في رسالة لغبطة البطريرك الكاردينال مار لويس ساكو الى رئيس البرلمان العراقي حول تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا،طالب فيها اعادة صياغة مشروع القانون، بما يتفق مع الدستور الذي يضمن حقوق المسيحيين والمكونات الأخرى.ومن الغريب ان الحكومات السابقة والحالية لم تتعض من اخطاء الماضي،حيث ان فرض التشريعات الأسلامية على المجتمع العراقي يأتي بكوارث على الجميع دون استثناء، ان التشبث بالشريعة الأسلامية في سن القوانين يؤدي الى تمزيق المجتمع، لأن الكيل بمكيالين لن يفيد الدولة العراقية التي تتكون من اديان وقوميات مختلفة،ان المجيء بخبراء الشريعة الأسلامية من الوقف الشيعي والسني وتعينهم في الهيئة القضائية للمحكمة الأتحادية، يعني بداية التحول الى دولة دينية وهذا يتناقض مع الدستور العراقي الذي يحمي جميع المكونات.
ثم ان التحول الديمقراطي الذي تأمله العراقيون بعد سقوط الصنم لم يكن الهدف ان ناتي بدولة دينية تشرع القوانين حسب ما تريد الأغلبية الدينية، لأن ذلك يتنافى مع الدولة الديمقراطية،ثم ان تشريع قوانين بصبغة دينية سوف يزيد من التطرف الديني على حساب المكونات الأخرى،لقد كان بالأحرى بالمسؤولين في الحكومة والبرلمان ان يتعضوا مما جرى في العراق نتيجة التطرف الديني الذي مارسته التنظيمات المتطرفة من داعش والقاعدة وغيرها، بسبب المناهج والكتب التي تروج الى فرض المعتقدات الأسلامية على الأخرين.
ان اثار الدمار لا زالت ماثلة في الموصل والأنبار وصلاح الدين ولا زالت الألاف من اليزيديات مفقودات او اسيرات بيد داعش،ثم يعين مجلس النواب خبراء في المحكمة الأتحادية من الفقه الشيعي والسني، فماذا تتوقعون ان ينصحوا قضاة المحكمة الأتحادية؟، انهم سوف ينصحون بتطبيق ما موجود في الكتب الدينية والفقه الأسلامي الذي يريد فرض التشريعات الأسلامية على المكونات الأخرى،وهذا يتنافى مع العدالة وحقوق الأنسان،فاذا كان الهدف الأستشارة لماذا لم يعين خبراء من المكونات الدينية الأخرى من المسيحيين والصابئة والشبك واليزديين،ان التشريعات التي يحاول مجلس النواب اصدارها يجب ان تراعي طبيعة المجتمع العراقي المتنوع ويراعي معتقدات الأخرين ويعمل من اجل الديمقراطية التي دفع العراقيون مئات الألاف من الشهداء من اجلها،لذلك يجب الأبتعاد عن ادخال الدين في القوانين الوضعية لكي نبني مجتمع صحي يعمل من اجل البلاد ونترك الدين في اماكن العبادة فقط ولا نجعل الدين السبب في التناحر بين مكونات الشعب. ان رسالة غبطة البطريرك تدعو الى تطبيق العدالة والى تمتين العيش المشترك لكي يعم الأمن والسلام في البلاد،لأن الدولة الدينية فشلت في السابق وتفشل الأن وفي المستقبل، فهل يستمع المسؤولون الى صوت الحق ام يستمروا في هذه المناهج المتحيزة والتي تؤدي الى تدميرالمجتمع العراقي عاجلا او اجلا.
والله من وراء القصد.......
وللأطلاع على رسالة غبطة البطريرك الكاردينال مار لويس ساكو الذي نشرها موقع البطريركية يرجى الضغط على اللنك التالي