البابا فرنسيس يستقبل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين

عشتارتيفي كوم- أخبار الفاتيكان/

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح السبت 22 أيار مايو في القصر الرسولي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والتي التقت بعد ذلك أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين يرافقه أمين السر للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير. وجاء في بيان لدار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي أنه قد تم خلال المحادثات الودية الإشارة إلى العلاقات الثنائية الجيدة والتي تطورت بفضل الحوار بين الطرفين والمبادرات الحالية لمناسبة مرور خمسين سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الكرس الرسولي والاتحاد الأوروبي. وتطرق اللقاء بعد ذلك إلى التنمية البشرية والاجتماعية للقارة الأوروبية وذلك أيضا في ضوء المؤتمر الذي أُطلق مؤخرا حول مستقبل أوروبا. وتابع بيان دار الصحافة أنه قد تم التطرق إلى قضايا ذات اهتمام مشترك مثل التبعات الاجتماعية للوباء، الهجرة والتغيرات المناخية، هذا إلى جانب التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط.

وقبل استقبال قداسة البابا فرنسيس السيدة أوروسولا فون دير لاين أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع رئيسة المفوضية الأوروبية والتي تحدثت أولا عن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والكرسي الرسولي اليوم عقب مرور خمسين سنة على إقامتها. ووصفت هذه العلاقات بالممتازة وتابعت أن السنوات الخمسين قد كشفت التناغم بين الطرفين. وشددت في حديثها على أن التعاون الجيد يقوم بشكل أساسي على تقاسم القيم ذاتها: العمل من أجل السلام، التضامن وكرامة الشخص البشري. وتحدثت رئيسة المفوضية عن متابعة أوروبا عن قرب لاهتمام الفاتيكان بعولمة التضامن، وهو موضوع يهم الاتحاد الأوروبي كثيرا. كما وأعربت عن الامتنان على اهتمام الكرسي الرسولي بالمؤتمر الخاص بمستقبل أوروبا، وتابعت أن هذه بعض العناصر القليلة التي توضح إيجابية وعمق العلاقات بين الطرفين.

وفي إجابتها على سؤال حول كيفية مواجهة الاتحاد الأوروبي للأزمة الصحية العالمية، مع الإشارة إلى تقاسم الاتحاد وإطلاقه نداء البابا فرنسيس من أجل توفير اللقاح ضد كوفيد 19 عبر مبادرة كوفاكس، قالت السيدة فون دير لاين أن لا أحد يمكنه أن يكون آمنا إن لم يتمكن الجميع من الحصول على لقاح فعال بأسعار ممكنة. وتابعت أن الاتحاد الأوروبي ورغم المصاعب التي واجهها لتوفير اللقاح قد ظل أمينا لمبدأ تخصيص نصف الإنتاج الأوروبي من اللقاح لتسعين دولة أخرى. أشارت أيضا إلى كون أوروبا من بين أكبر ممولي مبادرة كوفاكس، وأضافت أن أوروبا قد التزمت خلال قمة العشرين الصحية التي عُقدت في روما الجمعة 21 أيار مايو بتقديم 100 مليون جرعة من اللقاح لمبادرة كوفاكس، وشددت على أهمية توفير جرعات مجانية من اللقاح لعدم توفره في أماكن كثيرة. وتابعت أنه قد تم خلال القمة المذكورة تحقيق نجاح آخر، ألا وهو تعهد الشركات بيونتيك فايزر، جونسون آند جونسون وموديرنا بتسليم مليار و300 مليون جرعة من اللقاح خلال العام الحالي وذلك مجانا للدول محدودة الدخل وبأسعار مخفَّضة للدول متوسطة الدخل. شددت رئيسة المفوضية بالتالي على أن لدى كلٍّ من التصدير والهبات والشراكة الصناعية أولوية هي تأسيس بنى لإنتاج اللقاح في أفريقيا وهو ما يعمل عليه حاليا الفريق الأوروبي مع الشركاء الأفارقة.

ثم تطرقت المقابلة إلى قضية البيئة والتي يعتبرها البابا فرنسيس من التحديات الملحة اليوم، وأعربت أورسولا فون دير لاين عن الشكر على ما وصفتها بهبة الرسالة العامة "كن مسبَّحًا"، وأيضا على ما منحت هذه الوثيقة من تحفيز على حماية الكوكب والطبيعة والمناخ. وأشارت في هذا السياق إلى أن الاتفاقية الخضراء الأوروبية هي أولى وأهم قضايا مهمتها كرئيسة للمفوضية الأوروبية، وأضافت أن أوروبا ستكون أول قارة ذات حياد مناخي وذلك سنة 2050 بينما هناك اليوم أول قانون أوروبي حول المناخ. ويعني هذا حسب ما تابعت فون دير لاين أن أوروبا لم تحدد أهدافا فقط، بل وتُصدِر قوانين تساعد تدريجيا على بلوغ الحياد المناخي وتقليص انبعاثات غازات الاحتباس بحلول عام 2030. وتحدثت في هذا السياق عن ضرورة تحمل المسؤولية إزاء أبنائنا وأحفادنا، وأصافت أن الاتحاد الأوروبي يقوم بدوره ويعمل من جهة أخرى على دفع العالم على هذه الدرب. كما وأعربت عن السعادة لتحديد دول مثل كوريا الجنويبة، جنوب آفريقيا، اليابان، الصين والولايات المتحدة أهدافا لبلوغ الحياد المتاخي، وأكدت هنا مجددا قناعتها بأن الرسالة العامة "كن مسبَّحًا" كانت نداءً من أجل الاستيقاظ.

وفي ختام المقابلة التي أجراها معها موقع فاتيكان نيوز، قبل استقبال البابا فرنسيس لها السبت 22 أيار مايو، أجابت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على سؤال حول دور الدين وخاصة المسيحية في أوروبا اليوم، فقالت إن المسيحية متجذرة بعمق في أوروبا حيث تُلمس يوميا القيم المسيحية كأصول. وتابعت أنه حين نتحدث عن السلام وكرامة الإنسان، دولة الحقوق، التضامن والرحمة فإننا نلمس الأصول المسيحية وأيضا عمق تداخلها في زمننا. وأضافت أنه وأمام الاستقطاب والشعبوية والقومية هناك معنى هام لقوة الدين الكبيرة والموحِّدة من أجل التلاحم والمصالحة، وهذا عنصر موحِّد يمنح القوة لمواجهة الحياة اليومية، وفي المقام الأول الجهود التي تنتظرنا.