قال الرب ( أنا أنا هو ماحي ذنوبك لأجل نفسي ، وخطاياك لا أذكرها ) " إش 43 "
الإعتراف ياتي بعد التوبة ، والتوبة تغير الذهن والقلب والتفكير . تأتي التوبة بعد قرار شخصي يبدأ من ذهن الإنسان ، وقلبه ، وذلك لكي يقترب من الله الذي هو محور حياة كل إنسان . التوبة هي التخطي نحو الأمام دون النظر إلى الخلف ، كلما إقتربنا إلى الله بتوبتنا رأينا خطيئتنا أكثر وضوحاً فنَتجه إلى التوبة أكثر .
الكاهن هو وكيل الله المرئي ، فالإعتراف عند الكاهن هو إعتراف عند الله الذي يعطينا الحل على لسان الكاهن . فمنذ البدء كان هناك وسيط بين الله والإنسان وهو الكاهن المنتخب من قبل الله ، فدانيال النبي إعترف لله عن أخطاء شعبه ، قائلاً ( أخطأنا وأثمنا وعملنا الشّرَ قدامك وتمردنا وحدنا عن وصاياك ) " دا 5:9 " . ونحميا النبي أيضاً أعترف قائلاً ( إني أنا وبيت أبي قد أخطأنا ..) " نح 1: 6-7 " . كذلك نقرأ في مزمور التوبة ( لك وحدك أخطأت والشر قدامك صنعت ) " 4:51 " . أما يوسف الصديق فقال ( كيف أفعل هذا الشرّ العظيم وأخطىء أمام الله ) " تك 9:39 " . في العهد القديم أيضاً وبحسب الشريعة الموسوية ، يقر التائب بخطاياه أمام الكاهن بعد أن يأتي بذبيحة لإثمه للرب ( طالع لا 5:5-6 ) وفي ختام العهد القديم كل الذين تقدموا إلى معمودية التوبة أمام يوحنا المعمدان ( إعتمدوا منه معترفين بخطاياهم ) " مت 6:3 " .
في العهد الجديد كان الذين آمنوا بالرب يسوع يأتون فيعترفون بأعمالهم ( أع 18:19 ). ذهاب الإبن الضال إلى والده لكي يقر ويعترف أمامه ، ومنه يلتمس الغفران ، ووالده هو رمز الأب السماوي المحب والغافر للخطايا . يقول الكتاب ( رجع إلى نفسه ) " لو 17:5 " . الرجوع إلى النفس والإعتراف مع الذات أولاً بأنه خاطىء لكي يدين نفسه قبل أن يدين الآخرين الذين قد دفعوه إلى إقتراف الخطايا . فالخطوة الأولى للإعتراف هي شكوى النفس من النفس ، وهكذا يتم إكتشاف كل الخطايا بدقة في جلسة خاصة مع النفس ، ومن ثم إعلان القرار الخارج من صميم القلب لترك الخطيئة بإقناع داخلي ، ورسم خطة جديدة لحياة جديدة طاهرة بعد الإعتراف عند الكاهن ، مع تلاوة الصلوات الخاصة لكي لا يعود للخطيئة ، بل ينمو في الفضائل لكي يتقدم نحو الكمال المطلوب من الله ..
لأجل التوبة الحقيقية والعزم للمصالحة والإعتراف علينا أن نقتدي بالإبن الشاطر الذي حاسب نفسه أولاً ومن ثم قرر بإعلان توبته ،
الرب يحكم بالعدل وينصف جميع المظلومين ... أطلع موسى على طرقهِ ، وبني إسرائيل على أفعاله ... الرب رحيم ورؤوف ... بطىء الغضب ووافر الرحمة .. لا يسخط إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر ... لم يعاملنا بحسب خطايانا ، ولم يجازينا بحسب آثامنا . . مثل إرتفاع السموات فوق الأرض .. تعاظمت رحمته على متقيه . وكبعد المشرق عن الغرب أبعد عنا معاصينا ) " مز 103 " .
عندما إختار يسوع بولس إناءً ينقل عن طريقه الرسالة إلى شعوب الأمم ، أمرهُ أن يتوجه إلى حنانيا الذي كان كاهناً معداً لتعميد المؤمنين بالرب ، ومعلماً لكلمة الإنجيل لكي يتعلم منه شاول الحق ، لهذا قال يسوع لشاول ( قم إدخل المدينة ، فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل ) " أع 6:9 " . من الكاهن حنانيا إستلم شاول التعاليم والوصايا ، وليس من الرب مباشرةً ، لكي لا يصبح شاول مثلاً سيئاً في الإعتماد على نفسه في التعليم ، وهكذا بعد عماده على يد حنانيا ذهب إلى أورشليم عند الرسل مع برنابا لكي يحلون مشكلة عماد الأممين المؤمنين .
الرب يسوع وضع مفاتيح ملكوت السموات بيد الرسل ، وقال لهم ( ما حللتموه على الأرض يكون محلولاً في السموات ) " مت 19:16 " ( يو 20 : 22-23 ) .
قال مرقس الناسك ( نحن لا ندان بسبب تعدياتنا ، بل بسبب رفضنا للتوبة ) . كما قال أيضاً ( ليس أحد صالح ورؤوف مثل الله ، ورغم ذلك فهو لا يغفر لمن لا يتوب ) .
الكاهن الجالس على كرسي الإعتراف ينتظر التائبين ليسمع إعترافات الخطيئة ومن ثم يعطي لهم الحل والغفران ، كما ينال المعترف من الكاهن الوصايا والتأديبات بحسب قوانين الكنيسة ، مع نصائح أبوية ، بعدها يتقدم إلى التناول لكي يغسل خطاياه بدم المسيح الغافر كالقديسين الذين ( غسلوا ثيابهم وبيضوها بدم الحمل ) " رؤ 14:7 " . فدم يسوع يطهرنا من كل خطية ( 1 يو 7:1 " .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"