الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      الثقافة السريانية وفرقة شمشا للتمثيل يحتفيان بيوم المسرح العالمي- عنكاوا      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      الثقافة السريانية تهنئ المسرحيين السريان بيومهم العالمي      القداس الالهي بعيد بشارة العذراء مريم بالحبل الالهي‏ - كنيسة ام النور في عنكاوا      البطريركية الكلدانية تلغي المظاهر الخارجية للاحتفال بعيد القيامة      بمشاركة مدير قسم الدراسة السريانية في تربية البصرة .. وفد مشترك يقدم محاضرات توعوية وهدايا لطلبة المدارس      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية افزروك شنو      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024      ليس العمر.. ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"      الاتحاد الاسباني يرفض تخفيف عقوبة تشافي      انفوجرافيك.. عيد القيامة والبيض الملون      توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي)
| مشاهدات : 713 | مشاركات: 0 | 2020-12-21 10:12:14 |

وِلادات يسوع الأربعة

وردا أسحاق عيسى القلًو

 

يسوع المسيح هو إله في إله منذ الأزل . لا يجوز أن يوجد من دون الآب ، ولا الآب من دونه ، بل وجد الأثنان معاً منذ الأزل ، والله الآب خلق كل شىء به لأنه أقنوم الكلمة الألهي الناطق لللآب ( اللوغس ) الخالق لكل شىء . لهذا المسيح يعَبّر عن ذاته لليهود ، فيقول ( أنا قبل أبراهيم ) ، لم يقل أنا كنت قبله ، بل هو كائن قبله ، أي خالقه ، فعلينا أن نفهم سّر الشراكة الأزلية بين الآب والإبن الذي كان في حضن الآب " يو 1 : 18 " . يسوع الكلمة هو صورة كاملة لله كمالاً مطلقاً ، أي هناك إتحاد دائم مابين الأقنومين . كذلك هناك تساوي في تلك الوحدة ، وفي جوهرها . فكلمة الله اللوغس يحمل طبيعة الله منذ الأزل ، وهي ولادة أزلية وأبدية ، لذا قال يسوع عن نفسه ( أنا في الآب والآب فيّ ) والله الذي خلق الإنسان بسبب محبته تمرد المخلوق على خالقه فانقطعت العلاقة . لكن محبة الله للبشر أستمرت ، لهذا كان مفتاح سّر التجسد هو حب الله ، و ( الله محبة )  ومحبة الله لا تضعف أو تسقط مع سقوط الإنسان . وهذه المحبة تنير لنا الطريق لفهم خطة الله لخلاص البشر من خلال سّر تجسد أبنه الوحيد . وللحب منطق لا يدركه عقل إنسان ، وحب المسيح هو فوق كل حب ، إنه التضحية من أجل الآخر ، وقد علّمنا هذا الدرس بقوله ( ليس لأحد حب أعظم من هذا : أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه ) " يو 13:1" 

ولأن تضحية الإنسان لا تستطيع أن تدفع خطيئته للعدل الإلهي ، لهذا فحركة التجسد كانت حتمية لخلاص البشر . لأن غاية التجسد كان لردم الهوّة بينه وبين البشر . كانت هاوية عميقة ودائمة ، ولولا المبادرة الإلهية لأستحال على الإنسان أن يجتاز تلك الفجوة بقدراته الذاتية للوصول إلى الله . فتجسد " عمانوئيل " فعاد الله ليكون معنا . في ولادة جديدة زمنية حدثت في ملء الزمان " غل 4:4 " لم يقتصر التجسد في مريم العذراء ، بل ولد في كل إنسان ، كما أعطي الشرف للإنسان أن يلد خالقه ، أو يلد من وَلَدَهُ ، إنه إنقلاب الأدوار حدث في المسيحية ، فعلينا أن نقلب مفاهيمنا أيضاً لنفكر بطريقة جريئة لكي نفهم أمور كثيرة لم تكن مفهومة . والآية تقول ( ... كل شىء ممكن للذي يؤمن ) " مر 23:9 "  . وعلينا أن نعلم بأن للمسيح ولادات كثيرة نختصرها بما يأتي : 

