كنت طفلاً صغيراً، اختلف عن الجميع، لم اكن محباً لإفلامِ ومسلسلاتِ الكرتون، كباقي الأطفال، ولا أشاهد التلفاز إلا نادراً، وفي يومٍ من الأيام، مررت بجانب التلفاز، فشاهدت كرتوناً يعرض على احدى المحطات، فجلست لمشاهدته، كان اسمه (القناع) تتلخص هذه القصة بالبطل الذي يدعى (سامح)، لديه قناعاً خشبياً يستعمله بين فترة وأخرى للتبديل بين شخصياته، فكل لحظة تتغير شخصيته، والظريف إنه لم يستعمل قناعه إلا لفعل الخير، ومساعدة الناس، تعلقت به كثيراً، ولم اترك حلقةً من حلقاته إلا وشاهدتها، تمنيت كثيراً اني اعيش داخل المسلسل؛ لتعلقي به.
مرت الأيام، وركضت السنين، ومضى العمر، وتعايشت مع العديد، وصاحبت الكثير، وإذا بذلك المسلسل الكرتون يتكرر امامي، تحققت امنيتي في الصغر، فعشت بداخل المسلسل، لكن تفاجأت بالواقع، لإنه مختلفاً جذرياً، فالقناع اصبح اقنعة، والأغلب تحول لسامح صاحب القناع، ليس الشهم ومحب الخير، بل تحولوا لسامحٍ شريرٍ، يتحدث معك بكلام معسول، ويكيد لك بالشر، يلمع كلامه ليجعله افضل ما يكون، وفي داخله شراً وحقداً لو خرج لقتلك، يكرهك دون اي سسبٍ.
كم رجوت العودة للصغر، لإقتل تلك الأمنية، التي تحققت دون باقي الأمنيات، ففي زمننا تغير كل شيء، وضاع الصدق، وقلت الطيبة، وشاع النفاق، وكثرت المجاملة، وماتت الرحمة، وتفشت العداوة، وترعرعت البغضاء، وسامح لم يعد سامحاً كما عهدته.