

قد يبدو السؤال "من هو مرشحك المفضل؟" بسيطًا، لكنه في حقيقته بوابة لتحليل عميق لقيمنا، وأحلامنا للمستقبل، ومعاييرنا في تقييم القائد أو الشخصية المؤثرة. إنها عملية لا تقتصر على صناديق الاقتراع السياسية فحسب، بل تمتد لتشمل مرشحنا المفضل في الحياة، في الرياضة، في الأدب، أو حتى في بيئة العمل. إن اختيار "المفضل" هو في جوهره ميزان دقيق يزن الطموح بالواقع، والشخصية بالإنجاز.
في بحثي عن المرشح المفضل، أجد نفسي أمام لوحة واسعة من المعايير، أهمها ثلاثة محاور أساسية لا يمكن التنازل عنها: الرؤية، الكفاءة، والأخلاق.
أولاً: الرؤية (بوصلة المستقبل)
المرشح المفضل ليس ذلك الذي يعد بأفضل ما لدينا الآن، بل الذي يرسم صورة واضحة ومقنعة لما يجب أن نكون عليه غداً. إنه شخص يمتلك رؤية استراتيجية تتجاوز الحلول السطحية والوعود اللحظية.
أن المرشح المثالي أو المفضل ليس هو الشخص الذي يقدم وعودًا تتعلق بتحسين الأوضاع الحالية السطحية فقط، أو يستغل ما هو جيد بالفعل في الحاضر لصالحه. بل هو الشخص الذي يتمتع بـ رؤية استراتيجية بعيدة المدى تتجاوز اللحظة الراهنة وتطلعاتها المحدودة.
ويمكن تفصيل معناها في النقاط التالية:
باختصار، المقولة تدعو إلى اختيار القادة الذين يمتلكون رؤية ثاقبة للمستقبل، والذين يلهمون الناس للسعي نحو هدف أعلى وأفضل، بدلاً من أولئك الذين يقدمون حلولًا ترقيعية أو وعودًا فورية تخلو من التخطيط العميق.
القدرة على التفكير خارج الصندوق تعني تجاوز الأفكار التقليدية والنظر إلى المشكلات من زوايا جديدة، حيث يتطلب الأمر تحديد نقاط الضعف الجذرية في الأنظمة وتقديم حلول مبتكرة لا تعتمد على الحلول السطحية أو "الترقيع". يشمل ذلك تحدي الافتراضات المعتادة، والتحلي بالجرأة لتجربة أفكار غير مألوفة، واستخدام المنطق بأساليب غير تقليدية لإيجاد حلول إبداعية.
تحليل المفهوم
باختصار، التفكير خارج الصندوق هو عملية عقلية إبداعية تهدف إلى إحداث تغيير جوهري عن طريق فهم المشكلات بعمق وابتكار حلول جذرية وغير تقليدية، بدلاً من الاكتفاء بالحلول السريعة أو المؤقتة.
أن القائد أو الشخص المفضل هو الذي يُلهم الناس ويحفزهم من خلال زرع الأمل في نفوسهم وتشجيع قدراتهم الكامنة، بدلاً من التركيز فقط على المكاسب المادية والمادية. يجب أن تكون رؤيته بمثابة "جسر" يربط بين أحلام الناس وجهودهم لتحقيقها، وليس مجرد منطق حسابي للمكسب والخسارة.
ثانياً: الكفاءة (أداة الإنجاز)
الرؤية بلا قدرة على التنفيذ تبقى حبراً على ورق. المرشح المفضل هو شخص يمتلك سجلاً حافلاً بالخبرة والمهارة الضرورية لتحويل الأفكار إلى واقع ملموس.
ثالثاً: الأخلاق (الركيزة الصلبة)
يبقى هذا المحور هو الأهم، فالسلطة دون ضمير هي آفة. المرشح المفضل هو من يضع المبادئ فوق المصالح الشخصية أو الفئوية.
خلاصة القول
إن مرشحي المفضل ليس بالضرورة شخصية موجودة الآن بأكمل صورها في واقعنا، بل هو نموذج يجسد هذه الموازين الثلاثة مجتمعة. هو من يجمع بين حكمة الماضي، وواقعية الحاضر، وجرأة المستقبل. في النهاية، اختيار المرشح المفضل هو قرار شخصي يعكس أولويات الناخب، وهو شهادة على أننا كأفراد ومجتمعات لم نعد نرضى فقط بالحد الأدنى من الوعود، بل نطمح إلى القيادة التي تلهم وتحقق وتعمل بشرف.
إنني أصوت لمن يرى في المنصب مسؤولية قبل أن يراه مغنماً، المرشح المثالي هو الذي ينظر إلى المنصب العام على أنه تكليف وواجب لخدمة الناس وحل مشاكلهم، وليس فرصة لتحقيق مكاسب شخصية أو مالية أو نفوذ غير مشروع.ومن يدرك أن قوته الحقيقية تكمن في خدمة من يمثلهم، وليس في التسلط عليهم ،القوة الحقيقية للمسؤول تكمن في مدى قدرته على خدمة الشعب الذي يمثله والعمل من أجل الصالح العام، وليس في استخدام السلطة للتكبر أو فرض السيطرة أو الاستبداد بالقرار على الناس.هذا الشخص يمنح صوته وثقته وتفضيله للمرشح الذي يجسد هذه المبادئ، معتبراً إياها المعايير الأساسية لاختيار من يمثله في أي منصب كان.وينبغي أن يتمتع المرشح بالقيادة المتواضعة، المخلصة، والخدمية التي تضع مصلحة المجتمع فوق كل اعتبار آخر. هذا هو المرشح الذي يستحق ثقتي وتفضيلاتي.