ولادته الأزلية من الله الآب : هذه الولادة تحمل طابع آخر لا تشبه الولادات البشرية ، فعلينا أن نفهم ما نقوله في قانون الإيمان عبارة ( المولود من الآب قبل كل الدهور ) وهنا لا يحدد زمناً لوجود المسيح كأقنوم ثاني ، بل هو موجود منذ الأزل مع الآب ، ولا يمكن للآب أن ينفرد بوجوده ولو للحظة من دون الإبن ، لأن الإبن هو الكلمة الموجود في الله الآب منذ الأزل . وأبرز آية نفهم منها أزلية المسيح مع الآب هي الآية الأولى من أنجيل يوحنا ( في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ) " يو 1:1 " والمقصود هنا بلفظة " البدء " هو الأزل بدون أي تحديد زمني لوجوده . فالمقاطع الثلاثة في الآية توضح لنا آلوهية المسيح وأزليته لأن به خلق الله الآب كل شىء " يو 3:1 " فهذا هو الميلاد الأول الأزلي للمسيح من الآب والذي شاطره في اللاهوت والجوهر . فبما أنه موجود مع الآب منذ البدء ، إذاً لا يمكن أن يكون مخلوقاً كما يدّعي البعض ، بل هو إلهاً أزلياً أعطاه الآب كل ملء اللاهوت ، لهذا نرى كلمة " الملء " تتكرر في الأنجيل منها ( طالع يو 16:1 و قول 19:1 و 9:2 " وهكذا أعطاه جوهر اللاهوت كله ليكون مساوي له في الجوهر . كما إنه مساوي للآب في القدرة ، يقول القديس هيلاري ( إن له طبيعة الآب الكلية القدرة ) . وهو قال لتلاميذه بعد القيامة ( دفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض ) " مت 18:28 " . و ( كل ما للآب هو لي ) " يو 15:16 "   . 

ولادته من مريم العذراء : تجسد المسيح كان مطلوباً لإتمام خطة الله لخلاص البشر ، فتجسد وصار إلهاً متجسداً ، وبعد تجسده في مريم العذراء وولادته منها ظل محافظاً على طبيعته الإلهية ، لهذا تقول الآية ( فإنه فيه سر الله أن يحل كل ملئه ، وأن يصالح به كل شىء مع نفسه ) " قول 19:1" . أما الرسول يوحنا فكتب ( ... والكلمة صار جسداً وحل بيننا ... ) " يو 14:1 " حرف الواو تسبق " الكلمة " تعني أن هناك كلام آخرما قبله ، نجده في الآية الأولى من نفس الإصحاح وهي ( الكلمة هو الله ) أي أن الله صار جسداً وظهر بيننا ، وعندما صار إنساناً لم يفقد ولو للحظة على أن يكون كلمة الله ( اللوغس ) ، إتخذ جسداً لكي نراه ، وعلى ذلك الجسد حمل خطايانا كإنسان كامل ، فعلينا ان نؤمن بأنه إله كامل ظاهر في الجسد وكما تقول الآية ( الله ظهر في الجسد ) وهذا هو جوهر عقيدتنا . في العهد القديم كتب ( ... لأنه لا يراني الإنسان ويحيا ) " خر 20:33 ) أما في العهد الجديد فحدث العكس ، فكل من يراه يحيا على مثال الحية النحاسية ( عد 9:5 ) . وكيف يستقر ملء اللاهوت في طفل صغير مولود من إمرأة ؟ هذا هو الّسر الذي لا يفهمه الغير المؤمن ، بل هو تحدي كبير ونقطة الخلاف الكبرى مع غير المسيحيين ، كيف يمكن للإنسان المحدود أن يحتوي الله اللامحدود ؟ العذراء ولدت الإله المتجسد فيها ، لكننا نقول لم تلده بمفردها ، بل أشترك في هذه الولادة كل الشعب العبري الذي كان ينتظر مجىء المسيا ، فتحقق حلمهم في شخص مريم التي تمثل ايضاً كنيسة العهد الجديد أي مَثلت العهدين . 

