الأدلة تشير إلى التأثير السلبي لسياسات التقشف في مجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية والصحية (غيتي)
عشتارتيفي كوم- اندبندنت/
كشفت دراسة جديدة أن تدابير التقشف التي تبنتها الحكومة الائتلافية في بريطانيا عام 2010 أسهمت بصورة كبيرة في زيادة معدلات الولادات المبكرة والمواليد المنخفضي الوزن.
وأفاد الباحثون بأن معدلات الولادة في اسكتلندا شهدت "ارتفاعاً ملحوظاً" في عدد الأطفال المولودين بحجم أصغر أو قبل موعدهم، خصوصاً في المناطق الأكثر حرماناً.
وأظهرت الدراسة التي نشرت في "المجلة الأوروبية للطب" European Journal of Medicine، تزايداً في حالات الولادات المبكرة وانخفاض أوزان المواليد خلال فترة تراوح ما بين عام إلى ثلاثة أعوام بعد تنفيذ سياسة التقشف، وكانت الولادات المبكرة السبب الرئيس وراء انخفاض الأوزان.
وارتفعت معدلات الولادات المبكرة في المناطق الأكثر فقراً التي تمثل 20 في المئة من السكان، بنحو 25 في المئة بعدما كانت تتناقص عاماً بعد عام قبل عام 2012.
وأشار الباحثون إلى أن "التغيرات المثيرة للقلق في الصحة العامة في المملكة المتحدة منذ بداية العقد الماضي، مثل تراجع متوسط العمر المتوقع وتفاقم الفجوات الصحية [بين المجموعات المختلفة من حيث الثروة أو التعليم أو الوضع الاجتماعي]، ترتبط بصورة كبيرة بسياسات التقشف التي تبنتها الحكومة البريطانية، والتي أثرت بعمق في الفئات الأكثر فقراً".
فيما أشارت الدراسة إلى أنه "مع استمرار سياسات التقشف حتى في ظل حكومة حزب العمال الجديدة، من المهم أن يدرك صناع القرار من جميع الأحزاب في المملكة المتحدة الأدلة التي توضح تدهور معدلات الولادات، وأسباب هذا التدهور وتأثيراته المستقبلية في صحة الأطفال والبالغين".
وتأتي هذه النتائج بعد تأكيد وزيرة الخزانة رايتشل ريفز، قبل إعلانها موازنة الخريف الأسبوع الماضي، أن المملكة المتحدة "لن تعود إلى سياسة التقشف".
وحذر اللورد آرا دارزي في تقرير حكومي صدر الشهر الماضي، أن سياسات التقشف ونقص الاستثمار جعلت هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) في أضعف حالاتها عندما ضربت جائحة كورونا، وأشار قائلاً "على مدار الـ15 عاماً الماضية، تعرضت هيئة الخدمات الصحية لثلاث صدمات كبرى، وهي التقشف ونقص التمويل وإعادة الهيكلة من الأعلى التي أحدثت ارتباكاً، ثم الجائحة التي ضربت النظام وهو في أضعف حالاته، وكانت اثنتان من هذه الصدمات نتيجة قرارات سياسية حكومية".
وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات في معدلات الولادات جاءت بالتزامن مع ارتفاع معدلات فقر الأطفال، نتيجة التخفيضات الكبيرة في موازنة الرعاية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة البريطانية.
وأكدت أن "الأدلة تشير إلى التأثير السلبي لسياسات التقشف (خاصة في المملكة المتحدة) في مجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية والصحية، بما في ذلك الاعتماد المتزايد على بنوك الطعام، وارتفاع التشرد، وتدهور الصحة النفسية، وزيادة معدلات الوفيات، تصبح الحاجة إلى تجنب سياسات التقشف مستقبلاً واضحة تماماً".
تم الاتصال بحزب المحافظين للتعليق.
وقال المتحدث باسم الحكومة "تسلط هذه الدراسة الضوء على التحديات الكبيرة التي ورثناها، ولهذا لن نعود إلى سياسات التقشف، إذ نهدف إلى تنشئة جيل أكثر صحة من أي وقت مضى، وسنعمل على معالجة الفوارق الصحية مع التركيز على الوقاية".
وأضاف "نحن نعمل من خلال فريق حكومي مشترك على وضع إستراتيجية شاملة لمكافحة فقر الأطفال، لضمان أفضل بداية حياتية ممكنة لكل طفل، كما نركز على مرحلة الطفولة المبكرة عبر مبادرات مثل توفير أندية إفطار مجانية في جميع المدارس الابتدائية".