يمر العالم اليوم بكارثة وبائية غير مسبوقة ، وقد إجتاح كوفيد-19= معظم سكان المعمورة وأوقع أكثر من مليون ومائتي الف إصابة وأكثر من سبعين الفاً من الضحايا حتى الآن ، والآتي أعظم وأخطر ويقف العالم عاجزاً حتى اللحظة أمام هذا الفايروس ، ولم يتوصل العلماء والباحثين لإيجاد الدواء الناجع أواللقاح الذي يقي من المرض وقد أصبحت بعض المدن (مدن اشباح) لفرض منع التجوال إلا للضرورة القصوى ، وتتباين شدة الإجراءات حسب كارثية المدن والقصبات .
وفي خضّم هذا الوضع والخوف والهلع ، تبدلت النظرة إلى الحياة وتبين مدى ضعف الإنسان وهشاشته أمام فايروس لا يعتبر كائناً حياً بالمفهوم العلمي إلا إذا دخل وإستقر في خلية حية ، فإندفع الناس للصلاة والطلب بحرارة من ربّ الأرباب الخلاص من هذه الكارثة الإنسانية ، وينتقل هذا الفايروس بسرعة كبيرة كما تنتقل النار في الهشيم .
فلماذا نصلي ؟
فالصلاة هي الرابط بين الخالق والمخلوق وهي مناجاة ميتافيزيقية غير مرئية ينتابها العمق والخشوع والتواضع مع ما وراء الطبيعة ، وهي طلبات الأخذ وطلب المساعدة ، في الوقت الذي نكون فيه غير متصالحين مع الله ، وكنا غارقين في الملذات والأرضيات والأشياء المادية ، وعند الملماة نتذكر الله طالبين منه العون والمساعدة لعجزنا وضعفنا .
قال المسيح له المجد ، اطلبوا ملكوت الله وبره اولاً وبقية الأشياء تعطى لكم ، لأن الأب السماوي أعلم بإحتياجاتكم ، يوفرها لكم قبل أن تطلبوها وحسبما يرتأيه وحسب حكمته .
ربما هذا الوباء يعيد من إبتعد عن جادة الصواب ، وكل من سار في طريق الشر والإثم والكبرياء ، او يعيد للشعوب المتخاصمة الأمن والسلام الذي فقدوه ، وقد يعيد للأسرة روابطها التي فقدتها بفعل مشاغل الحياة ودوّامتها ، التي فرضتها التكنلوجيا والتقدم العلمي الذي بات عاجزاً حتى اللحظة أمام هذه الجائحة .
الصلاة هو الطريق الصائب لطلب المغفرة من الله ليمنحنا برّه وملكوته ولكن لماذا نصلي فقط عند الضيقات ؟ لماذا لا تكون نهجاً للحياة دوماً ؟
علينا أن نصلي دائماً ونشكر الله على كل شيء ، ليس فقط عند اليسّر بل عند الشدائد أيضاً ، ونقول له : لتكن مشيئتك يا رب ، فأنت أدرى منا ،وقد يكون ما نطلبه لا يصبّ في مصلحتنا في نهاية المطاف ، ولكن لنا الأمل بأنك الأب الحنون المحبّ لخليقتك ، لذلك خلقتهم ، فأنت من خلقت الكون ومن فيه ، وخلقت العلماء والحكماء ، فانت حكيم الحكماء وطبيب الاطباء ، مدّ يدك القدوسة وإشفِ كل مريض وإرحم الموتى برحمتك الواسعة ، واعطِ غير المصابين الوقاية والسلامة من لدنك ، وفي النهاية لتكن مشيئتك لا مشيئتنا نحن . آمين .