ولادة المسيح في كل إنسان : يمكن القول إن تمخض العذراء وقت ولادتها ليسوع كان تعبيراً لتمخض الأرض كلها لتلد المخلص ، لم يأت ليحل في جسد مريم فقط ، بل في كل إنسان . يسوع تسلم ملء اللاهوت من الآب كخطوة أولى ، وفي الخطوة الثانية تستوعب البشرية الإله المتجسد في ذاتها ملء اللاهوت الذي كان في الكلمة ليحل في جسد كل إنسان . وفي الخطوة الثالثة ، الملء الذي في المسيح يوهَب لنا نحن البشر لكي يجعلنا شركاء له في لاهوته ، لهذا تقول الآية ( فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً وأنتم مولودون فيه ، الذي هو رأس كل رئاسة وسلطان ) " قول 9:2 " فكما إنه مملوء من اللاهوت هكذا نحن أيضاً ، والملء الذي فيه قد وهِبَ لنا عندما جعلنا أعضاء في جسده ( الكنيسة ) فما يحل في رأس الكنيسة ، يحّل في باقي الأعضاء ، لأنه رأس الجسد ، وهذا أيضاً هو سّر من أسرار التجسد . إذاً لم تكن ولادة المسيح من العذراء هدفاً لذاتها ، بل تمّت حتى يولد فيه كل إنسان وشاركه في الملء الذي فيه . لهذا تقول الآية ( فمن ملئه نلنا بأجمعنا ، وقد نلنا نعمة على نعمة ) " يو 16:1 " وهذا يعني أن إمتداد التجسد في كل إنسان مؤمن هو الهدف الأساسي في تجسد المسيح ، بتجسده دخل العنصر الإلهي في الإنسان القديم . ومن تلك اللحظة بدأت البشرية مرحلة جديدة في مسيرتها مع الله ، يمكن أن نطلق عليها المرحلة الإلهية ، فعلينا إذاً أن لانُقّيم أنفسنا بمعاييرالبشر الغير مؤمنين ، لأننا الآن أكثر من بشر ، لأن الله يسكن فينا من خلال المسيح ( الكلمة صار بشراً فسكن بيننا ) " يو 14:1 " فصارت الإنسانية هيكلاً لله ، فلم يكن مشروع التجسد إلا خطوة أولى لتأليه البشرية كلها لكي تصير أولاداً لله " يو12:1 " . مفهوم الله والإنسان في المسيحية ليس كباقي الأديان التي تكتفي بمجرد الإيمان بالله الموجود في السماء ، بل تؤمن بالله في الإنسان ، وهو الذي يفجر بداخل المؤمن ما هو كامن وقائم بالفعل ، وهذا لن يتم إلا من خلال الإيمان الذي يسيطر على طاقات كبيرة موجودة في الإنسان الذي ( عمانوئيل ) معه ، فبالله الذي معي أستطيع كل شىء في من يقَويني . 

هل هناك ولادة رابعة للمسيح ؟ بعد أن تناولنا ولادته الأزلية من الآب أولاً وولادته من العذراء ثانياً ، وتجسده في البشرية كلها ثالثاً ، فهل سيظهر المسيح ليتجسد مرة أخرى في عالمنا ؟ في الحقيقة ، البشرية والطبيعة كلها تنتظر يوم تجسد المسيح الرابع ( أش 4:34 و 22:66 . رو 8 و 2 بط : 12-13 ) فالبشرية تتجه من خلال التجسد إلى تحقيق إمتلاء المسيح في اليوم الأخير عندما يأتي على الغمام مع ملائكته القديسين ، والذي سيسبقه الصليب المضىء ( علامة أبن الإنسان ) " مت 30:24 "  كما سبق ظهور النجم المضىء للمجوس  قبل وصولهم إلى مكان مولد المسيح . في ذلك اليوم تبلغ فيه البشرية والطبيعة كلها قامتها الكاملة ، بالتجدد الشامل ، ليس للإنسان فقط ، بل للجماد والنبات والحيوان . كلها تتقدم باستمرار إلى النهاية ، إلى ولادة جديدة ، بل إلى عالم جديد ، وأرض جديدة ، حينذاك سيعلن المسيح رغبته في أن يولد مجدداً بكل ملء لاهوته ، وبكل أبعاد كيانه ، في كل إنسان وفي الطبيعة الجديدة ، فيستمر الإنسان مع الطبيعة في حالة تمخض ، كما فعلت قبل التجسد . ننتظر مجىء المسيح في الولادة الأخيرة ( الرابعة ) إنه الميلاد الأخير ، لكل إنسان وللكون كله ، لهذا قال ( هاءنذا أجعل كل شىء جديداً ) " رؤ 5:21 " . عالم جديد ... أرض جديدة .. وسماء جديدة ، فعلينا أن نستعد للميلاد العظيم لكي نولد نحن فيه وهوفينا .  

ليتمجد إسم يسوع القدوس  

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6201 ثانية