال تسلسل جيني خاص داخل جينوم النبات، يتفاعل مع درجات الحرارة المرتفعة في أصناف الأرز والطماطم المتميزة، باستخدام تقنيات التحرير الجيني المتطورة.
زيادة الإنتاج
وأظهرت الاختبارات الميدانية على الطماطم تحت ظروف مختلفة من الزراعة، بما في ذلك الدفيئات والمزارع المفتوحة، أن الاستراتيجية الجديدة أدت إلى زيادة في الإنتاجية تتراوح بين 14% إلى 47% تحت الظروف العادية.
أما في ظروف الإجهاد الحراري، فقد ساعدت الاستراتيجية في زيادة الإنتاجية بنسبة 26% إلى 33% مقارنة بالمحاصيل غير المعدلة، كما استطاعت استعادة 56.4% إلى 100% من خسائر الثمار الناتجة عن الحرارة.
وفي ما يخص الأرز، أظهرت الأصناف المعدلة زيادة في الإنتاجية تتراوح بين 7% إلى 13% في الظروف العادية، بينما استطاعت الاستراتيجية استعادة 25% من الخسائر الناتجة عن الحرارة. تمكّن هذا النهج من إنقاذ ما يصل إلى 41% من الخسائر الناتجة عن الحرارة في حبوب الأرز.
ويقول الباحثون إن الاستراتيجية تُعد أداة فعالة ومتعددة الاستخدامات لتحسين المحاصيل بسرعة، من خلال إدخال عناصر تنظيمية استجابة للبيئة، وهي خطوة أساسية نحو إنشاء محاصيل ذكية مناخياً، كما يؤكدون أن هذه الاستراتيجية قد تم تطبيقها أيضاً على محاصيل أخرى مثل فول الصويا والقمح والذرة.
ويقول الباحثون إن الدراسة بمثابة قفزة نوعية في مجال تحسين المحاصيل الزراعية باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتوفر أملاً كبيراً في تطوير محاصيل قادرة على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، ما قد يساعد في تعزيز الأمن الغذائي العالمي وضمان قدرة البشر على إنتاج الغذاء اللازم في المستقبل.